الجزائر
جهود دبلوماسية مكثفة تنتهي بوقف إطلاق النار

الجزائر تنتصر للسلام في ليبيا

عبد السلام سكية
  • 5933
  • 18
الشروق أونلاين

دخل وقف إطلاق النار في ليبيا حيز التنفيذ، بفضل جهود دبلوماسية مكثفة أدت فيها الجزائر دورا محوريا من خلال استضافتها وفودا عدة فاعلة في الملف الليبي، كان آخرها وفد يمثل الحكومة المؤقتة ببنغازي غير المعترف بها، المقربة من اللواء خليفة حفتر.

في الوقت الذي كان فيه “الإخوة الأعداء” يعدون العدة لحرب قد تكون طويلة الأمد، تتولى فيه قوى عربية وغربية “صب الزيت على النار”، كانت هنالك مساع وجهود دبلوماسية تبذل لإبعاد الحرب، التي أنهكت الجارة الشرقية منذ سقوط نظام معمر القذافي العام 2011، والتي كانت ستلقي بظلالها على الحدود الجزائرية.

ومن هذا المنطلق، ساهمت الجزائر طيلة الأسبوعين الماضيين، عبر التحرك في أكثر من اتجاه، لتجنب “السيناريو الأسوأ”، متقيدة بعقيدتها الدبلوماسية القائمة على رفض التدخل الأجنبي وضرورة الجلوس حول طاولة الحوار، حيث استقبلت أكثر من فاعل، وكان أولها الوفد الليبي الذي يحوز الشرعية الدولية، ممثلة في حكومة الوفاق بقيادة فائز السراج ووزيري الخارجية والداخلية.

وفي ختام اللقاءات التي جمعت السراج بالرئيس عبد المجيد تبون، أكد أن “طرابلس خط أحمر يرجى أن لا يتم تجاوزه”، وهي رسالة واضحة للأطراف التي تعمل على دعم خليفة حفتر بالمال والسلاح والمرتزقة.

وفي نفس اليوم، وصل مسؤول الدبلوماسية التركية، مولود جاووش اوغلو، للجزائر، وليس خافيا أن لأنقرة دعما صريحا لفائز السراج، وازداد هذا الدعم بعد التوقيع على اتفاقية أمنية بين الطرفين، تقوم بموجبها أنقرة بنقل عسكرييها للقتال في صفوف عملية بركان الغضب “وحدة عسكرية تحت إمرة حكومة الوفاق”.

موقف واحد.. مع السلام وضد الحرب

وواصلت الوفود الأجنبية التشاور مع الجزائر، التي بدت “غاضبة” من محاولات إحراق ليبيا، حيث زار وزير الخارجية المصري سامح شكري الذي تدعم بلاده بشكل صريح وواضح اللواء حفتر، الجزائر، والتقى مع مسؤوليها، وذكر فهمي أن “مواقف البلدين متطابقة”، والمؤكد أن التشخيص الذي قدمه الوزير المصري “مبالغ فيه”.

وجددت الجزائر على مواقفها من الأزمة الليبية، وبضرورة “نزع فتيل الحرب”، عبر المكالمة التي جمعت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل والرئيس تبون، كما جاء الدعم للتحرك الجزائري عبر الحكومة الإيطالية، وهو ما تجلى في الزيارة التي قادت وزير الخارجية الإيطالي إلى الجزائر.

ورغم الموقف الذي تتبناه الجزائر من حفتر، والذي وصفت قبل أيام عبر برقية لوكالة الأنباء الجزائرية، أن الهجوم الذي يقوده على العاصمة ليبيا طرابلس بـ”العدوان العسكري الذي تشنه مجموعات مسلحة بقيادة حفتر”، واعتبرت الوكالة “أن الحرب قائمة بتأثير أجندات إقليمية ودولية تحوم كلها حول نهب الخيرات الطبيعية للبلد على رأسها النفط والغاز والمعادن المنجمية (اليورانيوم)”، إلا أنها أبقت التواصل معه مفتوحا، وهو ما تجسد في الزيارة التي قادت وفدا مقربا من حفتر يتمثل في وزراء من الحكومة المؤقتة (مقرها في مدينة بن غازي شرق البلاد).

ولم تتحدث السلطات عن الزيارة ولا الإعلام الرسمي، فيما تولت تلك الجهة الكشف عن اللقاء الذي جرى السبت، وقالت عنه “تم التأكيد على موقفهم الثابت في رفضهم للتدخل الخارجي في الشؤون الليبية، والموقف الثابت ضد الإرهاب والمليشيات خاصة أن الجزائر اكتوت بعشرية سوداء جراء الحرب على الإرهاب والمجموعات الخارجة عن القانون والتي راح ضحيتها أكثر من 200 ألف من ضحايا الإرهاب… واتفق الطرفان على مزيد من التنسيق والتعاون والتشاور في مختلف المجالات بما يضمن أمن واستقرار وسيادة بلادنا وأن لا مصلحة للجزائر إلا أمن واستقرار ليبيا”.

هذا الجهد الجزائري المعتبر الذي تم في الفترة القصيرة الماضية، تزامن مع تحركات دولية أخرى، خاصة من تركيا وروسيا وأمريكا وألمانيا، وكان أشرف الشح المستشار السياسي السابق للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، قال ذكر إن الرئيس الروسي ضغط على ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدفع خليفة حفتر إلى القبول بالهدنة.

وأكد بوتين خلال مؤتمر صحفي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في موسكو، ضرورة الاستجابة للدعوة الروسية التركية المشتركة لوقف إطلاق النار في ليبيا بحلول منتصف الليلة الماضية، ومن جهتها، قالت ميركل إن برلين لا تنوي التدخل في ليبيا ولكن لابد من حل الأزمة. وأعربت عن أملها في نجاح الجهود التركية الروسية للسلام في ليبيا.

على صعيد آخر، ذكرت السفارة الأميركية في طرابلس أن وفدا من كبار المسؤولين الأميركيين التقى -بشكل منفصل- مع وزير الداخلية في حكومة الوفاق الليبية فتحي باشاغا، واللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر في روما.

وبعد ساعات من دخول وقف إطلاق النار، رحبت الجزائر، بوقف بالخطوة المتخذة، كما دعت كافة المكونات الليبية إلى الالتزام به والعودة سريعا إلى مسار الحوار الوطني الشامل. وأكدت الجزائر بأنها “ستواصل جهودها للوصول إلى حل سياسي سلمي يضمن وحدة الشعب الليبي وسيادته في كنف الأمن والاستقرار بعيدا عن أي تدخل أجنبيي الذي لم يزد الوضع إلا تأزما بالإضافة إلى تعقيده لفرص التسوية عن طريق الحوار”.

مقالات ذات صلة