-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

التضليل والانتقائية في تغطية الإعلام الغربي لاستضافة قطر مونديال 2022

الشروق أونلاين
  • 1404
  • 0
التضليل والانتقائية في تغطية الإعلام الغربي لاستضافة قطر مونديال 2022

تعد قطر الدولة الأولى في الشرق الأوسط التي تستضيف كأس العالم لكرة القدم، وقد واجهت موجة من الانتقادات منذ منحها تنظيم البطولة في عام 2010، أدت إلى دعوات لمقاطعة البطولة في بعض الدول.

كما ساعدت هذه الحملة على انتشار التضليل الإعلامي قبل فترة من انطلاق المونديال. ومع اقتراب موعد الافتتاح، انتشرت العديد من الادعاءات المضللة والانتقائية عن قطر. وفيما يلي أبرز المغالطات الأكثر شيوعًا التي نشرتها وسائل إعلامية غربية عن قطر واستضافتها لمونديال 2022، والتي رصدتها منصة مسبار لفحص الأخبار وتقصي الحقائق وكشف الكذب في الفضاء العمومي.

لافتة غير دقيقة ضد تنظيم المونديال في قطر
رفع مشجعون في الدوري الألماني لكرة القدم (البوندسليغا)، لافتة ضخمة تحتج على تنظيم كأس العالم 2022 في قطر، وكتبوا عليها “15 ألف قتيل خلال 5760 دقيقة من كرة القدم. حرج عليكم”. وتسارعت وسائل الإعلام الغربية إلى نشر اللافتة والحديث عن احتجاج الجماهير، دون شرح أو توضيح حقيقة هذه العبارات المكتوبة.

جاء عدد الموتى البالغ 15 ألف والمكتوب على اللافتة من تقرير سابق لمنظمة العفو الدولية، والذي ينص على أن هذا العدد يمثل إجمالي الوفيات لجميع غير القطريين من جميع الأعمار والمهن بين عامي 2010 و2019، نقلًا عن بيانات حكومية قطرية.

عنوان مضلل في تقرير سابق لصحيفة ذا غارديان

كان أحد أكثر العناوين شهرة التي استهدفت قطر، عنوان تقرير نشرته صحيفة ذا غارديان البريطانية في فبراير/شباط 2021، تحت عنوان “كشف: لقي 6500 عامل مهاجر مصرعهم في قطر وهي تستعد لكأس العالم”.

وزعم التقرير أنّ “أكثر من 6500 عامل مهاجر من الهند وباكستان ونيبال وبنغلاديش وسريلانكا ماتوا في قطر، منذ أن فازت باستضافة كأس العالم قبل 10 سنوات”.

كشف مارك أوين جونز، الأستاذ المساعد لدراسات الشرق الأوسط في جامعة حمد بن خليفة، في سلسلة تغريدات، أنّ صحيفة ذا غارديان عدّلت العنوان الرئيس للتقرير لتوضح أنّ عدد الوفيات كان على مدى عشر سنوات، إلا أنّها استمرت في التلميح أنّ هذه الوفيات مرتبطة بكأس العالم.

وأكد جونز أنّ استخدام رقم 6500 حالة وفاة دون الإشارة لسبب الوفاة، هو شكل من أشكال المعلومات المضللة، ويشير إلى الاستخدام الانتقائي لبعض الإحصائيات على وجه الخصوص للوصول لنتيجة معينة. وضرب على ذلك مثالًا برصد أحد الأشخاص عدد الوفيات في المملكة المتحدة مع بداية انتشار كوفيد-19، والذي يصل إلى 100 ألف متوفى، موضحًا أنه يمكن القول إنّ كل الوفيات لها علاقة بالوباء، لكن قد تكون الوفيات الفعلية بسبب انتشار الفايروس لا تتجاوز واحد في المئة من العدد الأصلي.

وأوضح جونز أنّ أكثر من 400 ألف تغريدة تضمنت المعلومة كُتبت أو تمت مشاركتها، عقب التقرير الذي نشرته ذا غارديان في فبراير 2021، مؤكدًا أنّ عنوان الصحيفة فُسّر على أنّ كل الوفيات كانت في مواقع الاستعدادات لكأس العالم.

وشدد جونز، على أنّ الكثير من التقارير الصحفية عن قطر وكأس العالم تأثرت بشكل كبير بهذه الإحصائيات، مؤكدًا في الوقت نفسه على أنّ ضعف التغطية الصحفية لبلدان الشرق الأوسط ساهم في رسم صورة غير صحيحة وسلبية عن المنطقة، كما أشار إلى وجود تقارير نفسها جيدة ودقيقة مكتوبة عن هذا الموضوع دون الحاجة لاستخدام المعلومات الكاذبة.

