الرأي

الجزائر مع فلسطين

إنّ من آيات الإيمان الكامل، وعلامات الوطنية الصادقة، ودلائل المروءة التامّة، أن يهتمّ المسلمُ بأمور إخوته المسلمين، ولو بعُدت الديار، وشطّ المزار، واشتدّ البلاء، وهذا ما أشار إليه حديثُ المؤمنِ الأكمل والمسلم الأمثل، وذي المروءة الأتمّ، سيِّدِنا محمد صلى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه، وأتباعه، القائل: “من لم يهتمّ بأمر المسلمين فليس منهم”. وإنّ قضيّة قضايا المسلمين، وأمَّ مشكلاتهم في العصر الحاضر هي “قضيةُ فلسطين”، التي ابتلى بها اللهُ -عزّ وجلّ- إيمانَهم، وامتحن بها قلوبهم، ليبلوَ أخبارهم، ويميز بها خبيثَهم من طيّبِهم، وكاذبَهم من صادقِهم، وبِرَّهم من فاجرِهم، وخائنَهم من أمينِهم.

وممن جسّدوا الإيمانَ الكامل، والوطنية الصادقة، والمروءة التامّة، ثلةٌ من الجزائريين حضّروا ندوة عن فلسطين، وتنادوا إلى هذه الندوة، وحاضروا فيها، مذكّرين بواجب المسلمين نحو فلسطين، وحقِّها عليهم، هذا الحقُّ الذي لن يسقط ولو بقي مسلمٌ واحد، وإن اجتمع عليه الإنسُ والجن.

كانت الندوة تحت عنوان “الجزائر مع فلسطين في السراء والضراء”، والحاضرون فيها من جميع أركان الجزائر، والمُحاضِرون فيها ثلةٌ من العلماء والأساتذة والمجاهدين، وقد أكّدوا المؤكّدَ من مواقف الجزائريين مع فلسطين، والتي لم ينسوها حتى وهم يعانون ويكابدون أعتى استعمار ابتُلُوا به؛ وهو الاستعمار الفرنسي اللعين، الخبيث، المجرم، الذي لن تمحو بشاعتَه مساحيقُ الدنيا، ولن تغسل جرائمَه مياهُ العالم ظاهرُها وما بطن منها.

وكانت الندوة في يوم الجمعة 19. 3. 2021، وهو “يوم نصرهم” على أعدائهم الفرنسيين، وليؤكّدوا أنّ يوم نصر فلسطين قريب، وإن استبعده الظالمون والخائنون من ذوي القربى، والمكذّبون بعهد الله غير المكذوب من أنه ينصر رسلَه والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد.

لقد احتضن هذه الندوةَ، التي استمرّت من ضُحى ذلك اليوم إلى مغربه، متحفُ الجهاد في بلدة الهامل القريبة من بوسعادة، وما يمتاز ويتميّز به هذا المتحف أنّ مشيِّدَه مجاهدٌ من ماله الخاصّ، وأنّه يضمّ “روضة” احتضنت أجساد شهداء تلك المنطقة، الذين أكرمهم الله -عزّ وجلّ- فاتخذهم شهداء في جهاد 1954- 1962.

وأمّا الذين نالوا شرف تنظيم هذه الندوة الدينية، التاريخية، العلمية، فهم الإخوة الكرام القائمون على “المنبر القاسمي” سليل الزاوية العلمية القاسمية بالهامل، يتقدّمهم عميدُهم الشيخ محمد المأمون القاسمي، وعضُدُه الأمين الأخ محمد المهدي.

إنّ الخائنين لقضيّة فلسطين من العُربان ومن مدّعي “النسب الشريف” هم أغبياء، لأنّهم يشكّون في وعد الله -عزّ وجلّ- بزوال الظلم والظالمين في فلسطين، في الوقت الذي “يجزم” بذلك أولو النهى والأبصار والبصائر من الصهاينة أنفسهم، وهو ما أكّده الإمامُ الإبراهيمي منذ نيفٍ وسبعين سنة بقوله “إنّ غرسَ صهيونٍ في فلسطين لن ينبت، وإن نبت فإنه لا يثبت” (البصائر 9/ 2/ 1948).

مقالات ذات صلة