الرأي

الانتقام الإيراني الأنسب

ح.م

انحسرت خيارات الانتقام الإيراني من “إسرائيل” أو تلاشت أصلا، وأهون الخيارات بات مستحيلا، فالعواقب أكبر من قدرات تحملها في ظرف عصيب راهن، اقتصاد منهار، وشعب محاصر يتطلع لقوت يومي، وعزلة سياسية خانقة، وتحالفات متحفظة لا تفتح بكين أو موسكو منافذها.

الحرب الشاملة خيار مستحيل، التوعد بها مجرد استهلاك إعلامي لا يجبر خواطر منكسرة، لم تعد ترضى بشطحات خيال سياسي تخلى عن المنطق العقلاني.

الانتقام صوت طاغ في طهران، لا يعلوه صوت آخر، يجهر به سياسيون وعسكريون، تظاهروا بمنطق القوة للرد على عمل عدائي قاس استهدف هيبة الأمن القومي، ورموز ثوابته، وكشف عن جدرانه الرخوة.

لبنان.. سوريا ماعادتا جبهتي حرب مفتوحة مع “إسرائيل”، وأذرع ولاية الفقيه فيها لا تملك خيار الحرب، وتفتقر حاليا لشروط خوضها.

سوريا الغارقة في حرب أهلية لا يأذن نظامها الحاكم بفتح جبهة الجولان المحتل، ولن يغامر بفقدان ما تبقى لديه من موقع سيادي يحتمي بنفوذ روسي مطبق.

لبنان المتهالك منذ إعلان إفلاسه، لا يقوى على تحمل ضربة عسكرية تكمل شكل الخراب الذي بلغه.

مياه الخليج العربي ساحة حرب غير متكافئة، هي ليست البديل المشروع عن الهدف”الإسرائيلي” المعتدي، وتحرك الآلة العسكرية الإيرانية فيه اصطدام بـ”حلف شمال الأطلسي” بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.

العراق وغزة يراهما البعض أوراق انتقام بيد إيران تضع أمريكا و”إسرائيل” في مرمى مدافعها، لكن هل تغامر”حماس” بأمن شعبها، ويبسط العراق أرضه لحرب مفتوحة؟

وسعت إيران دائرة أهداف انتقامها، لم تكتف بـ”إسرائيل”، فرأت الإمارات والسعودية والبحرين أهدافا أقرب تطفئ نار غضبها، وتجنبها رد فعل “إسرائيلي” مدمر، لكن واشنطن ما انفكت وهي تحذر من خطورة الاقتراب من حلفائها.

يبقى خيار ميليشيا الحوثي، أقل قيدا من الخيارات الأخرى، تهدد به إيران منابع النفط في شبه الجزيرة العربية وأمن البحر الأحمر، وهو التهديد الذي يبعد “إسرائيل” عن دائرة الانتقام الحقيقي.

ولو حصرت إيران هدف انتقامها من “إسرائيل” وربطته بـ”منظمة مجاهدي خلق” المعارضة باعتبارها أداة التنفيذ التي استخدمها “الموساد” في عملية اغتيال العالم النووي محسن فخري زادة، فعليها الذهاب إلى باريس واختراق أمن فرنسا للوصول إلى إقامة زعيمتها مريم رجوي والانتقام منها.

خيارات انتقام تزداد انحسارا، وإعلام عبأ الشعب الإيراني بوعد الانتقام، ودبلوماسية تتحرك بجناح منفرد تدعو إلى اعتماد “استراتيجية الانتظار”، انتظار تخطي المرحلة الانتقالية في أمريكا، ودخول الرئيس المنتخب جو بايدن البيت الأبيض، فاتحا أبواب التفاوض غير المشروط.

انتقام ألزمت إيران به نفسها، وكل الخيارات تكلفها الثمن الباهظ في ظل الحصار الاقتصادي والعزلة، سوى خيار غلق أبواب تسلل “الموساد” إلى طهران بتجميد العلاقات السرية مع “الكيان الإسرائيلي” في المجالات الاقتصادية والعسكرية والتقنية، وتجريده من كل مكاسبه، وتحميله أعباء عمله العدواني.

مقالات ذات صلة