-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
جدل وملاسنات ضد التمييز

“البوركيني” ممنوع في مسابح جزائرية والمحجبات ينتفضن

مريم زكري
  • 15708
  • 0
“البوركيني” ممنوع في مسابح جزائرية والمحجبات ينتفضن

أثار حرمان محجبات من دخول مسابح جزائرية جدلا وتساؤلات بعد إلزامهن التخلّي عن “المايوه الشرعي” بالفنادق والمركّبات السياحية.
عشرات الحالات، بل المئات من الفتيات والنساء اللواتي سُلبن حقهن في ممارسة السباحة والاستجمام، وتمّ تصنيفهّن في خانة “الممنوع من الدخول إلا بشروط”، تعجز المرأة المحتشمة عن الرضوخ لها.

البداية، كانت بتكرار حوادث منع مرتديات “المايوه الشرعي” من النزول إلى المسابح، بعدد من الفنادق والمركّبات السياحية بالعاصمة، ما أدى إلى نشوب أزمات داخل تلك المسابح وشجارات أمام الملإ. هو ما ترويه الشابة العشرينية إسمهان، بخصوص ما تعرضت له خلال توجهها إلى أحد المسابح الخاصة والمشهورة شرق ولاية الجزائر، أين تفاجأت رفقة صديقتها بمنعها من الدخول ووضع شروط أشبه بأن تكون تعجيزية حتى يُسمح لها بقضاء يوم داخل المسبح، مع العلم أنها ستدفع التكاليف كاملة!

تقول محدثتنا إنها منعت من دخول المسبح بسبب “البوركيني”، بحجّة أنها عزباء، حيث اشترط عليها أحد أعوان الاستقبال أن تكون متزوّجة أو أُمّا ليسمح لها بالدخول والسباحة رفقة الأطفال، وخُيّرت إسمهان بين ارتداء “المايو” المتبرّج، أو مغادرة المكان دون أي شوشرة، الأمر الذي أثار غضبها واستياءها، متسائلة في حديث لـ”الشروق”: “كيف يتم فرض إجراءات تعسّفية لا تمت للقانون بصلة في دولة مسلمة كالجزائر”، مضيفة بلهجة حادة: “نطالب بتدخّل السلطات لردع هذه التصرّفات التي ستتسبّب حتما في تنفير السائح المحلي والأجنبي”.

هذه الممارسات، لم تقتصر على مسبح واحد بالعاصمة، فالأمر يتكرّر يوميا بأغلب الهياكل المخصّصة للاستجمام وعبر جل الولايات، وفي حال رفضت المعنية ارتداء المايوه المتبرّج، ستكون مضطرة إلى مغادرة المكان دون عودة، أو الاكتفاء بمشاهدة المسبح من الخارج، دون السباحة.

وعبّرت إسمهان عن امتعاضها كغيرها من الفتيات اللواتي تعرّضن لموقف مماثل، فقرار منعهن من السّباحة بلباس محتشم، يدفع الكثيرات إلى مغادرة المسبح أو الخضوع لهذه الشروط دون قناعة، خاصة المراهقات والقاصرات اللواتي لم يتجاوزن سن الـ18، حيث يضطررن إلى التوجه نحو المسابح دون علم أوليائهن، للتمكّن من الترويح عن أنفسهنّ، داخل المنتجعات والحظائر المائية.

وترى محدثتنا أن القرار يدفع إلى تعري الفتيات المحجبات خفية عن عائلاتهن، وفي بعض الأحيان، ارتداء لباس غير محتشم، فيقعن فريسة التصوير من طرف بعض الشباب والابتزاز في ما بعد..

مسابح تتحجّج بتمرير البوركيني المغشوش لمواد سامة

وفي جولة أخرى قادتنا إلى أحد المسابح الخاصة بالعاصمة، قصدت المكان بصفتي زبونة.. في البداية، طلبت من عون الاستقبال أن يطلعني على شروط ومبلغ الدخول إلى المسبح، ومباشرة سألته إن كان بإمكاني السباحة بلباس خاص بالمتحجبات، ليرد بأنه مسموح ارتداء ما يحلو لي، قائلا: “المسبح خاص بالنساء ولا مانع من ارتداء “البوركيني”، “غير أنه طلب مني علامته التجارية حتى يتأكد إن كان قماشه يتطابق والمواصفات العالمية، أو منتج لشركة ملابس رياضية معروفة”.. استغربت في بداية الأمر ثم سألته عن سبب منعي إن لم يكن لباسي بمقاييس عالمية كما طلب، ليرد بأن القماش ذا النوعية الرديئة قابل لنقل “الجراثيم والميكروبات” إلى داخل المسبح، وهو سبب لانتشار الأمراض بين الزبونات، ولهذا حددت إدارة المسبح شروطا صارمة حتى يسمح بالسباحة تفاديا لنقل الأمراض على حد قوله… “اللباس يحمل بكتيريا ملوثة للمسبح”.. غادرنا المكان بعد منعنا بلهجة حادة من الولوج إلى المسبح، وهو القرار الذي فرض على عشرات النساء اللواتي توجهن إليه قصد قضاء يوم مريح والترويح عن أنفسهن…
“قرين كلوب”.. هدفنا توفير أجواء سباحة راقية للمرأة المحجبة

