-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
شاركتهم الإفطار الرمضاني..  طلبة أفارقة من 37 بلدا لـ"الشروق":

الجزائر.. شعب متسامح ومستقبل واعد لأبناء أفريقيا

وهيبة سليماني
  • 4369
  • 0
الجزائر.. شعب متسامح ومستقبل واعد لأبناء أفريقيا

عندما يجتمع طلبة جامعيون جاؤوا من دول إفريقية مختلفة، في أجواء رمضانية، مع إخوانهم الجزائريين، ويجلسون إلى موائد الإفطار معا في جو تراحمي تملؤه المحبة والمؤانسة، في شهر كريم، كسر بروحانيته كل الفوارق العرقية والدينية، إلى درجة أن العالم كله وبجميع ألوان بشرته انصهر في لحظة بداية الأذان، ولحظة الإفطار… هي الأجواء التي استمتع بها 150 طالب من 37 بلدا إفريقيا، تقاسمها معهم المرصد الوطني للمجتمع المدني والمجلس الأعلى للشباب و”الشروق”، بمعية ممثلي الأسرة الإعلامية في الجزائر..

الجزائر الأم الحنونة.. الجزائر لديها شعب طيب ومضياف وكريم.. فيها وهران الجميلة والجزائر العاصمة المرحبة بجميع الأجناس، فيها تيزي وزو وبجاية وقسنطينة.. مناطق ومدن أبهرتنا واحتضنتنا”.. هكذا كانت أغلب تصريحات الطلبة الأفارقة الذين تحدث إليهم “الشروق” على هامش مبادرة الإفطار التي كانت على شرفهم في فندق السلطان بحسين داي.

تخصصات المستقبل الزاهر في بلد الجزائر

وقدم هؤلاء الطلبة الجامعيون من الكونغو برازفيل، ومن توغو، من كينيا، النيجر، سيراليون، السودان، موريتانيا، الصحراء الغربية، تنزانيا، الكاميرون، زيمبابوي، وغيرها من الدول الإفريقية، وهم يدرسون في تخصصات علمية وتكنولوجيا وفي الميكانيك، واللغات، والطب، مجانا عكس ما هو عليه الحال في بلاد بعضهم.

وقال الطالب” فاعسو” من الكونغو، إنه يدرس تخصص الإلكترونيك في جامعة هواري بومدين بباب الزوار، منذ 5 سنوات، والآن يواصل دراسة تخصص آخر في ولاية تيزي وزو، حيث أكد لنا، أنه يعيش راحة نفسية وطمأنينة، وهو متفائل جدا لمستقبله، وقال: “نحن بشر لا نستطيع أن نعيش دون علاقات، حتى في منطقة القبائل، وجدت الأحبة، والعائلات المضيافة.. الجزائر هي بلدي الثاني الذي تأقلمت فيه بسرعة”.

وأما الطالب”فرونك”، من الكونغو برازافيل، فقال إن الجزائر لا تتناسب مع أشخاص كسالى، أو قليلي النشاط، حيث أكد أنه استطاع بحركيته وحيويته أن يرى هذا البلد جميلا، ومناسبا له، وهو يجتهد ليحصل على شهادة مهندس في الإلكتروميكانيك، وجاء إلى الجزائر منذ 5 سنوات، ويطمح إلى أن يجد منصب عمل مناسب هنا، ويثبت للجميع، أن مستقبله الزاهر بدأ من بلد المليون ونصف المليون شهيد.

الجزائر بلد المحبة والتعايش

وتحدثت الطالبة “تيلاما” من جمهورية توغو التي تقع في غرب إفريقيا، بكل حماسة عن الجزائر، فهي فخورة بتخصص الإلكترونيك، وقالت إنها تمتعت منذ بداية رمضان بموائد إفطار جماعي، وسط الجزائريين، ووجهت لهم عدة دعوات سواء من جمعيات أم عائلات إلى موائد الإفطار.

وعبرت “تيلاما”، عن إعجابها بجمال الجزائر الذي رأته في قسنطينة خاصة، على حد رأيها، قائلة: “قسنطينة.. قسنطينة.. رائعة كم أحببتها، فرغم أنني رأيت متعة وجمالا في سطيف وعنابة وبجاية، وتيزي وزو والجزائر العاصمة، لكن قسنطينة لها في قلبي وفي عقلي مساحة خاصة”.

وقالت صديقتها “تيونابي” وهي ابنة بلدها، إن في الجزائر أشخاصا لطفاء، متواجدين في عدة ولايات، فقد جاءت هنا منذ 4 سنوات، وهي تواصل دراسة تخصص اللغة الإنجليزية في جامعة بوزريعة، لم تشعر بعد هذه المدة بالغربة.

