الجزائر في حاجة إلى رئيس اتحادية قوي

لم تكن مباراة الكامرون التي عرفت إقصاء الخضر بأخطاء تحكيمية مفضوحة، بالحلقة الأخيرة من مسلسل تجرع فوضى الكاف، حيث تجرع شباب بلوزداد من سوء التحكيم في مباراته أمام الوداد البيضاوي في الدار البيضاء، وشاهد الجميع ركلتي لكن الحكم السوداني بقي مغمض العينين في المباراة الأخيرة في تانزانيا، وواضح بأن المسلسل سيتواصل ويصبح أكثر قوة في المباريات القوية والحاسمة، وسيكون من المستحيلات في هذه الحالة الحلم بالتتويج بلقب “الكان” القادمة في كوت ديفوار، بعد أن صار واضحا تقسيم الكعكة بالترتيب ما بين عديد البلدان دون الجزائر.

الحديث الدائر عن احتمال عودة محمد روراوة بعد نحو خمس سنوات من الغياب إلى قمة الفاف، بقدر ما أثلج الصدور، بقدر ما بيّن بأن الجزائر لم يعد لها من همّ سوى مقارعة الأفارقة برجل قوي، يجعل كل متطاول منهم يعود إلى جحره، وإذا كانت الجزائر لا تريد الهدايا فهي على الأقل لا تريد أن تظلم في ظل تغيّر القوى من بلد إلى آخر، إلى أن وصل الأمر بين أيدي بعض البلدان وبعض الشخصيات التي فهمت بأن وصولها إلى القمة يعني فوز أنديتها ومنتخبها الوطني بكل الألقاب الممكنة، خاصة إذا انتمى هذا الشخص إلى بلد سيّره المخزن مثلا، حيث يصبح الفوز في مباراة كرة أشبه بتعاطي المسكنات والمخدرات.

من حسن حظ المنتخب الجزائري، بقيادة جمال بلماضي، أنه لعب كأس أمم إفريقيا في مصر سنة 2019، فانتزع اللقب خاصة في غياب الكامرون التي لم تتأهل للمنافسة، وخرجت المغرب بركلات الترجيح كما خرجت مصر أمام جنوب إفريقيا في آخر دقائق لقاء الثمن النهائي، وبقيت بلدان غير معروفة بالكولسة، فتحقق الفوز من دون خلفيات وبقليل من الجهد والعذاب، فجاء الانتصار الذي أثار في الكواليس بعض الغيض والحقد، تجلى بعد ذلك، ولا يمكن العودة هذه المرة من دون رئيس اتحاد قوي يملك الخبرة والكاريزما والدهاء، لأجل ترويض العابثين بالكرة الإفريقية والموزعين للألقاب بالتساوي ما بينهم.

صحيح أن الحاج محمد روراوة يمتلك الخبرة والقدرة على التعاطي مع الأفارقة ودسّ أعضاء من الجزائر في مختلف الهيئات الإفريقية والعالمية، لكن هناك آخرون من تعلموا الإدارة وهم في غالبيتهم ليسوا من اللاعبين أو المدربين القدامى وإنما من الإداريين الذين يتقنون التكتلات وكيفية تفادي المظالم الكثيرة والفساد الموجود في الكرة الإفريقية وفي كل بلدانها من دون استثناء بما فيها الجزائر.

فقد أجمع الجزائريون بعد أن شاهدوا الروح التي لعب بها أشبال بلماضي على ضرورة طيّ صفحة الإقصاء المر أمام منتخب الكامرون بسرعة فائقة، والعمل على بناء منتخب أقوى من السابق ولكن تحت مظلة اتحادية قوية حتى لا تتكرر المهزلة التي وقعت في البليدة أمام أعيننا مع سبق الإصرار والترصد.