الجلطة الدماغية تقتل نحو 20 ألف جزائري سنويا

تشكّل الجلطة الدماغية عبئا حقيقيا على المنظومة الصحية والخزينة العمومية يحتاج إلى إستراتيجية عاجلة، خاصة بعد زحفها على فئة الشباب الذين يفقدون الحياة في عزّ العطاء.
وتبعث الأرقام المقدّمة من قبل مختصين، خلال الدورة التكوينية الثانية لفائدة إعلاميين من قبل مخبر “بيكر”، على القلق حيث تشهد الجزائر وفاة 15-20 ألف شخص سنويا جرّاء السكتة الدماغية، فيما يسجل سنويا قرابة 65 ألف إصابة جديدة.
وخلال الدورة التكوينية التي تمحور موضوعها حول “القضية الدوائية الاقتصادية لعلاج الرجفان الأذيني” أكّد البروفيسور تالامالي عمران المختص في أمراض القلب، أنّ الرجفان الأذيني يعدّ أحد أهم عوامل الإصابة بالجلطة الدماغية، لما يصاحبه من تخثّر في الدم قد يؤدي إلى الجلطة الدماغية وما تعنيه من تبعات وتأثيرات مهنية واجتماعية ونفسية.
ويصيب المرض، حسب المختص، الأشخاص الذين تجاوزوا 50 عاما إلى غاية 80 عاما، حيث يتراوح انتشاره لدى هذه الفئة بين 0.5 بالمئة إلى 20 بالمئة، ومن أهم عوامل الخطر التي قد تؤدي للإصابة، ذكر البروفيسور تالامالي، داء السّكري وارتفاع الضغط الدموي وأمراض في صمامات القلب أو في الغدة الدرقية.
وتعدّ مضادات التخثر العلاج الأساسي للرجفان الأذيني درءا للجلطة الدماغية، حيث تحدّث المختص عن نوعين من العلاج هي مضادات فيتامين “ك” والمستعملة في الجزائر منذ 50 عاما وصفها بالفعالة غير أنها مرهقة للمريض جراء التحاليل الكثيرة التي تتطلبها للتأكد من استقرار الوضع الصحي وتحديد الجرعات اليومية، والعلاج الثاني يتعلق بمضادات تخثر ذات فعالية مباشرة تسوّق ببلادنا منذ 2018 وهي فعالة أيضا ولها فائدة علاجية أكبر تقلل النزيف الدموي والحصيات الدموية وتجنّب المريض التحاليل الدورية المتقاربة في الآجال بما يساهم في استقرار حالة المريض الصحية، لكن السلبية الوحيدة فيها هو غلاء سعرها وعدم تعويضها من قبل مصالح الضمان الاجتماعي، ما يجعلها بعيدة المنال عن كثير من المرضى، رغم القيمة المضافة لها في تقليل الخطر بنسبة 51 بالمائة وتحسين نوعية حياة المريض.
بدوره أكّد البروفيسور زنّاتي أحسن المختص في اقتصاد الصحة والباحث على مستوى مركز البحث في الاقتصاد المطبق من أجل التنمية أنّ التكفل بالجلطة الدماغية باهض جدا ويكلف الخزينة والضمان الاجتماعي أموالا هي في غنى عنها باعتماد وسائل علاجية وقائية حديثة منها مضادات التخثر المباشرة التي تحمي من مخاطر الإصابة بالجلطة وتقللها إلى النصف.
واستعرض زنّاتي دراسة بديلة أنجزها عن واقع التكفل بمريض الجلطة الدماغية في الجزائر، خلصت نتائجها إلى أنّ مريضا واحدا يخضع للاستشفاء مدة 5 أيام يكلف المستشفى 520 ألف دج بمضادات فيتامين “ك”، تضاف اليها تكاليف أخرى غير مباشرة “عطل مرضية وانقطاع عن العمل” تناهز قيمة 420 يتكفل بها صندوق الضمان الاجتماعي ما يرفع التكلفة الاجمالية لنحو 10 آلاف مريض إلى 4 ملايير دج، وهي تكلفة يمكن تخفيضها إلى النصف أو أكثر باستعمال مضادات التخثر ذات الفعالية المباشرة التي أحدثت ثورة في الإدارة العلاجية ناهيك عن تخفيف الأعباء الاجتماعية النفسية التي لا يمكن أبدا تقديرها والتي تمثل 3/2 من عبء المرض.