مفعول مباشر لاستثمارات قطر في الاقتصاد الجزائري

تبرز الاستثمارات القطرية في الجزائر بسمة فريدة من بين عديد الشراكات الأجنبية الأخرى، اللافت فيها أنها توجّهت نحو قطاعات إستراتيجية خارج المحروقات، وبمفعول مباشر في اقتصاد البلاد، على غرار الاتصالات والحديد والصلب والصحة والحليب ومنتجات الألبان.
وعقب جملة من المشاريع الاستثمارية، تحولت قطر، البلد العربي الصديق والشقيق للجزائر، إلى واحدة من أكبر الدول التي لها استثمارات مباشرة في الجزائر، بعد أن ضخت الدوحة الملايير من الدولارات في عدة قطاعات، في انتظار أغلفة أخرى قادمة.

“أوريدو”.. استثمارات متواصلة في الهاتف النقال والأنترنت منذ 20 سنة
وبدأت الاستثمارات القطرية بقطاع الاتصالات قبل نحو عشرين سنة عبر متعامل الهاتف النقال “أوريدو” (نجمة سابقا)، الذي يحصى حاليا 13 مليون و106 ألف و521 مشترك، باستثمارات شملت التغطية الهاتفية للنقال للجيل الثاني والثالث والرابع، ما ساهم في دمقرطة الأنترنت النقال في الجزائر.
وتشير بيانات رسمية للمتعامل “أوريدو” إلى أن استثماراته بلغت 18.7 مليار دينار، (1870 مليار سنتيم) في 2023، صعودا من 18.3 مليار دينار في سنة 2023، شملت خصوصا تعزيز التغطية عبر التراب الوطني وافتتاح عديد المحلات الذكية.

مركب بلارة.. إسهام في تحوّل الجزائر إلى مصدّر للحديد
امتدت الاستثمارات القطرية المباشرة في الجزائر إلى قطاع إستراتيجي آخر هو الحديد والصلب، من خلال مركب بلارة الضخم ببلدية الميلية في ولاية جيجل، الذي بات يعرف باسم الشركة الجزائرية – القطرية للصلب (AQS)، الذي بلغت كلفته الاستثمارية 2 مليار دولار.
وساهم هذا المشروع، الذي بدأ إنجازه عام 2015 ودخل مرحلة الإنتاج في 2017، في تحول الجزائر تدريجيا من مستورد للصلب، وخصوصا حديد الخرسانة الموجّه للبناء، إلى مصدر لهذه المادة، بقدرات إنتاجية تقدّر بـ2 مليون طن سنويا، على أن ترتفع إلى 4 ملايين في المرحلة الثانية من توسعة المشروع التي ينتظر أن تستكمل دراسات الجدوى الخاصة به، والتي أعلن عنها خلال زيارة رئيس الجمهورية إلى قطر في فيفري 2022، والتي ستحدّد أي منتج سيخرج من مصنع التوسعة.
وبعد أن ضخ هذا المركب كميات معتبرة من الحديد والصلب في السوق الوطنية، انطلق في التصدير إلى الخارج نحو وجهات مختلفة، في إطار مساعي تنويع الاقتصاد ودعم وتعزيز صادرات قطاع المحروقات.
وكشفت بيانات الجزائرية – القطرية للصلب، شهر جانفي الماضي، أن 2023 كانت السنة الأبرز في تاريخ مركب بلارة، بعد ولوجه أسواق 30 دولة، وتصدير نحو 700 ألف طن من مختلف منتجات الحديد بقيمة تقارب 400 مليون دولار، وكذا الحصول على مختلف الشهادات والاعتمادات الدولية للولوج إلى مختلف أسواق العالم بكل أريحية وتنافسية.

مستشفى جزائري – قطري ضخم بأحدث التكنولوجيات
توسّعت استثمارات قطر المباشرة إلى قطاع الصحة من خلال المستشفى الجزائري – القطري الذي تقدّر طاقة استيعابه بـ400 سرير، ويتم إنجازه وفق معايير دولية من حيث هندسته وتسييره، ويهدف بالأساس إلى التقليل من اللجوء إلى عمليات رعاية صحية خارج البلاد.
وجاء هذا المشروع في إطار شراكة ثلاثية جزائرية – قطرية – ألمانية، من خلال شركة “استثمار القابضة”، وهي شركة مساهمة عمومية قطرية، ومن المنتظر أن يتم تدشينه كليا نهاية العام 2025 بالجزائر العاصمة.
وسيضم المستشفى نحو 400 سرير، و30 وحدة عناية مركّزة و15 غرفة عمليات و40 عيادة خارجية، إضافة إلى 20 منطقة مخصصة للطوارئ، وبإمكانه استيعاب ما يزيد عن 250 ألف زائر للعيادات الخارجية سنويا، بالإضافة إلى أكثر من 25 ألف مريض داخلي سنويا.

إنتاج الحليب المجفف.. أكبر مشروع لشركة “بلدنا” في العالم
وقبل أيام قليلة، أعلنت شركة “بلدنا” القطرية عن اكبر استثمار لها في العالم لإنتاج الحليب المجفف والأجبان ومنتجات الألبان واللحوم الحمراء والأعلاف، من خلال مشروع مدمج موزع عبر ثلاثة أقطاب، على رأسها ولاية أدرار، بقيمة إجمالية بلغت 3.5 مليار دولار.
ويستهدف المشروع، حسب ما ذكره وزير الفلاحة، يوسف شرفة خلال مراسيم التوقيع على الاتفاقية الإطار بين وزارة الفلاحة والتنمية الريفية وشركة “بلدنا” القطرية لإقامة مشروع متكامل لإنتاج الحليب المجفف، أن هذا المشروع الذي يمتد على مساحة 117 ألف هكتار، تتجاوز قيمة تجسيده 3.5 مليار دولار، ما سيمكّن الجزائر من توفير 50 بالمائة من الاحتياجات الوطنية من مسحوق الحليب محلي الإنتاج، واستحداث 5 آلاف وظيفة، وتزويد السوق المحلية باللحوم الحمراء، على أن تبدأ المراحل الأولى للإنتاج في آفاق 2026.
وسينتج المشروع 194 ألف طن سنويا من الحليب المجفف (مسحوق)، بحسب ما ذكره رئيس مجلس إدارة شركة “بلدنا” القطرية، محمد معتز الخياط، ويتضمن أيضا استصلاح مزرعة لإنتاج الأعلاف وأخرى تتوفر على 50 ألف رأس من الأبقار الحلوب، إضافة إلى مرافق عالمية وخطوط إنتاج عالمية لإنتاج الحليب المجفف.
ويصل عدد رؤوس الأبقار الحلوب بحلول السنة التاسعة إلى 270 ألف رأس من الأبقار الحلوب، وإنتاج 1 مليار و900 ألف لتر من الحليب سنويا، وسينتج المشروع مستقبلا حليب الأطفال، إضافة للحليب المجفف ومنتجات الألبان واللحوم الحمراء والأعلاف.