-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
"الشروق" ترافق فرقة البويرة وتنقل كواليس عملها في رمضان

الجمارك الجزائرية.. مهام أمنية واقتصادية بلمسة إنسانية

روبورتاج: أحسن حراش
  • 1068
  • 0
الجمارك الجزائرية.. مهام أمنية واقتصادية بلمسة إنسانية
ح.م

لم تكتف مصالح الجمارك الجزائرية بمهامها الأمنية والاقتصادية المنوطة بها، والتي تؤديها بكل صرامة حماية للاقتصاد الوطني، بل اندمجت رفقة المصالح الأخرى، ضمن مساعي وأهداف الدولة الجزائرية في مكافحة جريمة المضاربة تحت شعار “المصلحة العامة والوطنية، أولى من المنافع الفردية”، غير أنها لم تتخل عن وجهها الإنساني ومرافقتها للمبادرات النبيلة لا سيما في شهر الصيام، سواء من حيث الجو العائلي الذي تجسده المديرية العامة بين إطاراتها وأعوانها بمراكزهم، أو من خلال إفطار وتوجيه مستعملي الطرقات خلال الدوريات والحواجز المنصوبة عبر الطرقات والمسالك.

برنامج ميداني مكثف ويقظة لا متناهية في شهر رمضان
وقصد اكتشاف كل ما يحيط بالحياة اليومية لأعوان الجمارك خلال أداء مهامهم في شهر رمضان، رافقت “الشروق” عناصر الفرقة المحلية بالبويرة، التي بدأت رحلتنا منها، قبل أن تكون لنا خرجة ميدانية رفقة أعوانها بالتزامن مع موعد الإفطار، وهي المهمة الإنسانية والجوارية لهم قبل أن تكون أمنية، وذلك وفق تعليمات المديرية العامة التي تسعى إلى إشراك منتسبيها ضمن مبادرات نبيلة خدمة للمواطن والوطن.
كانت الساعة تشير إلى الخامسة مساء، عندما وصلنا إلى مقر فرقة البويرة للجمارك، حيث كان في استقبالنا رئيس الفرقة المحلية بالبويرة الضابط فؤاد أكموش، الذي أطلعنا على الخطة التي سيتم تجسيدها في الخرجة الميدانية، قبل أن يلتحق بنا رئيس مفتشية أقسام الجمارك بتيزي وزو المفتش عميد داودي فيصل، الذي أكد لنا خلال حديثه إلينا بأن مهام الجمارك لا تقتصر على المهام الأمنية الاقتصادية والجبائية فقط، بل اندمجت ضمن مهام الدولة في محاربة المضاربة وحماية الاقتصاد الوطني.
وحسبه، سطرت المديرية العامة في هذا الشأن برنامجا خاصا خلال شهر رمضان، عن طريق رفع درجة اليقظة وتكثيف العمل الميداني عبر حواجز وكمائن ودوريات فردية أو رفقة الأسلاك الأخرى، إضافة إلى الدور الإنساني والتوجيهي ومساعدة مستعملي الطرقات بالتزامن مع موعد الإفطار.

استعدادات جدية والتزام لمباشرة المهمة
في حدود الساعة السادسة مساء، أعطى رئيس الفرقة أوامره للأعوان من أجل الاستعداد لمباشرة المهمة، وما هي إلا ربع ساعة حتى وقف الجميع بساحة المقر، بعد أن استلم البعض أسلحته ووسائل العمل الأخرى ولبسوا الأقمصة المزودة بعاكس الضوء باعتبار أن المهمة قد تمتد ليلا، أين وجه رئيس الفرقة بعض التعليمات الإضافية لهم قبل أن ننطلق على متن 3 سيارات نحو وجهتنا التي كانت الحاجز الأمني المتواجد بالمخرج الغربي لعاصمة الولاية والذي يربط بين الطرقات المؤدية إلى الجهة الغربية والشرقية والجنوبية للولاية، فضلا عن الطريق السيار، حيث كان المكان ملائما لنصب الحاجز ووضع الإشارات وانتشار الأعوان لمباشرة مهمتهم.

تعامل حذر ومدروس في ظرف حساس
مع بداية عمل أعوان الجمارك بالحاجز الأمني، كشف لنا رئيس الفرقة فؤاد أكموش بأن هذه الفترة من المساء وقرب موعد الإفطار بنصف ساعة هي “فترة حساسة تقتضي تعاملا حذرا من طرفنا، على اعتبار أن الكثير من المهربين ومحترفي الجريمة يستغلون هذه الفترة لتمرير ممنوعاتهم”، كما أنهم يتعمدون – حسبه- المرور عبر المسالك الثانوية للتهرب من مراقبة المصالح الأمنية، “مما يستدعي منا مراقبة من بعيد وتتبع تصرفات السائق قبل وصوله بما قد يوحي بوجود شيء ما اعتمادا على الخبرة العملية”.
وحسب هذا الضابط: “يفرض علينا هذا الوقت بالذات تعاملا مدروسا وهادئا مع السائقين باعتبار أن البعض منهم يكون في حالة نرفزة وقلق، ليتم تهدئته وتوفير الراحة له قبل انطلاقه من جديد”، وما هي إلا لحظات حتى تجسد هذا المشهد رفقة صاحب مركبة نفعية قادمة من ولاية باتنة كان يخضع لمراقبة عون جمارك بالجهة المقابلة، حيث تعالى صراخه معبرا عن تذمره قبل أن يتنقل إليه رئيس الفرقة ويقوم بتهدئته من جديد.

