الرأي

الاستهتار انتحار!

جمال لعلامي
  • 666
  • 7
ح.م

يجب أن نقول بأن الأزمة الصحية التي تسببت فيها كورونا، كشفت “انقسام” الجزائريين إلى قسمين: قسم منضبط وواع ومسؤول وملتزم، وقسم آخر للأسف، مستهتر ومتهوّر ومغامر ومقامر ومتمرّد ضد صحته!

بعيدا عن منطق الأقلية والأغلبية، في معادلة كوفيد 19، فإنه لو التزم الجميع دون استثناء بالإجراءات الوقائية وتدابير الحماية الطبية والحجر المنزلي والتباعد الاجتماعي وحظر التجوال إلاّ للضرورة القصوى، لربما، والعلم عند الله طبعا، قد خرجنا من النفق وانخفضت الإصابات والوفيات أكثر!

الجميع شاهد، كيف تحوّل الكثيرون إلى “عصاة”، يقامرون أنفسهم الأمّارة بالسوء، وينقلون العدوى لعائلاتهم وغيرهم من الناس، غير آبهين بالخطر، ولا مكترثين بحجم هذا المرض القاتل!

الغريب العجيب، بل، المصيبة، أن هناك فئات -والحمد لله أنها قلة قليلة- “لا تصدّق” بأن كورونا حقيقة وواقع صحي طارئ، هزّ أركان المنظومات الصحية في كلّ بلدان العالم، وأخلط حسابات ودراسات الأطباء والخبراء، وكاد أن يوقف الحياة، والعياذ بالله، لولا رحمة ربّ العالمين!

المصيبة، أن هذا النوع من الناس، هداهم الله وفتح عيونهم، يرفضون تطبيق نصائح وإرشادات العلماء، ولم يسمعوا هذه المرّة حتى للمشايخ والأئمة، ولم يتعظوا لتعليق العمرة وغلق المساجد و”إلغاء” صلاة التراويح والعيد، في رمضان وعيد هذه السنة!

المتزاحمون والمتجوّلون والمرتحلون والمكذّبون للحقيقة ولو صدقت، تحوّلوا مع مرور الوقت، إلى خطر على الجميع: خطر على أنفسهم، وخطر على أبنائهم، وخطر على عائلاتهم، وخطر على أصدقائهم، وخطر على جيرانهم، وخطر على المجتمع برمّته!

منذ البداية كان العقلاء والحكماء، يردّدون ويؤكدون بأن الأمر جلل، وأن الوقاية تبقى خير من العلاج، طالما أن أطباء العالم لم يصلوا بعد إلى دواء توافقي ولقاح موثوق، ومع ذلك، فإن نوعا من المواطنين، وحتى “المثقفين” منهم، لم يأخذوا الموضوع مأخذ الجدّ، ومنهم من غرق في التحليل والتساؤل والاستغراب، متجاهلا الاحتياط والحذر!

مثلما يقول المثل الشعبي الشهير: “ما يحسّ بالجمرة غير ألـّي كواتو”، فالمطلوب من الجميع دون استثناء، وقف الاستهتار والغلوّ والتلاعب بالمصطلحات، واحترام رأي الأطباء والخبراء والعلماء، وعلى “الفئة الضالة”، أن تخاف الله في نفسها، وفي غيرها، وفي الأغلبية الساحقة التي تلتزم بالإجراءات الاحترازية، إلى أن يرفع العليّ القدير عنّا الوباء والبلاء!

إنّنا جميعا في باخرة واحدة، لا يُمكن التغاضي أو السكوت عمن يحمل فأسا في زاوية المركبة، ويهرع في نخرها، وإذا خاطبه المرعوبون قال: مالكم..إنه مكاني وبه أفعل ما أشاء(..)..متجاهلا، بأن دخول الماء إلى السفينة، يعني غرقه وغرق كلّ من معه.. أفلا تعقلون؟

مقالات ذات صلة