-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مخرج "عيسى سطوري" علي عيساوي يتحدث عن دراما رمضان:

التكنولوجيا سلاح ذو حدين.. والدراما التركية شوهت هوية الأعمال الجزائرية

حاوره: محمود بن شعبان
  • 755
  • 0
التكنولوجيا سلاح ذو حدين.. والدراما التركية شوهت هوية الأعمال الجزائرية
أرشيف
علي عيساوي

قال المخرج علي عيساوي إن أحد أسباب تراجع الدراما الجزائرية هو عدم وجود دراسة مسبقة للميدان. وأضاف المخرج في حوار مع “الشروق”، أنه يفترض أن يقوم أي منتج للعمل الدرامي بدراسة قبلية للجمهور قبل الانطلاق في أي مشروع. كما دعا عيساوي في سياق متصل إلى ضرورة توظيف الدراما الجزائرية واجهة للسياحة، مثلما هي الحال في البلدان التي تتخذ من الإنتاج التلفزيوني واجهة لتسويق نفسها.

ما انطباعك الأولي حول الأعمال الرمضانية المقترحة على المشاهد؟
ككل سنة، تعد البرامج التلفزيونية المقترحة في شهر رمضان الكريم مختلفة بالمقارنة بما يتم بثه على مدار السنة، فالشاشة تصبح في رمضان عنصرا جامعا لكل أفراد العائلة، بل لمختلف شرائح المجتمع، وبالتالي، ضرورة التنويع في إنتاج البرامج بين المسلسلات الدرامية والأعمال الكوميدية والتاريخية والبرامج الدينية والترفيهية بات أمرا بديهيا لاستقطاب المشاهد وتلبية رغباته، والحمد لله، مجال السمعي البصري في الجزائر وسع مساحة الإنتاج بتوسع عدد القنوات التلفزيونية التي أصبحت تقترح برامج متنوعة وتتيح الفرصة أمام المشاهد الجزائري لانتقاء ما يريد مشاهدته، وهذا أمر إيجابي بالمقارنة مع السنوات الفارطة، التي كان فيها الإنتاج محدودا بسبب محدودية القنوات العارضة.

ما المعايير التي يجب اعتمادها في تحضير الشبكة الرمضانية؟
أولا، علينا القيام بدراسة ميدانية حول الأوضاع الاجتماعية للجمهور المستهدف بمختلف البرامج، ومن ثم يتسنى لنا تشكيل شبكة برامجية تستجيب لرغبات المشاهد، وكأول مرحلة، علينا تحديد توقيت عرض البرامج، بالتزامن مع الفئة المستهدفة. فالجمهور المتواجد في البيت في الفترة الصباحية ليس نفسه بالمقارنة مع فترة العصر، أو وقت أذان المغرب أو السهرة أو حتى وقت متأخر من الليل، خلال الشهر الفضيل، لذلك، فإن برمجة أعمال تتوافق مع هذا الشرط تشكل عنصرا أساسيا في نجاح الشبكة البرامجية.
من جهة أخرى، فإن التنويع في البرامج شرط أساسي للحفاظ على المشاهد من النفور والبحث عن بديل عبر قنوات أجنبية قد توفر له ما يحتاجه، ولذلك وجب الأخذ بعين الاعتبار إدراج مختلف الأعمال في الشبكة بما يرضي المشاهد من أعمال درامية وكوميدية وبرامج دينية وترفيهية تتلاءم مع أوقات عرضها بفترات تواجده في المنزل، ناهيك عن العنصر الأساسي في الشبكة البرامجية والمتمثل في المواضيع التي تتناولها مختلف البرامج المقترحة، التي يجب أن تكون بهوية مميزة لا تجعل المشاهد غريبا عن بيئتها وطريقة طرحها التي تتلاءم والنمط المعيشي للمشاهد على غرار يومياته، عاداته وتقاليده والدليل على ذلك التزام المشاهد حيثما وجد في العالم بمتابعة البرامج التي تنتجها قنوات بلده الأم، لأنها تبقى الوحيدة التي تعبر عن هويته وتمنحه الجو العائلي الذي افتقده.