تفتيش محكم وحوادث خطيرة
يقوم أعوان الجمارك الواقفون عبر زوايا الحاجز الأمني بتوقيف عدة مركبات وبالخصوص النفعية منها، حيث تخضع لمراقبة دقيقة للوثائق مع تفتيش محكم لأماكن فيها قد تكون مخبأ لبعض الممنوعات، فيما يتم إرشاد بعض المخالفين للضوابط القانونية، التي قد تصل إلى حد حجز السلع المنقولة، على غرار ما حصل مع سائق سيارة كانت متجهة نحو بئر غبالو، وتحمل قطع غيار مستعملة للمركبات دون حيازة صاحبها للسجل التجاري الذي يثبت نشاطه في ميدان الخراطة حسب تصريحه للأعوان.
كما روى لنا رئيس الفرقة قصة وقعت لهم، لا تقل خطورة تمثلت في هروب صاحب سيارة نفعية كانت محملة بكمية فاقت 4 قناطير من مادة الشمة المقلدة، بمجرد توقيفه عند حاجز أمني بمنطقة الصوندا، ليتم مطاردته إلى غاية مدينة عين بسام على مسافة فاقت 30 كلم قبل أن يرتطم بشجرة على جانب الطريق جراء سياقته المتهورة.

تمور وحليب للسائقين مع موعد أذان المغرب
بمجرد حلول موعد أذان المغرب والإفطار، أخرج رئيس الفرقة من السيارة كمية من التمور وعلب حليب تم جلبها من المقر، ليتم توزيعها وتقاسمها مع بعض السائقين المتأخرين قصد الإفطار بها قبل مواصلة طريقهم، فيما أصر صاحب مركبة على النزول ومشاركة الأعوان الإفطار في جو أخوي، كما توقف سائق آخر قادم من ولاية بجاية يسأل عن خيمة الإفطار، ليتم توجيهه نحو الخيمة المتواجدة بالقرب من المكان بمحاذاة الطريق السيار ومحطة المسافرين.
وعدنا مرة أخرى إلى مقر الفرقة، أين حل المدير الجهوي للجمارك، توفيق بلحملة، بولاية البويرة رفقة إطارات أخرى، حيث تم استقباله بمقر الفرقة من طرف الأعوان والإطارات الذين شارك معهم وجبة الإفطار في جو عائلي، عوضهم عن الجو العائلي الخاص الذي افتقدوه خلال أداء مهامهم، فلا تكاد تعرف بينهم من هو الرئيس والمرؤوس والكل يبتسم ويتبادل أطراف الحديث بعفوية ودون عقدة رتب إدارية، وما زاد الجو نكهة عائلية قيام موظفة بالفرقة بجلب كمية من “البوراك” المصنوع من طرفها بالبيت لزملائها رغم تواجدها في فترة راحة، كعربون أخوي بينهم يجمعهم في وقت العمل وخارجه.

موقع حساس بين عدة محاور
أبى المدير الجهوي للجمارك إلا أن يكرم عناصر الفرقة المحلية بالبويرة، بمنحهم شهادة تقديرية نظير المجهودات المبذولة، حيث أكد خلال الكلمة التي قدمها لهم بأن المديرية العامة للجمارك وفي كل شهر رمضان تنظم فطورا جماعيا لفائدة الأعوان والإطارات على مستوى جميع الوحدات، وذلك قصد توطيد الجو العائلي بينهم، مغتنما فرصة تواجده بالبويرة – كما قال- من أجل تكريم الفرقة المحلية على المجهودات المكللة بعدة عمليات نوعية وتدخلات مجدية في الفترة الأخيرة، حماية لأمن المواطن واقتصاد الوطن.
وأضاف بأن القيادة العامة تراهن على هذه الفرقة في مكافحة التهريب وجميع أشكال الجريمة التي تضرب الاقتصاد الوطني، نظرا لموقع ولاية البويرة الحساس والمتواجد بين عدة محاور طرق على غرار الطريق السيار والصحراء، والتي تعرف تحرك تيارات التهريب والجريمة بمختلف أشكالها.
وبلغة الأرقام والعمليات النوعية، فإن فرقة البويرة تمكنت في الآونة الأخيرة من تنفيذ عدة عمليات نوعية أفضت إلى إحباط تهريب وتمرير ممنوعات، على غرار حجز أكثر من 110 قناطير من مادة الشمة التي كانت مموهة وسط شحنة من الجزر، إضافة إلى كميات من الكيف والأقراص المهلوسة التي كانت مخبأة بإحكام داخل مركبات وتم إحباط تمريرها بفضل التفتيش الدقيق للأعوان، فضلا عن عمليات تمس قضايا الأمن العام والاقتصاد الوطني.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!