بدوره ردّ مكتب الاتصال الحكومي القطري على تقرير ذا غارديان حينها، في بيان قال فيه “يعيش في قطر أكثر من 1.4 مليون وافد من الهند وسريلانكا وبنغلاديش ونيبال. وهذا يشمل الطلاب وكبار السن والعاملين في مجموعة من الصناعات. وقد عاش ملايين آخرون في قطر خلال السنوات العشر الماضية وعادوا إلى أوطانهم”. وأضاف “لسوء الحظ، من بين ملايين المقيمين من الهند وسريلانكا وبنغلاديش ونيبال الذين عاشوا في قطر من عام 2011 إلى عام 2019، توفى للأسف نسبة صغيرة جدًا. على الرغم من أن كل خسارة في الأرواح مزعجة، إلا أنّ معدل الوفيات بين هذه المجتمعات يقع ضمن النطاق المتوقع لحجم السكان والتركيبة السكانية”.

رواية متناقضة عن اعتقال ناشط في مجال حقوق المثليين في قطر

في أكتوبر/تشرين الأول الفائت، أفادت تقارير صحافية أنّ الناشط البريطاني في مجال حقوق المثليين، بيتر تاتشيل، نظم احتجاجًا فرديًا خارج متحف قطر الوطني، وكان يحمل لافتة كتب عليها “الاعتقالات والسجون في قطر تُخضع مثليي الجنس والمتحولين جنسيًا” مع وسم”#QatarAntiGay”.

وكان تاتشيل قد أعلن أنّ السلطات القطرية اعتقلته بسبب الاحتجاج، فيما نفت السلطات القطرية مزاعم الاعتقال وأكدت على أنّها “كاذبة تمامًا”. وأثار الحادث ضجة في وسائل الإعلام الغربية.

وفي الواقع، لم يتم اصطحاب تاتشيل إلى مركز الشرطة، كما لم توجه إليه أي تهمة وتم استجوابه من السلطات فقط. وعلّق الناشط لاحقًا على استجوابه من قبل الشرطة لقناة LBC قائلًا “لقد كانوا مهذبين، لم يهددونني”. وأضاف تاتشيل “لم يكن استجوابًا قاسيًا تحت أضواء ثقيلة أو أي شيء آخر”.

كما تحدث موقع الدوحة نيوز مع الناشط، بعد فترة وجيزة من استجواب الشرطة له، وقال “إنه وقف خارج المتحف لمدة 35 دقيقة قبل أن يأتي إليه ضباط لشرطة لاستجوابه عن جنسيته، وأسباب سفره إلى قطر”. وعندما سئل عما إذا كان قد نُقل أو تم تقييد يديه، أجاب بالنفي، وأكد أنّ “الضباط كانوا مهذبين وأنا ممتن لذلك”.

تغطية الإعلام البريطاني استضافة قطر لمونديال 2022

منذ فوز قطر باستضافة كأس العالم في عام 2010، ذكرت الصحف البريطانية مثل ذا غارديان و ذا تايمز وديلي إكسبريس وذا صن وديلي ميل وديلي تلغراف وصحيفة مترو، كلمة “قطر” في أعدادها نحو 1735 مرة في عناوينها الرئيسية، وكان 40 المئة (685) من تلك المقالات حول استضافة كأس العالم، وفقًا لتحليل أجراه مارك أوين جونز.

ويكشف جونز في تحليله، أنّ جميع العناوين الـ 1735 التي تحتوي على كلمة “قطر”، كانت العبارة أو الكلمة الأكثر شيوعًا معها في أغلب العناوين الرئيسة هي “كأس العالم”. وتشير هذه الأرقام إلى تحديد أهمية قطر في الصحافة البريطانية بشكل كبير من خلال استضافتها للمونديال.

وباستثناء المصطلحات الرئيسة مثل “قطر” و “الفيفا” و “كأس العالم”، كان المصطلح الأكثر شيوعًا في أي مقال رئيسي حول قطر هو “العمال”، في إشارة إلى الظروف التي يواجهها معظم عمال تجهيز البنية التحتية في قطر.

