الرأي

البرلمان.. والسرطان!

قادة بن عمار
  • 1309
  • 4
ح.م

من يتابع الحرب الشرسة التي يدور رحاها الآن داخل مجلس الأمة حول خلافة عبد القادر بن صالح، ورفض تمديد العهدة للمؤقت صالح قوجيل، مقابل تمسك هذا الأخير بمنصبه، سيعتقد للوهلة الأولى، أنّ الجزائريين تخلصوا جميعا من كل تلك المشاكل التي يعانون منها، والأزمات التي يواجهونها، ولم يتبقّ أمامهم، سوى حلّ مشكلة شغور منصب رئيس مجلس الأمة!

وفيما يدرك الجميع أن الصراع القائم الآن، ينحصر حول تقاسم الامتيازات والنفوذ، وليس حول أمر آخر، يتجدد المطلب بإلغاء هذا المجلس أصلا، بعد ما تحوّل إلى عائق دستوري حقيقي، وأداة تهيمن بواسطتها السلطة التنفيذية على التشريعية، بل وتستعملها من أجل تمرير المشاريع والقوانين والحدّ من المقاومة السياسية لاستبداد السلطة، خصوصا أنّ مجلس الأمة هذا، يضمّ أوفياء الرئيس السابق ممن عيّنهم كمكافأة لنهاية الخدمة، وبعضهم وصل إلى منصبه بالتزوير الفاضح، زيادة على عدد من المتقاعدين سياسيا، ممن لا يفقهون في التشريع بندا، عدا المصادقة الدائمة والتملق المطلق، وكل هذا، يكلف الخزينة العمومية الملايير سنويا من دون فائدة قانونية ولا سياسية.

والواقع أن تركيبة البرلمان الحالي بغرفتيه، وحتى بعد التنصيب الشكلي لرجلٍ محسوب على المعارضة رئيسا على الغرفة السفلى، لا يمكن أن ننتظر منها أيَّ مقاومة ايجابية أو ردَّة فعل ضدّ قرارات السلطة، فالتحدي الحقيقي يتمثل في رهانات المرحلة المقبلة، وحول ما يمكن أن تلعبه هذه المؤسَّسة التشريعية، كمؤسسة، في إحداث التغيير الحقيقي، وفي تجديد الطبقة السياسية، بما يؤكد التزامات الرئيس تبون ويحقق مطالب الحَراك الشعبي.

لن يذكر الجزائريون عن هذا البرلمان من سير وأخبار، سوى تملّق نوابه الزائد، وفضائح إقالة أحد رؤسائه السابقين، وبلطجة بعض السياسيين فيه، وتغوّل إدارته…

برلمان تحكمه رواتبٌ خيالية، ومزايا غير مفهومة، ومِنح لا حدود لها، من الإطعام والإيواء والنقل، وصولا إلى مهمات الخارج، ثم يأتي أعضاء لجانه، ليقترحوا علينا مؤخرا، الحديث عن مرض السرطان في يوم دراسي! كيف لسرطان ينخر جسم الدولة أن يتحدَّث عن السرطان؟ وكيف لكائن معتلّ أصلا أن يحاضر حول بقية الأمراض؟ أليس من الأفضل مساءلة وزير الصحة والحكومة عموما حول الملف، ثم تخصيص تلك الأموال لما هو أهمّ، أو حفظها في الميزانية، بدلا من صرفها على أيام دراسية لن تنفع أحدا ما عدا القائمين عليها ومن ينظمها لحاجة في نفس يعقوب؟

مقالات ذات صلة