-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الاحتراق الوظيفي داء العصر.. يغرق عمالا في الضغوطات النفسية

نسيبة علال
  • 1524
  • 1
الاحتراق الوظيفي داء العصر.. يغرق عمالا في الضغوطات النفسية

بسبب كثرة الضغوطات النفسية والاجتماعية، وتدهور ظروف العمل إلى أسوإ حالاتها في معظم المؤسسات العمومية والخاصة في الجزائر، يعاني اليوم أكثر من نصف عدد العمال من ظاهرة الاحتراق الوظيفي، التي أصبحت عارضا خطيرا وشائعا يهدد حتى أكثر القطاعات حساسية، التعليم والصحة..

بدءا بالرحلة المملة التي يسلكها أغلب الموظفين الجزائريين للوصول إلى مقر العمل، بما فيها من ازدحام ونقص في المواصلات، واكتظاظ ومشاكل في وسائل النقل، مرورا بالإجهاد الذهني والبدني الذي يفوق أحيانا معدل العطاء اليومي للإنسان، إلى عدم تحقيق الرضا التام عن الوظيفة نظرا إلى عدم قدرتها على توفير حياة كريمة وتغطية نفقاتها.. عوامل وأخرى تسبب للفرد ضغوطات نفسية رهيبة، لها انعكاساتها الوخيمة على مردوديته.

تعلق الموظف بمنصبه يسبب له المشاكل

تفيد دراسات نفسية أجريت حول هذا الموضوع بأن العامل الأكثر إخلاصا وارتباطا مع منصبه هو الأكثر عرضة لخطر الاحتراق الوظيفي، وما ينجر عنه من اضطرابات نفسية واجتماعية، حيث إنه يبذل جهدا مبالغا فيه أكثر من بقية الفريق، وعادة ما ينتظر الثناء الذي قد لا يناله، كما أن انتماءه والتزامه يجعلانه تحت تأثير ضغوطات العمل على الدوام. وهذا، وضع السيد عبد الرؤوف إدريس، إطار سابق بمديرية التربية بولاية البليدة، يقول: “منصبي حساس، كان يتطلب مني انضباطا كبيرا، ويفرض علي قيودا لا حصر لها، إذ يجب أن أكون ملما بجميع مجريات القطاع وأتابع ملفات المستخدمين، وأحضر كل الأنشطة والاجتماعات، في حين لا أسمح لنفسي بالتغيب لأي عذر كان.. وهذا، أثر سلبا على صحتي البدنية والنفسية، وأفقدني طعم الحياة بعد الإصابة بعدة أمراض وفقدان علاقاتي الاجتماعية، التي تحول معظمها إلى علاقات نفعية استغلالية”.

أعباء الوظيفة ومسؤولياتها تقتل المشاعر

السيدة فريدة. ن، ممرضة بخبرة 19 سنة في القطاع العام، تعاني منذ سنتين تقريبا من مشكل الاحتراق الوظيفي، ما اضطرها إلى الخضوع لعطلة غير مدفوعة مدتها سنة كاملة، بغية إعادة ترتيب حياتها.. تروي بحسرة شديدة تفاصيل أحداث لم تشف منها بعد: “عملت في قسم جراحة القلب، وقسم السرطان، كنت أودع يوميا مريضا أو اثنين يفارقون الحياة، لم يكن أمامي ما أقدمه لهم، بدأت حالتي النفسية تتدهور من ذلك الحين ولم أنتبه، ثم تم نقلي إلى قسم الاستعجالات، ومع الوقت أصبحت باردة المشاعر لا أنفعل كثيرا من آهات المرضى أقوم بواجبي فقط، دخل عملي حيز الروتين وبدأت أحس بأنني تجردت من الإنسانية نوعا ما، متى يجب أن أكون ملاك رحمة..”

تدني الأجور وغياب الحوافز تصيب موظفين بالإحباط

يعمل أغلب البشر من أجل تحقيق ربح مادي، ويبذلون جهدا مضاعفا عندما يتعلق الأمر بالترقية أو الزيادة في الأجر أو الحصول على امتيازات أيا كان نوعها، إنها قاعدة عالمية تسير وفقها المنظومة البشرية، وهذا ما يفسر بشكل مباشر الشعور بالإحباط لدى الكثير من الموظفين الجزائريين الذين لا تتوافق رواتبهم مع الجهد الذي يبذلونه في العمل، ما يجعلهم غير سعداء في حياتهم المهنية التي تأخذ حيزا لابأس به من يومياتهم.

تحسين ظروف العمل والفصل بين الوظيفة والحياة الاجتماعية  الحل المناسب لظاهرة الاحتراق الوظيفي

تشير الخبيرة الاجتماعية والنفسانية، الأستاذة مريم بركان، إلى بعض أهم الحلول التي يمكن للعامل الاعتماد عليها لتجاوز أزمة الاحتراق الوظيفي، شرط ألا يتحرك إليها بمفرده، دون أن ينتظر من الإدارة أو من السلطات تغيير وضعيته المهنية، بحيث يسعى إلى خلق المتعة في عمله وكسر الروتين، وفتح الباب أمام تشكل علاقات اجتماعية غير مغرضة خاضعة لبعض القيود، تقول الأستاذة: “معضلة بعض العمال هو الخلط بين حياتهم المهنية وحياتهم الخاصة، وهذا ما يسبب لهم التعاسة في الجانبين، إذ عليهم تعلم كيف يهربون من ضغوطات المنزلة للانشغال بالعطاء في العمل، والعكس، ضمن متوسط الجهد المطلوب، مع الحفاظ على العلاقات المهنية طيبة وإيجابية كي لا يكون مكان العمل مشحونا”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • banix

    لا خوف على الجزائري من الاحتراق الوظيفي لأنه يرتاح في النهار لكي ينام جيداً في الليل