هل حافظت الدراما الجزائرية الحالية على هوية المجتمع الجزائري؟
التكنولوجيا والرؤية الجديدة في الإخراج سلاح ذو حدين، يمكن أن يساهم في تطوير الأعمال التلفزيونية، خاصة في حالة ما إذا جسدناها في جانبها التقني أو تأثرنا بالبلدان الأخرى في النظرة الإخراجية التي تقدم إضافة جمالية للعمل تشد انتباه المشاهد أكثر وتساهم في تمرير رسائل ومواضيع الأعمال بشكل سلس، وهذا ما لاحظناه في العديد من الأعمال الجزائرية، سواء كانت درامية،كوميدية أم حتى حصصا تلفزيونية التي أصبحت تقدم بتقنية ونظرة إخراجية عالية، وهي نقطة تحسب لنا، لكن بالمقابل نجد أيضا تأثير الأعمال التركية على محتوى المسلسلات الجزائرية وحتى العربية التي أصبحت تقدم مواضيع دخيلة على مجتمعاتنا، ليتم تناولها من خلال أعمال درامية أو كوميدية تفشل في الأخير بسبب عدم قدرتها على استقطاب المشاهد أو إسقاطها على بيئته وتقاليده، فالجزائر بحجم قارة تملك من الثقافة والتقاليد ما يمكنها من صناعة درامية متنوعة ومميزة دون الحاجة إلى اللجوء لثقافة بلدان أخرى قد تهدد هويتنا وتتسبب في تشتيت المشاهد.

قدمت المحطات الجهوية في السنوات الماضية أعمالا ناجحة كـ”أعصاب وأوتار” “يا عامر ياناسي”، “عيسى سطوري” وسلسلة “بلا حدود”، فلم لم يستمر إنتاجها رغم نجاحها؟
عالجت الأعمال التلفزيونية في السبعينات، الثمانينات والتسعينات عدة مواضيع منها ما كان يعتبر “طابوهات”، إلا أن السينما والتلفزيون ونظرا لوظيفتها التربوية والتثقيفية، فقد نجحت في طرحها بشكل مميز حظي بقبول من طرف المشاهد، ورغم ذلك، وفي الوقت الذي حافظت فيه الشاشة على وظيفتها اصطدمت بتغير المجتمع الذي طغت عليه الأمور التجارية فأصبح ينزاح نحو الأعمال ذات المداخيل العالية على حساب الأعمال التربوية والتثقيفية ومع مرور السنوات وجد المخرجون والمنتجون أنفسهم أمام ضرورة مسايرة تلك الظاهرة، خاصة مع غزو وسائل التواصل الاجتماعي التي فرضت نمطا جديدا في الأعمال التي ترتكز أساسا على الخفة والسطحية، مما أدى إلى تراجع الأعمال التلفزيونية في المحطات الجهوية بالمقارنة بما كان عليه في السنوات الماضية. أضف إلى ذلك نقص الاهتمام بالصناعة السينمائية والتلفزيونية التي عرفت نشاطا واسعا في سنوات السبعينات، الثمانينات والتسعينات خاصة بعد تشكيل المكتب الوطني للتجارة والصناعة السينمائية (ONCIC) في سنة 1967 الذي ضم أسماء بارزة في الصناعة التلفزيونية والسينمائية من مخرجين وتقنيين، ساهموا بشكل كبير في تقديم أعمال خالدة في قسنطينة ووهران وغيرها، كما نجح المكتب في تنظيم صناعة الفن والسينما، حيث صدر أمر بمنح الشركة نشاط الإنتاج المشترك في 15 ماي 1970، فأنتجت أفلامًا حازت على العديد من الجوائز الدولية، على غرار جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي مثل Z لكوستا غافراس في عام 1970، والسعفة الذهبية عن فيلم “وقائع سنين الجمر” للمخرج محمد لاخضر حمينة في مهرجان كان السينمائي في عام 1975.

بحسب رأيك، لم فشلت الدراما في الترويج للسياحة الجزائرية مثلما هي الحال في بلدان أخرى؟
أظن أن اتجاه بعض المخرجين نحو الطرق السهلة في التصوير هو السبب الرئيسي في ذلك، بمعنى أن تخصيص نسبة كبيرة من تصوير المشاهد داخل فضاءات مغلقة لتسهيل مهمة العمل أو تسريعها لا يخدم المشروع ولا الجزائر سياحيا، ولذلك، يجب التفكير في توظيف المناظر الطبيعية ليس من منظور الديكور وفقط بل أيضا كأداة درامية تساهم في تحريك أحداث العمل من جهة والترويج للسياحة من جهة أخرى مثلما هي الحال في السينما الجزائرية. فإدراج لقطات لمعالم تاريخية كمقام الشهيد أو الضريح الموريتاني أو جسور قسنطينة وغيرها في أعمال تلفزيونية دون توظيف درامي لا تقدم أي إضافة في العمل ولا تشد المشاهد لاكتشافها، عكس ما تقوم به الكثير من الدول على غرار تركيا التي روجت لسياحتها بشكل مميز من خلال الاستثمار في ديكوراتها الطبيعية في المسلسلات فأصبحت اليوم قبلة للسياح الذين احتفظوا بها في مخيلتهم انطلاقا من اكتشافها عبر الشاشة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!