-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“البوركيني” ينتصر على فرنسا في بيتها

الشروق أونلاين
  • 17552
  • 0
“البوركيني” ينتصر على فرنسا في بيتها

مسلمات في أوروبا يتحدين السلطات الفرنسية بلباس “محتشم” للسباحة حتى ولو فرضت عليهن غرامات مالية، هو الجدل القائم في فرنسا عند القائمين على شؤون البلاد والعباد وما وصل إليه تأثير هذا اللباس بدءا من “الحجاب” و”البرقع” ووصولا إلى “البوركيني” مؤخرا، الذي يؤرق دعاة العلمانية حتى ولو على حساب الحرية في اختيار المعتقد الذي تنص عليه القوانين الدولية وهم مصادقون عليها، بل وشعارهم فيها منقوش بالبنط العريض على دساتيرهم.

الاحتشام: الكابوس الذي يهدد حصون العلمانية 

إن ما أقدمت عليه السلطات الفرنسة في الكثير من بلدياتها في موسم الاصطياف، بإلزام كل محتشمة بـ”البوركيني” على شاطئ البحر دفع ضريبة هذا اللباس، أظهر للعالم كله أن فرنسا البلد الذي ينادي بالحرية من على كل المنابر وفي كل المؤتمرات والتجمعات ليس هو كذلك، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمسلمين، بل ومن أجل الحد من ظاهرة “الاحتشام” تستطيع الدوس على مبادئها التي صادقت عليها في كل مناشيرها وهي الحرية والأخوة والمساواة، وديمقراطية العيش الذي يتوافق مع القوانين، ولا يهدد الأمن العام أو يحث على أعمال تمس أمن الوطن ووحدة التراب أو الاستقرار، كما أظهرت كذلك عداءها للمسلمين حتى ولو كانوا من مواطنيها ويملكون وثائق فرنسية وجنسية فرنسية، وأن هذا المظهر أصبح يقلق حقيقة القائمين على شؤون العباد والبلاد، وإن كان كغيره من الحريات التي تنص عليها القوانين الوضعية.

وجاء الصفع من نفس القارة

 في الوقت الذي كانت الشرطة الفرنسية تحرر الغرامات  للمحتشمات على شواطئ البحر في العديد من بلديات فرنسا، كانت أقلام أخرى ومن نفس القارة تحرر مقالات وردود أفعال كانت في الأغلب استهزائية على ما أقدمت عليه فرنسا، فكيف ببلد الحرية والمساواة يحد من حرية اللباس في البحر والشوارع على حد سواء؟ مسلسل بدأ في شوارعها مند ظهور الحجاب والبرقع، هذا الأخير الذي أسال الكثير من الحبر، وجاءت ردود فعل عنيفة بشأنه أسقطت قناع العداء للكثيرين من الوجوه المعروفة في كل المجالات في فرنسا، تجاه من تلبس هذا الزي وتتجول به في شوارع بلد الحرية، وهو في اعتقادهم تهديد صريح لأسس العلمانية التي بنيت منذ الأزل على الحرية في الاعتقاد والحياة كلل، لكنها تتوقف عند “البرقع” و”البوركيني”، فهي ليست حرية شخصية، بل خطر وتهديد وجب الوقوف له بشتى الطرق من أجل عزله، بل واستئصاله من الحياة اليومية لبلد ينادي بالحرية من على كل المنابر. 

حتى وإن سحب أمر تحرير الضرائب على كل متسترة في شوارع فرنسا أو على شواطئها، إلا أن الأمر لا يقف على قرار اتخذ ومن بعد أبطل، لأن الرد كان عنيفا ليس ممن يلبسن هذا الزي، لكن من كل الأوطان مشرقا ومغربا، بل  زاد الطلب على شراء هذا اللباس المحتشم في الشواطئ حتى من طرف غير المسلمات، بل في بعض البلدان جس النبض فقط على الشواطئ، فكان الرد عنيفا ووصل الحد إلى القول لسنا مثلهم حتى نغرم أو نحرر ضريبة لمسلمة محتشمة، وهي حرية شخصية لا يحق لك أن تتدخل فيها.

فقد تعدى الأمر إلى طريقة التفكير وكيفية تعريف الحرية والديمقراطية في الكثير من البلدان، فجنسك ودينك واتجاهك هو من يقر كيف تعرف الحرية انطلاقا من هذه المعايير وليس من مبادئ ودساتير مكتوبة مند أزمنة بعيدة قامت عليها هذه الدول، فالحرية والأخوة والمساواة تتغير حسب الطلب وحسب الموضع والحالة، فتشرق حينا من الدهر وتغيب حينا آخر. 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!