“التشوار” الشرارة التي تشعل فتيل الحرب بين عائلة العروسة والعريس
يستقبلونهن بالزغاريد عند عتبة الباب وبمجرد أن تدخل الحقائب وتفرد الأمتعة تتغير ملامح الوجوه ويبدأ الهمز واللمز بين من يعتبره قليلا لا يتناسب مع قيمة المهر المقدم للعروسة، وبين من يراه بضاعة مشتراة من الأسواق الشعبية بأثمان زهيدة في حين كان الصداق بالملايين، هي فيض من سيل ما تتداوله الألسنة في يوم تعليق جهاز العروسة أو ما يسمونه بالعامية “التشوار” لتتحوّل بعدها العروس وعائلتها لعلكة يلوكها أهل الزوج في جلساتهم.
يمثل يوم تعليق جهاز العروسة “التشوار” احتفالية خاصة ومميزة عند العائلتين فيشاركون عرسان المستقبل فرحتهم ببناء منزل وتكوين أسرة، وقد يكون بداية شرارة الحرب الباردة التي تنطلق وقد تتحوّل فيما بعد لمواجهات عنيفة تستعمل فيها مختلف الأسلحة والعتاد الحربي وحساسية تدوم لآخر العمر، وتؤثر على سير الحياة الزوجية والعلاقة بين الزوجين فيما بعد.
وبالرغم من تطوّر العصر وتخلي العائلات عن عديد العادات القديمة والتقاليد البالية إلا أن بعضها ما يزال متشبثا بهذه الأفكار وحريصا على تنفيذها من أجل التظاهر والتفاخر فقط، حيث يرغم بعض أهالي العريس ممن يقدمون مهورا باهظة أهل الزوج على فرد جهاز العروس بالكامل، وإظهاره للمدعوات وهن في الغالب من عائلة العريس وقريباته وجارته كي يشاهدن ما أحضرته العروسة من ملابس وفراش وأثاث وأوان غير مراعيات خصوصية الموقف وضرورة احترام ومراعاة ظروف العروسة وعائلتها.
حماة تعير كنتها بسرقة المهر
ولأن الظاهرة منتشرة بشكل كبير في مجتمعنا، نشرت إحدى المتزوجات حديثا قصتها في مجموعة نسائية على “الفايسبوك”، تقول فيها إن والدة زوجها تعيرها باستمرار بسرقة المهر فابنها قدم لها مهرا قدره 30 مليون سنتيم وفق أعراف الولاية التي تنحدر منها، لكنها عندما قدمت جلبت فقط ملابسها وبعض الأغطية وهو ما جعل حماتها تعترض وتتهمهم باللصوص وبأنهم احتفظوا بقيمة المهر، ومن يومها تحوّلت حياتها إلى جحيم وفي كل حفل زفاف تذكرها بجهازها، وتدعي بأنهم عائلة لصوص لتتوالى التعليقات بأن المهر من حق العروس ولا ينبغي على أحد محاسبتها عليه سواء اشترت به جهازا أو خبأته.
استظهار الجهاز عادة تتمسك بها بعض الأسر
أما عروس أخرى فتقول إنها تزوجت من ولاية أخرى، ولدى توجه أهلها لعائلة العريس يوم “التشوار” تفاجؤوا بعدد كبير من عائلاته وقريباته، فكان المنزل يعج بالزائرات فجلسن برفقتهن لتناول القهوة، ولكن قبل أن يقمن طلبت حماتها منهن فتح الحقائب أولا وعرضها قطعة قطعة أمام المتجمّعات وستدلهن فيما بعد على غرفة النوم، ولأنهن لم يتفقن على ذلك رفضت والدتها وشقيقاتها السماح لهن، فكان رد فعل أم العريس “لازم نشوفو واش درتو بدراهمنا” ومع أن الأمر انتهى بتدخل العقلاء لفض النزاع غير أن الحساسية استمرت بين العروس وأهل زوجها.
ولم يعد الحديث وحده ما يضايق العروسة وأهلها، فقد وجدت إحدى الفتيات صور الجهاز الذي حملته عائلتها على موقع التواصل الاجتماعي “الفايسبوك”، لتتوالى التعليقات بين الساخرين من ذوقها واختياراتها ولما تحدثت مع حماتها لتستفسرها عن الموضوع، ردت عليها ببرودة بأن الأمر عادي ولا يستحق كل هذه الضجة التي أحدثتها.
مهر قليل ومطالب بجهاز بالملايين
بينما ترى سيدة أخرى أن أصل خلافاتها ومشاكلها مع عائلة زوجها مردها ليوم “التشوار”، فوالدة العريس وخالاته علقن بأن الجهاز تم اقتناؤه من طاولات الأسواق الشعبية وهو يفتقد للجودة على حسبها، فردت عليها والدة العروسة بأن المهر الذي قدموه وهو 5 ملايين سنتيم لا يكفي ثمن الحلاقة فما بالك بالجهاز، وهو ما أخرس أم العريس لكنها وبعد انقضاء العرس حوّلت حياتها لجحيم وفي كل مرة ترتدي قطعة من الثياب تسخر الحماة وبناتها منها ويعلقن ضاحكات وزوجها لا يتدخل ليضع حدا لهن.
عرائس يستلفن الجهاز من أجل التباهي
ولأهل العريس حكايات أخرى فإحدى الفتيات تقول إنها تفاجأت عندما جلبوا جهاز عروسهم عن غياب قطع الملابس والحقائب التي حملوها لها في “المهيبة” و”الفيونساي” فلم تجلب شيئا منها، حتى مستحضرات التجميل والعناية بالجسم وطاقم الذهب الذي أخذوه لها لم يظهر له أي أثر مع أنه يفترض أن تأخذهم معها ضمن طاقم الجهاز.
في حين، استغربت إحدى المسنات من عروس ابنها الأخيرة التي جلبت معها تجهيزا للبيت بأكمله مع أنها ستقيم معهم في منزل مكوّن من ثلاث غرف ولها الحق في غرفة واحدة، وهو ما جعل أهلها يضعون الطاولة والأسرة والمفارش داخل غرفة نومها فباتت أشبه بالبيت القصديري، لتضطر بعد أيام فقط من الزفاف لعرضها للبيع بأبخس الأثمان فالبيت على حد قول العجوز ضيق جدا ولا يحتمل قشة إضافية.
وكشفت لنا إحدى السيدات عن قيام عروس ابنها باستلاف الجهاز من مفارش تركية فاخرة وأوان منزلية إيطالية وفرنسية من قريباتها، لتجلبهن في حقائب كبيرة ومزيّنة وصناديق مصنوعة من المخمل “القطيفة” باللون الوردي وبعد زفاف بأسبوع أعادت كل شيء، لتضيف بأنها قامت بذلك خوفا من سخرية جارتها وتكمل الحماة بأنها تحدثت معها منذ البداية حول الأمر باعتبار العائلتين من الطبقة المتوسطة بقولها “على قد بساطك مدّ رجليك” لكن كنتها تعشق التباهي والتفاخر ومازالت في طباعها.