-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الجزائر التي نتوقع بعد انتخاب تبّون

الجزائر التي نتوقع بعد انتخاب تبّون
الشروق أونلاين

كغيري وكسائر المواطنين الجزائريين البسطاء العاديين الذين ساروا بقوة وشجاعة وأمل وتفاؤل كبيرين بالمستقبل الزاهر الذي ينتظر الجزائر، نحو مكتب الانتخاب صبيحة يوم الخميس الـ12/12/2019م الموافق لـ 15/ربيع الآخرة/1441هـ للإدلاء بصوتهم في هذا العرس الانتخابي المنتظر والمتميز، وكغيري ممن شاهد وعاين عن كثب مختلف الشرائح الاجتماعية الجزائرية وهي مقبلة بحماس شعبيٍّ منقطع النظير وبابتسامة عريضة على اختيار شخص الرئيس الأصلح المنتظر حسب نظرتها ورأيها للإقلاع بالجزائر الجميلة، التي ران عليها ظلامُ الفساد وظلم المفسدين أزيد من ثلاثة عقود.

غير أني فقط وددتُ أن ألج قلوب ومشاعر ووجدان أهلي وأبناء وطني عن الشعور والإحساس الذين ينتابهم بعد إعلان النتائج، وتقرير اسم عبد المجيد تبون الذي سيدخل قصر المرادية بعد أيام كمفتاح للخير وللعهد الإصلاحي والنهضوي الجديد، وهذا لا يتأتى لي إلاّ بإجراء دراسةٍ ميدانية مباشرة، أعتقد أن وسائل الإعلام ستقوم بسبر آرائهم ومعرفة آمالهم وتطلعاتهم، وهي مشكورة على أداء إحدى وظائفها الكثيرة باقتدار.

ولعلني فقط أودُّ أن أقف عند هذه المحطة المفصلية في تاريخ الأمة الجزائرية الحديثة، منبِّها إلى أن عالم المشاعر والأحاسيس شيء، وعالم الواقع ومشكلاته وتداعياته وارتداداته أشياء أخرى.. فعليهم أن لا يُفرطوا في التفاؤل والأمل المطلق، وإن كان من حقهم أن يتفاءلوا ويشعروا ويحلموا بالكثير من الآمال والأماني، التي طالما حلِموا بها طيلة عقودٍ من الاستعمار والتخلف أيضا.. لأنَّ الرئيس الجديد عبد المجيد تبّون –مهما كانت قدراتُه ومواهبه وشرعيته- مجرد شخص واحد فقط، فهو لا يستطيع أن ينهض بأمة مازال فيها: الفاسد والمفسد والمندسّ والمُثبِّط والمُخَوِّرُ للعزائم.. أمة مازال يختبئ وراءها وبين صفوفها الخائنُ والمخادع والمتمرد على القانون، والفوضويُّ والانتهازي والوصولي والمتربص بالأمة الدوائر..

لا يستطيع الرئيس الجديد –مهما كانت قدراتُه وفريقه المساعد- أن يُقلع وينهض بأمة مازال فيها من يتواطأ على الفساد والرذيلة والنصب والاحتيال والسرقة والرشوة.. وهؤلاء للأسف الشديد كُثرٌ ومختبئون في كل مكان حسَّاس ومؤثر ومهمّ من هذا الوطن الكبير والجميل، المترع والمثقل بالهموم والآلام..

وهذه صورٌ ونماذج من هذا الفساد والتواطؤ الإجرامي الكبير الذي سيواجهه الرئيس تبّون، فهذا الإطار والأستاذ الجامعي النخبوي الذي يصرف طلابَه عن مزاولة الدراسة قبل أسبوعين من بداية العطلة ليؤوبوا إلى بيوتهم ويتركوا الجامعة خالية إلاّ من بعض الطلاب.. هذا نموذج قذرٌ من هذه الأصناف المفسِدة والمُعوِقَةِ للنهضة والإصلاح والإقلاع الحضاري، فماذا نصنع بهذا الإطار أو الأستاذ الجامعي المفسد الذي يملأ الفراغ الجامعي والثقافي والفكري والعلمي.. وبهذا الصنف الذي يسرق ثروة الأمة، وزمنها الدعوي والنهضوي الفاعل؟.. ألا يكفيه ما عاث فيها من تقصير وإفساد علمي وفكري ومهني وأخلاقي.. حتى يزيدها هذه الدعاية السوداء بين الطلاب؟ وهل ستنهض الأمة بطالبٍ جامعي غير واع يتواطأ مع أستاذه المستهتِر كي يغيب عن الدراسة، ويترك الجامعة فارغة خاوية على عروشها؟ وماذا نفعل بإداري مفلس مفسد يأتي الإدارةَ على العاشرة صباحا ويغادرها على الثانية عشر ظهرا؟..

