الرأي

الجريمة والعقاب.. مجرّد تساؤلات!

قادة بن عمار
  • 2247
  • 9
ح.م

الجريمة التي وقعت في المسيلة قبل يومين، وقام خلالها شرطيٌّ بقتل زوجته ووالديها وشقيقها الصغير إثر خلافات عائلية، جريمة بشعة، اهتزّ لها الجميع، لكنها ليست سابقة في مجتمعنا، وليست جديدة، فالصحف والمواقع باتت مليئة بمثل هذه الأخبار المفزعة، والجرائم المروِّعة للأسف الشديد. قبل أيام، قام ثلاثة شبان حاولوا الاعتداء على محامية في البويرة بقتلها بدم بارد بعد ما تصدّت لهم، وفي وهران، طعن مراهقان شابا صغيرا في السنّ حتى الموت لسرقة هاتفه المحمول.

هذا الأسبوع أيضا، صرَّح رئيس جمعية مختصَّة في حماية الأحداث وصغار السنّ، عن تلقّيه مئات الاتصالات الهاتفية بخصوص تعرّض أطفال صغار للاعتداء جنسيا خلال فترة الحجر بسبب كورونا!

جمعياتٌ أخرى تحدثت عن ارتفاع في عدد النساء المعنَّفات، ناهيك عن تزايد حالات الطلاق، وما جريمة المسيلة إلاّ مثالٌ موجع عن ذلك، فخلافٌ بسيط استمر شهرا بين زوجين ارتبطا قبل سنة فقط، أدّى إلى مجزرة رهيبة وسط العائلة.

هل للأمر علاقةٌ بكورونا؟ التقارير العلمية والدراسات النفسية تقول إنّ حالة الحجر التي توجد عليها العائلات تسبَّبت في كثير من التصرفات العنيفة، لكن هل كورونا السبب المباشر والوحيد؟ ماذا إذن عن الجرائم البشعة الأخرى قبل انتشار الوباء؟ ولو استسلمنا لهذه الفكرة، ألن نصبح مثل الخبراء الذين أراحوا أنفسهم واستراحوا، فقالوا إن العنف سببه إرث العشرية السوداء وفقط؟! لماذا بات القتل سهلا، واستهلاك المخدرات عاديا، واقتحام البيوت بسيطا؟ هل للأمر علاقة بالمنظومة القانونية وبشكل العقوبات؟ لماذا لا يتم تفعيل حكم الإعدام وتنفيذه؟ وهل إذا تم ذلك فعلا، تنخفض الجرائم وتقلّ؟!

قبل أسابيع قليلة، نشرت الشرطة، وهي مصلحة واحدة ضمن جهات أمنية عديدة، حصيلة نشاطها للسنة الماضية بخصوص مكافحة الجريمة، إذ كشفت عن وقوع ربع مليون جريمة خطيرة ومختلفة، أي بمعدّل 693 جريمة يوميا، تورّط فيها 220 ألف شخص!

حدث هذا في 2019، عام لم تكن فيه كورونا، ولا حظرٌ صحي، أو تعليماتٌ بالغلق، بل كنا نعيش عاما سياسيا شعاره وعي الشعب وحرصه على السلمية. أليست مفارقة أن ننتقل من حال إلى حال في ظرف سنة فقط ونحن شعب واحد لم يتبدل؟!

أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات، ويجب أن تكون إجاباتٍ علمية دقيقة، وليست مجرد دراسات شعبوية أو تحت الطلب.

قبل أيام، وخلال زيارته لسيدي بلعباس، قال الوزير الأول عبد العزيز جراد، وهو رجلٌ أكاديمي بالأساس، إن المجتمع الجزائري بحاجة إلى دراسة سوسيولوجية، فهو يرفض النصيحة ويفعل عكسها، يشكر الأطباء ويعتدي عليهم!

كلامٌ قد يتفق معه الكثير، لكن ماذا عن ثقة الشعب التي انهارت بسبب فساد حكوماته سنوات طويلة؟ أليست عاملا أساسيا من أجل نجاح أيّ مشروع أو مخطط؟

الواقع الحالي، والمنطق السليم، يقولان إنه يجب أن لا نتعامل مع المواطنين كأرقام، فالعمال الذين فقدوا مناصبهم، وأصحاب المهن الحرة الذين باتوا مهدَّدين بالجوع، والعائلات التي لا تتوفر على مصدر دخل ثابت، وغيرهم… يحتاجون إلى دعم مادي، وأيضا إلى دعم معنوي، فوراء كل هؤلاء قصّة، لا نريدها أن تتحوّل إلى جريمة أو تنتهي بشكل مأساوي.

مقالات ذات صلة