وعكس أغلب المرّكبات السياحية والفنادق التي تمنع ارتداء المحجبات لـ “البوركيني”، تسمح مسابح أخرى بتواجد المرأة المحجبة بلباس السباحة المحتشم دون أي عراقيل، بل هذه المسابح توفّر الجو الملائم لقضاء المرأة أوقاتا ممتعة مع أسرتها وتنافس فنادق ونزل 5 نجوم بجودة ونوعية الخدمات، وهو ما كشف عنه نائب مدير شركة “قرين كلوب” نايت جودي عادل، في لقاء له لـ”الشروق”.

محدّثنا أكد أنه يحترم لباس “البوركيني” ويتيحه بمسابح “غرين كلوب” مع توفير خدمات راقية، خاصة بالمرأة المحتشمة، أثناء تواجدها بحوض السباحة، ويتم ذلك بتوظيف أعوان وعاملات كلهن نساء، حتى لا يكون هنالك أي حرج للزبونات خلال الاستجمام والسباحة.

“قرين كلوب” وكنموذج ناجح في مجال السياحة والمنتجعات المائية الموجّهة أساسا لفائدة العائلات الجزائرية المحافظة، يقول محدثنا إن “المرأة بشكل خاص تتمتّع بالحق في الاستجمام داخل المسابح والفنادق الخاصة مع تقديم خدمات راقية وبأسعار تنافسية”.

ويكشف نايت جودي أن المركب الذي يسيّره لا يمنع ارتداء المرأة المحجبة للباس السباحة الخاص بها “البوركيني”، شرط أن يكون مطابقا لمعايير الملابس الرياضية المستخدمة في دول أوروبية ـ أي منع لباس السباحة المغشوش الذي قد يؤدي إلى الغرق سواء المحتشم أم غير المحتشم ـ، ولا يرى نايت جودي أي سبب لمنعه، قائلا إن المركب يسعى لفتح المجال على مصراعيه أمام المحجبة من أجل الاستمتاع بوقتها، رفقة عائلتها بحسب ما تفرضه العادات الجزائرية بوضع شروط صارمة للدخول، منها منع تواجد “العشاق” أو “الأزواج غير الشرعيين”، كما يمنع دخول الشبان والقصر دون حضور أولياء أمورهم ومنع التصوير وتمرير المأكولات من خارج المركب لتفادي وقوع حالات تسمم.

وتحدث آيت جودي عن سعيه لتقديم أفضل الخدمات وفق أحسن الأسعار لزبوناته بعد تخصيص مسبح خاص للنساء والأطفال ما بين 7 و10 سنوات فقط، وهو مسبح أولمبي يقع بمدينة بوسماعيل بولاية تيبازة، بأسعار رمزية لا تتجاوز 800 دج للفرد، في حين تتراوح في باقي الفروع ما بين 1000 و5000 دينار بحسب نوعية الوجبات المقدّمة.

كواش محمد:”لا تفسيرات علمية ولا مبرّرات صحية لمنع البوركيني”

من جهته، اعتبر الخبير والمختص في الصحة العمومية، كواش محمد، في تصريح لـ”الشروق” أنّ قرارات منع استخدام البوركيني في بعض المسابح بحجة رداءة نوعية القماش المستخدم في صناعة اللباس وتسرب البكتيريا والميكروبات عبره، مجرد تفسيرات غير مقنعة هدفها الترويج أو “الدعاية” الإعلامية لجلب انتباه فئة معينة، مضيفا أن المنع لدى بعض المسابح لا يحمل أي تفسير علمي، لعدم وجود أنسجة قماشية تمنع تسرب الميكروبات، كما أن تواجد كواشف إلكترونية وأجهزة “سكانير” قبل الدخول، يمنع تمرير أي مادة سامة من شأنها تلويث المسبح.
في النهاية، يبقى مطلب السماح للمحجبات بالسّباحة بـ “البوركيني” في المركبات السياحية الجزائرية 5 نجوم، ينتظر التجسيد، وتدخّل القائمين على قطاع السياحة، خاصة وأنّ الرفض لا يحمل أي مبرّر مقنع.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!