وماذا نفعل بإنسان لا يخضع لسلطان وسلطة القانون، ولا يرى ولا يبصر غير سلطان شهواته ومصالحه الأنانية الضيقة؟ هذا الصنف الذي يأخذ العطلة متى وأنَّى أراد؟ يحضر ويغيب ويأتي ويذهب متى أراد؟ يتعلل بالمرض ويستخرج الشهادة الطبية من عند طبيب فاسد ومفسِد يتهاوى أمام بريق ثمن الوصفة الطبية؟ هذا الصنف الكثير في بلادي الذي تستهويه المقاهي والتسكع وقبض الأجر من غير عمل..

أبهذا الصنف المنهار تنهض الأمة وينجح الرئيس الجديد؟

أبهذا العامل والموظف والإداري والأستاذ والإطار الفاسد والمفسِد ستقلع الأمة من كبوتها؟

لا تنتظروا –أيها الجزائريون- من الرئيس الجديد عبد المجيد تبّون الكثير إذا كانت غالبيتنا على هذه الشاكلة الرديئة، ولا تنتظروا إقلاعا إن كنا من هذه الأصناف غير الواعية، ولا تنتظروا نهضة إن كنا نتكلم وننتقد ونعيب ونُجرح أكثر مما نعمل وننجز ونبني، ولا تحمِّلوا الرئيس الجديد أكثر مما يطيق؛ فهو رئيس ناجحٌ بالناجحين، وناهض بالناهضين، ومُقلع بالخير وللخير بالخيِّرين، وفاشل بالفاشلين، ومتقاعس بالمتقاعسين، فكما تكونوا يولى عليكم، فأحسنوا في أنفسكم، وفي بلدكم، وفي رئيسكم، وفي حاضركم ومستقبلكم ومصيركم أيها الجزائريين.. تفلحوا وتنجحوا وتنهضوا.. وإن غدا لناظره قريب.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
9
  • المقنع الكندي

    كما تكونوا يولى عليكم.. فإن كنتم صالحين فإنه كان للأوابين غفورا.. لو قام كل جزائري بمهامه لكنا خير الأمم... ولكننا نحسن انتقاد غيرنا دون أن نسأل أنفسنا أو بعضنا.. هل ادينا ما علينا أم لا؟

  • محمد

    كلامك من ذهب سيدي. آه لو قومي يعلمون قيمة كلماتك الذهبية.

  • انت ادرى

    كتاباتك جميلة

  • مامون

    تبون رجل المرحلة بكل المقاييس الراقية والموضوعية وعلى الشعب الجزائري ان يقوم بعمله بكل اتقان و تفان على الوجه المطلوب وبهذا سنعين الرئيس على مهمته الصعبة.

  • HOCINE HECHAICHI

    "معنويا" ليس هو الرجل المناسب
    (مع احترامي لشخصه).

  • HOCINE HECHAICHI

    "معنويا" ليس هو الرجل المناسب (مع احترامي لشخصه)

  • طالبة نوعية خاصة

    درست عند الدكتور فبحجم تصوره الواقعي بحجم انسانيته وتفاؤل يعجز الشاب اليافع فرغم تقدمه في العمر لازال ينتخب

  • انت متزوج بامراة تكرهك

    لماذ٠ا استاذ!٠٠

  • سهيل

    لا ننتظر منه شيئا فقط إصلاح جهاز الشرطة للقضاء على عصابات الشوارع ممن يتاجرون بالمخدرات و المهلوسات و الخمور التي تذهب بعقول شبابنا و تزجهم في عالم الجريمة لينعصوا على المواطن معيشته.