-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الجزائر توحّد الفلسطينيين

الجزائر توحّد الفلسطينيين

الحضور القوي للفلسطينيين في احتفالات الذّكرى الستين للاستقلال، واللقاء التاريخي الذي تمّ بين السلطة الفلسطينية ممثلة في الرئيس محمود عباس وحركة المقاومة الإسلامية ممثلة في إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة، يؤكّدان الخطّ الثابت للجزائر في طريقة تعاملها مع القضية الفلسطينية.
على مدار السّنوات الماضية شهدت العلاقة بين غزّة والضّفة الغربية أزماتٍ متجدّدة، ورغم المحاولات التي بُذلت برعاية بعض الدّول الفاعلة في المنطقة مثل السّعودية ومصر، إلّا أنّها باءت كلّها بالفشل، وفي كل مرة كانت العلاقة بين الفرقاء الفلسطينيين تعود إلى نقطة الصّفر، بسبب تباين مشروعي المقاومة والتفاوض أو ما يُسمّى بـ”مسار السلام”.
ومن الواضح أنّ مسعى الجزائر إلى تحقيق الوحدة الفلسطينية يحتاج إلى بلورة مشروع موحّد يتبنّى الحقوق الأساسية للشّعب الفلسطيني، بما فيها إقامة دولة ذات سيادة، وقد يكون نجاح الجزائر في جمع الفرقاء الفلسطينيين بداية لتحقيق هذا الهدف، من خلال استغلال رمزية عيد الاستقلال في الجزائر لإيصال رسالة هامة إلى الفلسطينيين، مفادها أن دولة الاحتلال الصهيوني ليست حتمية أبدية وأنَّ زوالها ممكن، بالنظر إلى تجارب التاريخ وعلى رأسها التّجربة الجزائرية.
على الفلسطينيين أن يقتنعوا بفكرة زوال دولة الاحتلال، وهي ذات القناعة التي حرّكت ثلة من شباب الحركة الوطنية الجزائرية، ففجّروا ثورة التّحرير بعيدا عن السياسيين الذين تابعوا التّنسيق مع الإدارة الاستعمارية، معتقدين أنّ ما فعلته جبهة التحرير الوطني مجرّد محاولة ستنتهي بالفشل كما انتهت إليه جميعُ المحاولات السابقة.
إذا لم يغيّر بعض الفلسطينيين طريقة عملهم ونضالهم، واستمرّوا في خطيئة ما يسمّونه “التّنسيق الأمني” مع الكيان الصهيوني، فإنّ الوضع سيبقى على ما هو عليه، بل أسوأ في ظل موجة التّطبيع التي أقدمت عليها دولٌ عربية تخلّت عن المطالب التّقليدية العربية المتعلقة بحقوق الفلسطينيين، بذريعةٍ زائفة مفادها أنّ الفلسطينيين أنفسهم تخلوا عن هذه الحقوق وقبلوا بالفُتات الذي منح لهم بموجب اتفاق أوسلو 1993.
دروس الثّورة الجزائرية كثيرة، ومن بينها الدّرس الذي قدّمه “زيغود يوسف” في 20 أوت 1955، حين تمّت محاصرة الثّورة قصد خنقِها في بدايتها بالأوراس حتى لا تنتشر وتتوسّع، فجمع ما أمكن جمعه من مجاهدين وقادة في منطقة الشّمال القسنيطيني في 1955، وقال كلاما مؤثرا أعطى فيه أوامرَ صارمة بأن الأوان قد حان لتحديد الموقف من الثّورة “إما معها أو ضدها” وأمر بتصفية كل من يتعاون مع العدوّ الفرنسي، وكانت نتيجة هذا القرار أنْ حسمَ المتردّدون موقفهم وانضموا إلى الثّورة بمن فيهم السياسيون الذين كانوا يؤمنون بفكرة الاندماج، وهكذا توسَّعت الثورة وانتشرت وأصبح كل الجزائريين منخرطين في العمل الثوري.
ما تفعله الأجهزة الأمنية الفلسطينية اليوم من مساعدة لقوات الاحتلال الصهيوني في مطاردة المقاومين والتضييق على الفلسطينيين تحت غطاء “التنسيق الأمني” خطيئةٌ يجب التوقفُ عنها، ولا يمكن قطع الأمل، لأنّ هؤلاء فلسطينيون ويعيشون بين أهلهم وسيأتي اليوم الذي يدركون فيه أنهم في المكان الخطأ والمَهمَّة الخطأ، وسيعودون إلى مَهمَّتهم في النضال من أجل تحرير الوطن من الغزاة المستعمرين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!