اقتصاد
عقود ضخمة بالجملة في قطاعات إستراتيجية

الجزائر.. السرعة القصوى نحو طريق الحرير الصينية

حسان حويشة
  • 8399
  • 7

يتأكد بمرور الأسابيع والأشهر أن الجزائر قد مضت فعليا ووصلت نقطة “اللاعودة” في انضمامها لطريق الحرير الصينية الجديدة، أو ما يعرف بـ”مبادرة الطريق والحزام”، وهذا بالنظر للمشاريع ومستوى الشراكة والتعاون بين الجزائر وبكين في مجالات حيوية واستراتيجية، التي ظهرت للعيان في الفترة الأخيرة  وانضمت الجزائر رسميا لمبادرة الطريق الصينية في جوان 2019 من خلال مرسوم وقعه رئيس الدولة حينها عبد القادر بن صالح ونشر في الجريدة الرسمية.

شركات صينية لإخراج منجم غار جبيلات من الأرض

وفي السياق وقعت وزارة الطاقة والمناجم قبل أيام، مذكرة تفاهم مع مجمع شركات صينية هي “MCC” و”CWE” و”هايداي سولار Heydey Solar”، لإخراج منجم غار جبيلات الضخم للحديد من الأرض وإدخاله مرحلة الاستغلال، بعد أن ظل مجرد حبر على أجندات الحكومات المتعاقبة من الاستقلال.

وصرح وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، عقب التوقيع على مذكرة التعاون مع مجمع الشركات الصينية لاستغلال منجم غار جبيلات، أن إنتاج هذا المكمن الضخم الذي تبلغ احتياطاته أكثر من 3 ملايير طن، سيكون في حدود 2025، موضحا أن المرحلة الأولى انتهت وهي الحصول على شريك، والثانية ستكون تأسيس الشركة المختلطة، أما المرحلة الثالثة ستكون مباشرة انجاز المنشآت إلى غاية دخول الإنتاج في 2025.

وسيكون تمويل المشروع بواقع 51 بالمائة للجزائر و49 بالمائة لمجمع الشركات الصينية، بكلفة تتجاوز 2 مليار دولار، ويتضمن نقل الانتاج بعربات (شاحنات) كهربائية إلى ميناء مستغانم وإقامة محطة ضخمة للطاقة الشمسية، وتطوير خطوط السكة الحديدية المهربة في وقت لاحق.

تمويل وانجاز صيني لميناء الوسط الضخم بالحمدانية

ويضاف لهذا المشروع الضخم، مشروع آخر هو ميناء الوسط بمنطقة الحمدانية قرب شرشال بولاية تيبازة، الذي سينجز بشراكة صينية (تمويل مشترك) من خلال قرض طويل المدى من الصندوق الوطني للاستثمار (FNI)، والبنك الصيني “اكزيم بنك”، وتستغرق مدة انجازه 4 سنوات (48 شهرا.

وقبل أيام عاينت سلطات ولاية تيبازة، ممثلة في الوالية لبيبة ويناز، رفقة المدير العام للوكالة الوطنية لإنجاز ميناء الوسط، عمار قرين، 3 أرضيات مقترحة لإقامة قاعدة الحياة للعمال الذين سيقومون بعملية الإنجاز.

وحسب السلطات المحلية لولاية تيبازة فإن الأشغال ستنطلق قريبا في هذا المشروع الضخم الذي سيوفر 150 ألف فرصة عمل، ويعالج أكثر من 6 ملايين حاوية في السنة، وستتولى شركة موانئ شنغهاي الصينية تسيير استغلال الميناء.

ومن المنتظر أن يربط الميناء بالطريق السيار شرق غرب والطريق العابر للصحراء، كما سيتم وصله بالشبكة الوطنية للسكك الحديدية.

اتفاق مع الوكالة الصينية للتعاون الدولي

ومطلع أكتوبر الماضي، وقعت الجزائر على اتفاقية للتعاون الاقتصادي والتقني مع الوكالة الصينية للتعاون الدولي من أجل التنمية، على هامش زيارة وفد عن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني إلى الجزائر.

وحسب متابعين فإن هذه المبادرة فهمت على أنها “خطوة جزائرية أولى ضمن طريق الحرير الصينية الجديدة”، أو ما يعرف بمبادرة “الطريق والحزام”، التي انضمت إليها الجزائر بشكل رسمي.

وحسب ما صرح به أعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني عقب التوقيع على الاتفاقية أنها ستكون بمثابة فرصة لبحث فرص التعاون بين البلدين وتطويرها وترقيتها، لاسيما في المجالات الاقتصادية ومنها الهياكل والمنشآت القاعدية والأشغال العمومية والنقل والتجارة والاستثمار، وكذا في ميادين التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيات الحديثة، فضلا عن مواصلة التنسيق والتضامن بين الجزائر وبكين في إطار مكافحة جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).

إسناد صيني للجزائر خلال جائحة كورونا

وقبل عام مضى، ظهر باديا للعيان أن جائحة كورونا قد قربت الجزائر أكثر من أي وقت مضى من مبادرة طريق الحرير الجديدة للصين (الطريق والحزام)، حيث وجدت الجزائر في الصين خير سند لمواجهة الوباء.

وعلى إثر الموقف الصيني المساند للجزائر إبان الجائحة، صرح الوزير الأول، عبد العزيز جراد، حينها أنه يتوجب على الجزائر بعد أزمة كورونا العالمية ربط مصيرها بعلاقات دولية عادلة، تؤمن بأن الأولوية هي حماية الإنسان كإنسان، مشيرا إلى أن “هذا هو الدرس الذي يجب أن نستخلصه من هذه الأزمة الصحية العالمية”.

كما دعمت بكين الجزائر بفرق طبية عالية التأهيل، ومعدات حماية ضد الفيروس على غرار الكمامات وأجهزة تنفس اصطناعي وأخرى للكشف عن الفيروس إضافة إلى شحنات من اللقاحات المضادة لكورونا “سينوفارم”.

قلق أوربي وفرنسي

ومنذ سنوات تبدي أطراف أوروبية وخصوصا فرنسية انزعاجها من التقارب الجزائري الصيني وانضمام الجزائر لمبادرة الطريق والحزام الذي وصل حد التعاون الفضائي، في إشارة للقمر الصناعي الجزائر “ألكوم سات1” الذي أطلق من منصة في الصين عام 2017.

وترى دوائر أوروبية وفرنسية أن دخول الجزائر مبادرة الطريق والحزام، معناه  فرص أقل لشركاتها مقارنة بنظيرتها الصينية.

وكان تقرير لمجلس الشيوخ الفرنسي تطرقت إليه “الشروق” في أعداد سابقة، أوصى بضرورة الحذر من مبادرة الطريق والحزام الصينية (طريق الحرير الجديدة)، خصوصا في الجزائر والمغرب وبقية الدول، لأنه يبدو أنه ليس لها أهداف اقتصادية بحتة.

مقالات ذات صلة