وترى بأن الحياة في الجزائر سهلة وآمنة، ليست إلى درجة المعاناة من أجل العيش والتعايش، فلديها صديقات جزائريات طالبات وعاملات، ومن الوسط الشعبي البسيط، وقد شاركت عائلة بالعاصمة لحظات الإفطار.

طلبة من السودان وموريتانيا والصحراء الغربية يعشقون الجزائر

وأكثر الطلبة الأفارقة الذين يجدون راحتهم في الجزائر، ويعبرون بصدر رحب جسور النجاح والدراسات العليا، ويدرسون أهم التخصصات، هم الموريتانيون والسودانيون، وأبناء الصحراء الغربية، هذا ما وقفت عليه “الشروق” من خلال تصريحاتهم أين قال الطالب “كالي دبوسم”، من موريتانيا، إنه جاء منذ سنة فقط لإكمال دراسات عليا في الجزائر، وفي الإقامة الجامعية بباب الزوار، وجد معاملة طيبة من المسؤولين ومن طلبة جزائريين، ويضيف: “لا يعرفون التمييز العنصري، ولكن هناك من هم غير لطفاء وهم قليلون جدا، ولا يمكننا أن نجعلهم صورة شاملة لباقي الشعب الطيب”.

ومن جهته، قال علي سيدي محمد، من الصحراء الغربية، إنه في الجزائر التأقلم السريع، وذلك الشعور الذي جعله يعتقد أنه قضى سنوات طويلة هنا وخاصة في العاصمة أين يتوفر القبول لمختلف الأجناس، وأردف قائلا: “أفضل ما يميز الجزائريين، ذلك الكرم والجود”، وإلى جانب المعاملة والعلاقات الإنسانية، فقد وجد علي سيدي محمد، أيضا أفضل الدراسات في الجزائر، فهو سعيد بتعلم الإنجليزية في جامعة بوزريعة.

وفي السياق، عبر محمد طالب من موريتانيا، عن اعتزازه بالتخصص الذي يدرسه في جامعة هواري بومدين بباب الزوار، المتعلق بالبيولوجيا، فقد ساعدت علاقته الطيبة مع باقي الطلبة والأساتذة في اجتهاده، وحبه لهذا العلم، وقال: “أعتبر الجزائريين إخوتي، وأصدقائي، حتى منحة الطلبة تستفيد منها مثل أبناء هذا البلد”.

وأكد طالب آخر من موريتانيا أن أغلب التخصصات التي تحتاجها التطورات التكنولوجية والمخابر والبحوث العلمية، موجودة هنا في الجزائر، حيث جاء ليدرس تخصص ميكروبيولوجي.

طلبة مسيحيون صاموا في الجزائر.. وموائد الإفطار استهوتهم

وثمنت الطالبة “بريسيليا مانجا”، المسيحية، التي جاءت من الكاميرون لدراسة تخصص مالية المؤسسات في جامعة مولود معمري بتيزي وزو، مبادرات موائد الإفطار التي تشرك الطلبة الأجانب في الجلوس إليها، وقالت إن عائلات في بلاد القبائل استضافتها ودعت إلى موائد الإفطار، فاستهوتها هذه الجلسات الروحانية الرمضانية، ورغم أنها مسيحية، إلا أنها في الجزائر تصوم رمضان لتقاسم تلك اللحظات الجميلة مع طلبة مسلمين، وتعايش ودون نفاق أجواء الشهر في نهاره ولياليه.

وقالت محدثتنا: “هناك أصدقاء وأحباب.. هناك عائلات مضيافة ومرحبة بالأجنبي.. ففي تيزي وزو، وجدت أناسا طيبين جدا، متفهمين، رائعين”.

ويرى الطالب “بطو قويشين”، الذي جاء من زيمبابوي، لدراسة الذكاء الاصطناعي في جامعة الجزائر، بأن السلام موجود في الجزائر، فقد بدأت مخاوفه أول مرة من اختلاف الثقافة والدين، ولكن تفاجأ في ما بعد بذلك الهدوء والطمأنينة من خلال التعاملات اليومية مع المواطنين البسطاء ورحابة صدورهم وقبولهم للآخر.

