-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
نيشان

التَّقِيَّة‮.. ‬التقية‮..!‬

محمد عباس
  • 1816
  • 0
التَّقِيَّة‮.. ‬التقية‮..!‬

في زحمة الهرج والمرج الذي أصبح يميز الساحة الإعلامية في بلادنا، كثيرا ما تمر علينا الأنباء الهامة دون أن تثير اهتمامنا بما تستحق، رغم علاقتها بأمور تمس مصائرنا في الصّميم. من ذلك مقتل عالم فيزيائي وإصابة ثان بجروح بطهران في 29 نوفمبر الأخير.

  • إن مثل هذه الجرائم المتميزة -بتميز ضحاياها- تؤكد مرة أخرى بكامل الوضوح حرص المخابرات الأمريكية الصهيونية خاصة، على عرقلة مشاريع التقدم العلمي والتكنولوجي في العالم العربي والإسلامي باستهداف الطليعة من العلماء.
  • تذكرنا‮ ‬جريمة‮ ‬الإثنين‮ ‬الماضي‮ ‬بطهران‮ ‬بجرائم‮ ‬سابقة‮ ‬من‮ ‬نفس‮ ‬النوع‮ ‬ولنفس‮ ‬الغرض‮:‬
  • ‮‬جرائم‮ ‬الستينيات‮ ‬من‮ ‬القرن‮ ‬الماضي‮ ‬التي‮ ‬استهدفت‮ ‬مشروع‮ ‬مصر‮ ‬عبد‮ ‬الناصر،‮ ‬في‮ ‬اكتساب‮ ‬التكنولوجيا‮ ‬المتطورة‮ ‬في‮ ‬مجال‮ ‬الصواريخ‮ ‬خاصة‮.‬
  • لقد‮ ‬تعرض‮ ‬القائمون‮ ‬على‮ ‬هذا‮ ‬المشروع‮ ‬الاستراتيجي‮ -‬من‮ ‬مصريين‮ ‬وأجانب‮- ‬إلى‮ ‬عمليات‮ ‬إرهابية‮ ‬من‮ ‬نفس‮ ‬القبيل،‮ ‬استهدفت‮ ‬العلماء‮ ‬في‮ ‬أرواحهم‮ ‬وفي‮ ‬ذويهم‮ ‬أيضا‮.‬
  • ولنسف‮ ‬هذا‮ ‬المشروع‮ -‬بقتل‮ ‬روحه‮!‬‭-‬‮ ‬استدرجت‮ ‬مصر‮ ‬إلى‮ ‬حرب‮ ‬يونيو‮ ‬1967،‮ ‬وما‮ ‬انجر‮ ‬عنها‮ ‬من‮ ‬احتلال‮ ‬وانكسار،‮ ‬ضرب‮ ‬المد‮ ‬التحرري‮ ‬العربي‮ ‬في‮ ‬الصميم‮.‬
  • وتعرض مشروع صدام حسين بالعراق لنفس المؤامرة التخريبية، بعد أن استدرج النظام العراقي بدوره إلى الحرب مع إيران التي وجد فيها الكيان الصهيوني غطاء مثاليا لشن عدوانه الغاشم على منشآت تموز النووية، بمساعدات مخابرات الدولة التي باعت العراق تجهيزات هذه المنشآت و‮»‬ساعدته‮« ‬في‮ ‬إنجازها‮!‬
  • وذهب‮ ‬ضحية‮ ‬هذه‮ ‬الجريمة‮ ‬المتميزة‮ ‬عدد‮ ‬من‮ ‬العلماء‮ ‬من‮ ‬العراق‮ ‬ومصر‮ ‬خاصة،‮ ‬وفي‮ ‬ذهننا‮ ‬ذلكم‮ ‬العالم‮ ‬المصري‮ ‬الذي‮ ‬أرسلته‮ ‬بغداد‮ ‬إلى‮ ‬عرين‮ ‬الموساد‮ ‬في‮ ‬باريس‮ ‬حيث‮ ‬قتل‮ ‬بكل‮ ‬بساطة‮!‬
  • وشهدت‮ ‬جزائر‮ ‬بومدين‮ ‬في‮ ‬السبعينيات‮ ‬من‮ ‬القرن‮ ‬الماضي‮ ‬مشروع‮ ‬تصنيع‮ ‬جدي‮ ‬متكامل‮: ‬من‮ ‬الصناعات‮ ‬الميكانيكية‮ ‬إلى‮ ‬الصناعات‮ ‬الإلكترونية‮ ‬مرورا‮ ‬بالصناعات‮ ‬الكهرومنزلية‮ ‬والكيماوية‮ ‬والصيدلانية‮.. ‬