ويكشف الجدول الزمني للمقالات عن بعض الأشياء المثيرة للاهتمام. إذ في عام 2017، هيمنت أزمة الخليج على التقارير المُتعلقة بقطر. وقد أدى ذلك إلى إزاحة وتقليل النسبة الإجمالية للمقالات حول كأس العالم إلى تسعة في المئة فقط من إجمالي التغطية. ومن بين ما يقرب من 685 مقال حول كأس العالم في الصحافة البريطانية، كان نحو 66 في المئة (454) سلبية، و29 في المئة (201) محايدة وقرابة خمسة في المئة (33) ذات نظرة إيجابية.

وألقى التحليل نظرة على تغطية الصحافةالبريطانية لكأس العالم 2018 في روسيا، وكشف أنّ  قرابة ثلاثة في المئة من جميع المقالات عن روسيا، في الفترة ما بين منح روسيا كأس العالم واستضافتها الحدث كانت تدور حول المونديال، بينما كانت 40 في المئة منها عن استضافة قطر للمونديال.

كما كشف التحليل أنّ تغطية وسائل الإعلام الغربية لروسيا كانت بشكل عام سلبية، مع وقوع العديد من الأحداث، مثل وجود تقارير تفيد بانتهاكات جسيمة، وإسقاط روسيا الطائرة الماليزية فوق الأراضي الأوكرانية عام 2014، وضم شبه جزيرة القرم وغزوها غير القانوني، وقصف سورية، والعديد من قضايا حقوق المثليين، وقضية تسميم المقيمين في المملكة المتحدة بغاز الأعصاب المعروفة باسم “تسمم سكريبال”، وقضايا أخرى كلها حدثت قبل كأس العالم 2018، وتمت تغطيتها بشكل كبير. ومع ذلك، كان من غير المرجح أن تشارك هذه القضايا عنوانًا رئيسيًا مع كأس العالم في روسيا. وكان الموضوع الأكثر شيوعًا لمشاركة عنوان رئيسي مع كأس العالم والدعوة للمقاطعة متمركزًا في المملكة المتحدة، هو عن قضية “تسمم سكريبال”. في المقابل تم ذكر أوكرانيا على سبيل المثال، نحو ثلاث مرات فقط بالتزامن مع كأس العالم 2018.

ويوضح التحليل أنّ وسائل الإعلام الغربية تصور البلدان الصغيرة والأقل قوة بشكل عام بطريقة سلبية، وذلك بالنظر إلى تصرفات روسيا قبل مونديال 2018، وما يحدث الآن مع قطر.

وقد ظهر ذلك أيضًا، في الدراسات التي أجريت على كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا، حتى أنّ حكومة جنوب أفريقيا ألقت باللوم على تغطية الصحافة البريطانية باعتبارها أحد أسباب انخفاض الأرقام المتوقعة لعدد الزوار الأجانب الذين كانوا يخططون للسفر إلى جنوب أفريقيا لحضور كأس العالم في جنوب أفريقيا، بسبب التغطية السيئة.

وعندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط، فقد وجدت العديد من الدراسات، أنّ وسائل الإعلام الغربية تميل إلى تصوير المسلمين والعرب بشكل سلبي. وتوضح النماذج المذكورة أن الانتقائية الإعلامية الغربية تلفت الانتباه إلى وجود تحيز عنصري ضد الدولة الخليجية.

وأشار باحثون إلى وجود حالة من العنصرية تجاه قطر، وتجاه العرب والمسلمين، وأن اليمين المتطرف على وجه الخصوص كان غير سعيد باستضافة دولة عربية مسلمة هذه البطولة الدولية المهمة.

قطر تنتقد الحملة الإعلامية التي تستهدفها

سبق وصرح مسؤولون قطريون بأنه “من الصعب جدًا على البعض استيعاب أنّ دولة عربية إسلامية تقيم هذه البطولة، وكأن هذا الحق لا يمكن أن يكون لدولة عربية”. كما تحدث أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ضد الحملة التي تستهدف البلاد، وقال في خطاب أمام المجلس التشريعي القطري “تعاملنا مع الأمر في البداية بحسن نية، بل واعتبرنا أنّ بعض الانتقادات كانت إيجابية ومفيدة، مما يساعدنا على تطوير جوانب من جوانبنا بحاجة إلى تطوير”. وأضاف “لكن سرعان ما اتضح لنا أن الحملة مستمرة وتتوسع وتشمل تلفيقًا وازدواجية المعايير حتى وصلت إلى مستوى من الضراوة جعل للأسف الكثيرين يشككون في الأسباب الحقيقية والدوافع وراء هذه الحملة”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!