وأكد “لويس” من أوغندا الواقعة في شرق إفريقيا، أنه يصوم مع باقي الطلبة في الإقامة الجامعية رغم أنه مسيحي، وقال: “هناك أصدقاء جزائريون، شجعوني على الصيام، واستطاعوا بكرمهم واحتوائهم للأجانب أن يحببوا في قلبي الصيام، أنا أجد راحتي وأنا صائم، وأشعر بتحسن صحتي وكم أشعر بتلك اللذة وأنا أفطر إلى جانب مسلمين ومسحيين، حول موائد الإفطار”.

وأردف قائلا: “لا أنكر أن مطاعم الرحمة هي أيضا، كان لها التأثير غير المباشر في جعلنا نتعمد الجوع يوما كاملا لنفطر جماعيا، ونشعر بتلك اللحظة التي يهب فيها الجميع في وقت واحد إلى حبة التمر وكأس الحليب”.

و”سيمون بيتر” هو الآخر من أوغندا، يدرس تكنولوجيا في جامعة باب الزوار، رغم مسيحيته، إلا أنه قرر أن يشارك بصيامه الجميع، ويفطر بتلك اللذة التي يشعر بها أي صائم.

إشادة بجودة تعليم الطب في الجزائر

أجمع الطلبة الذين تحدثت إليهم “الشروق” بجودة التعليم في الجزائر خاصة في مجال الطب، حيث قال عبد الله عمر من كينيا، أن مناهج تعليم الطب جيدة جدا، وأن الأساتذة والمختصين الذين يشرفون على ذلك لديهم خبرة تجعل الطلبة يحبون التخصص ويتحمسون ويجتهدون دون ملل.

وأكد أن المناظر والمناطق السياحية في الجزائر مثل وهران وسكانها، وتيبازة وشواطئها، تكسر لديهم ذلك الروتين، وتحفزهم أكثر على مواصلة دراستهم بعيدا عن الضغوطات النفسية.

وقال عبد الله: “لقد مضت 6 سنوات من دراستي، خلالها كسبت عائلات في بن عكنون، وأصدقاء في وهران، وهم يصرون علي أن أقضي عيد الفطر بينهم”.

وأبدي “كاينغو سيتوالا” من زامبيا، إعجابه الشديد بطريقة تدريس الطب في الجزائر، حيث قال إنه كان متخوفا في البداية من اختلاف اللغة والثقافة والغذاء، ولكن بعد 6 سنوات من دراسته الطب، وإقامته في منطقة بن عكنون، وجد الهدوء وأصبح لديه أصدقاء جزائريون، وتعرف على عائلات أين يقيم، وعبر قائلا: “كم أحب الشوربة، وطبقا بالجلبانة، وكم أحب وهران”.

والطالبان “تشينس” وجيمس” من السيراليون، هم أيضا ثمنوا مجانية الدراسة في الجزائر، ومناهج التعليم العالي، وطرق التدريس، معترفين بأن ذلك أحسن مما هو عليه في بلدهم.

رئيس جمعية الطلبة الأفارقة موسى سيسكو لـ”الشروق”:
عائلات فتحت لنا بيوتها والجزائر قائدة التنمية في إفريقيا

ثمن رئيس جمعية الطلبة الأفارقة بالجزائر، الدكتور موسى سيسكو، الجهود التي تقوم بها الجزائر من أجل التنمية في إفريقيا، ومن أجل خلق جسور المحبة والتعاون، والتضامن بين شعوبها، وقال إن الجزائر هي أم إفريقيا وهي قائدة القارة، فمخطط التواصل مع بقية الدول النامية سينجح بحسبه، من خلال ما تسعى إليه كما وصفها “أمنا الحنونة” ويقصد الجزائر.

وفي ما يخص دراسة أبناء الدول الإفريقية في الجزائر، يرى سيسكو، بأن تجربة التضامن مع طلبة مختلف البلدان الإفريقية، ومبادرة إفطار طالب أو اثنين عند عائلة جزائرية، التي بدأت 2001، مكنت الكثير من هؤلاء الطلبة من معرفة ثقافة وتقاليد هذا البلد، حيث إن التواصل مع المؤسسات الجزائرية والمجتمع المدني، يجعل كل الأطراف بحسب سيسكو، تخطو خطوات نحو تنمية إفريقيا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.

وأوضح محدثنا أن جمعيته تعمل حاليا بمعية المرصد الوطني للمجتمع المدني على تحضير ورقة طريق للعمل معا لمرافقة الشباب الإفريقي بهدف العمل معا على تكوين شباب ذوي كفاءة عالية للمساهمة و العمل معا لتعزيز التنمية في البلدان الإفريقية، مضيفا: “للجزائر مقويات لقيادة القارة الإفريقية بكل جدارة”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!