  • وكان‮ ‬هذا‮ ‬المشروع‮ -‬لو‮ ‬أمد‮ ‬الله‮ ‬في‮ ‬عمر‮ ‬صاحبه‮ ‬أو‮ ‬هدى‮ ‬خليفته‮ ‬إلى‮ ‬مواصلته‭-‬‮ ‬أن‮ ‬يرشح‮ ‬الجزائر‮ ‬إلى‮ ‬مكانة‮ ‬متميزة‮ ‬مستحقة‮ ‬جنوب‮ ‬غرب‮ ‬البحر‮ ‬الأبيض‮ ‬المتوسط‮.‬
  • لكن‮ ‬بمجرد‮ ‬رحيل‮ ‬بومدين‮ ‬هبت‮ ‬معاول‮ ‬الهدم‮ ‬من‮ ‬كل‮ ‬حدب‮ ‬وصوب،‮ ‬لتجعل‮ ‬من‮ ‬هذا‮ ‬المشروع‮ ‬الطموح‮ ‬أثرا‮ ‬بعد‮ ‬عين‮!‬
  • وتعيش باكستان -الدولة المسلمة النووية الوحيدة- نزيفا مزمنا، بإقحامها فيما لا يعنيها، وشن حرب على جزء من شعبها، الأمر الذي من شأنه أن يعرقل مشروعها الإنمائي، ويمهد ربما إلى نسف أو تعطيل منشآتها النووية!
  • والعبرة من مختلف هذه الشواهد، أن المشاريع الاستراتيجية التي تقرر فعلا مصير الشعوب العربية والإسلامية تثير – طبيعيا- هواجس التحالف الأمريكي الصّهيوني الذي يحاول بمختلف الوسائل والأساليب تعطيل هذه المشاريع أو نسفها، كما تشهد على ذلك جرائم اغتيال العلماء والباحثين‮.‬
  • ومعنى‮ ‬ذلك‮ ‬أن‮ ‬التفكير‮ ‬في‮ ‬تأمين‮ ‬هذه‮ ‬المشاريع‮ ‬الاستراتيجية‮ -‬الإنقاذية‮ ‬فعلا‮- ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬يسبق‮ ‬التفكير‮ ‬فيها‮ ‬والمضي‮ ‬في‮ ‬إنجازها،‮ ‬كما‮ ‬تدل‮ ‬على‮ ‬ذلك‮ »‬تجاربنا‮ ‬المفشَّلة‮« ‬آنفة‮ ‬الذكر‮!‬
  • والملاحظ على هذه الأنظمة التي شرعت في إنجاز مشاريع استراتيجية -بدون تأمين كاف- غلبة طابع الهواية والتظاهر في سلوكاتها، في مسائل دقيقة تستوجب أقصى درجات الحيطة والحذر والتقية! وتصدق هذه الملاحظة على الأنظمة العربية خاصة من مصر إلى العراق، مرورا بتجربة التصنيع‮ ‬في‮ ‬الجزائر‮ ‬التي‮ ‬كانت‮ ‬مثار‮ ‬تبجح‮ ‬ونشاطوية‮ ‬رسمية‮ ‬مبالغ‮ ‬فيها‮.‬
  • والمؤسف أن هذا التصرف الهاوي يتناقض بخصوص الجزائر مثلا مع تجربة السرية في الإعداد لثورة التحرير المباركة، وإدارة شؤونها بدرجة عالية من الاحترافية أبهرت الأوربيين أنفسهم، وكسبت تعاطف فئات واسعة منهم عن جدارة واستحقاق.
  • كما‮ ‬تتناقض‮ ‬التصرفات‮ ‬الهاوية‮ -‬عربيا‮ ‬وإسلاميا‮- ‬مع‮ ‬تجربة‮ ‬التقية‮ ‬الطويلة‮ ‬لدى‮ ‬فئات‮ ‬معينة‮ ‬من‮ ‬شعوبنا‮..‬
  • لكل ذلك نأمل لأشقائنا الإيرانيين أن يستلهموا تراث التقية لتأمين مشاريعهم الاستراتيجية، بدءا بتأمين علمائهم.. هذه الطليعة النادرة التي ينبغي أن نحافظ عليها، كما نحافظ على بؤبؤ عيوننا، لا سيما أنها تحت مجهر المخابرات الأمريكية الصهيوينة في كل لحظة وفي كل حين‮.‬
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!