الرأي

الانتخابات ضرورة وليست غاية

صالح عوض
  • 613
  • 2
ح.م

إنَّ التسابق إلى صندوق الانتخابات والترشُّح لأعلى منصب في البلاد أمرٌ مشروع بحكم القانون والدستور وفق ما تفضي إليه الديمقراطية الحديثة.. ولا نريد هنا أن نناقش جدوى العملية وصحّتها، ولكن بلا شك تظل في مثل هذه الأوضاع السبيل لتكريس حقوق الناس في تنصيب الحاكم وعزله متى شاءوا..

ولكن هذا التسابق المحموم بالوضعية التي يشاهدها الجميع يكشف عن غياب عناصر مهمة في المسألة وحضور فقط التسابق للترشح دونما تمحُّص للرؤية والخطاب والبرنامج لدى كثيرين، الأمر الذي يعني أن الانتخابات إنما هي غاية في حق ذاتها أو أنها ترجيحٌ حزب على حزب أو أيديولوجيا على أيديولوجيا.

الانتخابات وسيلة فقط لوصول البرنامج الذي يعالج الملفات المطروحة بعلمية وواقعية.. وعند قراءة البرامج وكيفية ترتيبها لأولوياتها ينتخب الناس ما يرونه مناسبا، بالإضافة إلى ما يُعرف عن الأشخاص من الالتزام والجدية والنزاهة وحب الوطن والتاريخية النضالية للعائلة والسيرة الوطنية الواضحة.. هكذا نكون سائرين في طريق الخروج من الأزمة التي تعصف بكل الدول العربية.

نعم للانتخابات مهما كانت نتائجُها.. ونعم لتعزيزها وتقوية الشفافية فيها.. ونعم لحمايتها كحق دستوري للشعب السيد.. ولكن بعيدا عن الغوغائية والشعاراتية.. لابد أن ندرك أن الانتخابات في أحسن حالاتها هي وسيلة، والمطلوب انجاز على مستوى التعليم والتكنولوجيا والصناعة والطاقة والصحة والخدمات.. ومع هذا جنبا إلى جنب الصرامة والحزم في تنفيذ القانون على الجميع ومتابعة الموازنات لتحقيق مزيد من الشفافية.. وقبل هذا كله ومعه وبعده لابد أن يرتقي خطاب الجميع إلى الإحساس بالمسئولية الفردية في كل مرافق المجتمع ومؤسساته.

إنه من العبث أن نسعى إلى انتخابات نزيهة فيما كثيرون لا يحسنون أداء الواجب في مواقع عملهم ويتهربون من الالتزام ولا يكترثون بحماية المجتمع الأخلاقية والصحية والقيمية.. لابد أن تكون عملية الذهاب إلى الانتخابات نقلة نوعية للمجتمع الذي انتزع بكل كرامة وحضارية حقه في نزع الحاكم وفرض إرادته بانتخابات حرة نزيهة.. نقلة نوعية بوجوهٍ جديدة ودماء دفاقة ورؤى علمية متطوِّرة للارتقاء بأي دولة حيث ينبغي لها..

الانتخابات للخروج من المأزق.. نعم ولكن لابد أن يدرك الجميع أن المشكلات لا تنحل عقدُها بمجرد الانتخابات النزيهة.. بل إن الحلول تبدأ بعد ذلك والجهود تنطلق من تلك اللحظة.. وإن الجزائر مثلا برصيد ثورتها ونشاط نخبها السياسية عبر عقودٍ طويلة جديرةٌ بأن تقدِّم تجربة فذة للأمة تفتخر بها وتصبح منهجا لتحرير الإرادة والتخلص من التخلف والتبعية والتهاون.. نصر الله الجزائر.

مقالات ذات صلة