-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

التقوقع في وهم القوة الذاتية

التقوقع في وهم القوة الذاتية

تدق دول الخليج العربي من جديد ناقوس الخطر الذي يهدد أمنها القومي، في ظل صراع إقليمي يتنامى في الشرق الأوسط، جعل مصيرها مرتبكا، أمام أنظار الولايات المتحدة الأمريكية، التي تبدو وكأنها لا تبالي بمخاوف القادة الخليجيين، على مستقبل نظمها وشعوبها.

ودعاها هذا الوضع المتأرجح بين خطر صراع إقليمي لا يخفي نواياه، وعدم مبالاة حليف تقليدي، يعلن عن استراتيجية جديدة، لم تتضح معالمها بعد، دعاها إلى النهوض بالقدرات الذاتية في الدفاع عن النفس، وأن كانت تلك القدرات بلا عمق عربي أو دولي اعتادت عليه على مر عقود مضت.

فسارعت إلى تشكيل تكتل عسكري خليجي غير مكتمل الأطراف، واتخاذ الخطوات الحاسمة لتنفيذه، قبل فوات الأوان، من أجل تجسيد الموقف الحقيقي بالاعتماد على الذات، في حال تخلي القوى الكبرى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في الدفاع عن سيادة دول الخليج العربي.

فقادة دول الخليج العربي يدركون اليوم أن العالم لن يشكل تحالفا دوليا جديدا لو غزت أية قوة إقليمية إحدى دولهم، كما التحالف الذي سرعان ما تشكل حين غزى الجيش العراقي الكويت عام 1990، وجلب الخراب لمنطقة الشرق الأوسط برمتها، فالمعطيات تغيرت، والموارد التي تمول الحملات العسكرية الكبرى تقلصت إلى أدنى حد.

وتشتت مجلس التعاون الخليجي، منقسما على ذاته، وموزعا علي طرفي الصراع الإقليمي، في ظل واقع معقد، تداخلت فيه مصالح القوى الكبرى، ووجدت قواسم لقاء مشتركة، إقليميا ودوليا، بتحقيق مصالح وغايات بعيدة المدى، على حساب دول الخليج العربي وأمنها.

فخارطة التحالفات تغيرت، وسياسات القوى الكبرى واستراتيجياتها، تغيرت هي الأخرى، وتخلت عن أساليبها التقليدية التي اعتمدتها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، بما يؤدي إلى استبدال الوسائل والأدوات في مختلف المواقع.

وهكذا أصبح الخليج العربي بلا غطاء يحميه، ولا ثروات تمول حملات الدفاع عن سيادته، بما يدعوه إلى اعتماد قواعد التنمية الخاصة لقدراته، والإسراع في تنفيذ إصلاحات إدارية، لها القدرة على استيعاب المتغيرات العالمية، والتخلي عن نظم عادات وتقاليد طوى العصر الراهن صفحتها، لا تتكافأ مع روح عصر “ليبرالي/اتصالي” جديد .

وما خرجت به دول خليجية، في محاولة لتعزيز التعاون العسكري، تحت قيادة عسكرية خليجية موحدة، لا يكفي لدرء خطر إقليمي، له قواعد حضور اجتماعي واقتصادي وسياسي في الداخل، وصل إلى حد الشراكة الكاملة مع العوائل الحاكمة في جميع المجالات، شراكة لا يتجرأ أحد على فصلها.

فإذا ما تخطينا المنطق الحتمي لضرورة إصلاح إداري سياسي اقتصادي عصري شامل، كقاعدة أقوى في مواجهة تحديات أخطر، لن نغفل عن اعتبار أمن الخليج العربي جزء لا يتجزأ عن الأمن القومي العربي المشترك، الذي لا يتعزز في ظل الانعزال والتقوقع في وهم قوة ذاتية لا تستقيم بفقدان شروطها، وتلاشي عمقها الإستراتيجي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • الناقد

    صدام حسين رحمه الله كان آخر قلاع الرجولة و النخوة في العالم العربي، الآن القطيع كله دخل في الصف !

  • صالح بوقدير

    دعك من المزايدات والأوهام ليس هناك أمن قومي عربي فالأنظمة الخليجية وغيرها تابعة مهمتها قمع شعوبها لضمان الخدمةلسيد البيت الأبيض وتل أبيب وهي تتنافس فيما بينها لمن يقدم خدمة أكثر وينال رضا السيدين ولوعلى حساب مقدسات الأمة هل تعلم شيئا عن صفقة القرن ومن هم أطرافها؟في الوقت الذي ترتفع فيه الأصوات للتنديد بالإتجار بالبشر تباع كامل فلسطين بشعبها مقابل حماية عروش إلى حين.