الرأي

الجامعة.. جدلٌ يتجدد!

رشيد ولد بوسيافة
  • 1127
  • 8
أرشيف

لم يكن الجدل الذي أثير حول ما جاء في بيان مجلس الوزراء الأخير بشأن الماستر والدكتوراه من فراغ، وإنما فجّر هذا القرار الغامض نقاشا حادا كانت الجامعة بحاجة إليه منذ مدة، بسبب ما آلت إليه الأوضاع من انحدار في المستوى، وتمييع في الشهادات، وفوضى في مشاريع الماستر والدكتوراه، إلى درجة أنها أصبحت تُفتح لإرضاء الطلبة وتفادي احتجاجاتهم، وليس اعتبارا لحاجة البلاد إلى مزيدٍ من حملة الشهادات العليا.

لذلك؛ إن كان المقصود بعبارة “فتح التكوين في الماستر والدكتوراه لكل الطلبة الراغبين في ذلك دون أي انتقاء مسبق” هو إلغاء التّصنيفات المتعلقة بالفئات التي يحق لها اجتياز مسابقات الدكتوراه؛ فهو أمرٌ مقبول، لأن التصنيفات كانت تحرم الكثير من حملة شهادة الماستر من المشاركة في المسابقات، أما إذا كان المقصود بالعبارة هو فتح المجال لكلِّ الطلبة الراغبين في التكوين بلا مسابقات – وهذا مستبعد – فالأمر كارثة بكل المقاييس، لأنه سيغوص بالجامعة في وادٍ سحيق.

كما أنَّ قرارا كهذا يتناقض تماما مع القوانين السّائدة التي تربط فتح مشاريع الدّكتوراه تحديدا بتوفر المناصب المالية، وهي القوانين التي لم تُحترم، لأن الجزائر تُحصي عشرات الآلاف من الدّكاترة البطّالين أو الذين يشتغلون في مجالات أدنى من مؤهِّلاتهم العلمية، كأن تجد دكتورا يدرِّس في مرحلة الابتدائي أو موظفا في الحالة المدنية!

وفي الواقع، فإنّ إلغاء التّصنيفات سيقضي على الكثير من الممارسات السلبية التي انتشرت خلال السنوات القليلة الماضية، وعلى رأسها التّضخيم غير المسبوق للعلامات الممنوحة للطلبة في مذكرات الماستر، والتي تصل إلى 18 و19، بل إن بعض الجامعات منحت 20 من 20، على الرغم مما يقال عن هذه المذكرات التي يتمُّ سلخها أحيانا من بحوث الماجستير والدكتوراه.

ما يحدث في الجامعة من انهيار متواصل للمستوى العام بسبب سلوكيات شائنة ارتبطت بأداء الهيئات العلمية، ما فتح المجال واسعا أمام المحسوبية والتساهل مع السَّرقات العلمية التي يتورَّط فيها الطلبة وحتى الأساتذة، يتطلب تحرُّكا فوريا لإعادة الأمور إلى نصابها ووقف التمييع المبرمج للتّخصصات والشّهادات ومحاولة الارتقاء بالمؤسسات الجامعية الموجودة والتّوقف عن فتح المزيد من الجامعات.

غير ذلك، فإنّ أي قرار بفتح المجال أمام كل الراغبين في الحصول على الماستر والدكتوراه سيكون كارثة أخرى تحلُّ بالجامعة الجزائرية التي تغيب عن التصنيفات الدولية للجامعات بسبب القرارات الارتجالية التي اتخذت خلال العشريتين الماضيتين.

مقالات ذات صلة