جواهر

الحباقة.. ذكاء أم حماقة؟!

جواهر الشروق
  • 7369
  • 0

وكأنها المرة الأولى التي يرى فيها فتاة، أغرم الرجل من أول لحظة ذاب من أول نظرة ، شيء يفوق الخيال كل تفاصيلها محبوكة بطريقة لا تكون إلا في قصص الخيال أبطالها ممثلون في الأفلام، فريدة هي بكل ما للكلمة من معنى، تجعل الحروف أمامها عاجزة عن الكلام، حاول أن يخطب ودها.. لم يكن هو الآخر إلا متميزا من عالم الأحلام، رجل من النوع الذي تظهره الأفلام كفارس أحلام، لم يصادف فتاة إلا وبه أعجبت، صدقوني هذا واقع وليس كلام، بادرها بالسلام فردت عليه لا لم ترد؟

والسؤال هل ترد الفتاة وتبدأ مع الرجل الكلام، أم تصمت وتذهب في حال سبيلها وتنسى ما كان؟ هل تفتح المجال له وتتبادل معه بعض الكلمات والعبارات و ربما الأحلام؟ أم تروح دون أن تلتفت خلفها خوفا من الآلام؟

أعلم أن البعض قد اختلط عليه الأمر، فدعوني أطرح تساؤلا واضحا لنحاول منه أن نبدأ، والسؤال هو لماذا يريد الشاب أن يتعرف على فتاة، ولماذا قد تقبل فتاة التعرف على شاب أو ترفضه؟

كانت العلاقة بين الرجل والمرأة في مجتمعنا محصورة في الزواج، فأي رجل يريد التعرف على فتاة من أيام الحمام الزاجل إلى “عمر قاتلاتو الرجلة ” هدفه أن يظفر بملكته لتكون حرمه وحليلته على سنة الله ورسوله أما اليوم فتغيرت المعادلة وتحول الواقع، فصارت إحتمالات العلاقات العابرة أكبر بكثير من الجدية في ثنائية الرجل والمرأة،

طبعا لا يمكن أن ننكر وجود صداقات صادقة بين الجنسين حدودها واضحة ويغلفها الاحترام والتقدير، لكن يبقى الأمر استثناء في زماننا، ونجد في المقابل بعض العلاقات الواضحة التي يعلم الطرفين أنها مهما كبرت لن تتجاوز إطار العشق الممنوع الذي يمارس لتمضية الوقت وملئ الفراغ برضا الطرفين.

لكن بين هذا وذاك رجال ونساء يرفضون أن يكونوا في علاقات عابرة علاقات لا طائل منها إلا متعة عابرة وندم قد يعيش مع الإنسان طول حياته، وهنا يسأل الإنسان نفسه في إطار عولمة العلاقات التي نعيشها، كيف تتأكد الفتاة أن الشاب الذي يريد التعرف عليها ليس عربيد نساء بل رجل يرغب في علاقة جادة محترمة؟  وكيف يتيقن الشاب أن الفتاة التي يريد التعرف عليها ليست تاجرة علاقات تغير الرجال كما تغير الحرباء ألوانها؟

لعلنا ضيعنا الآلية الحقيقية للتعارف والتواصل بين المرأة والرجل، إن الخطبة أو الخطوبة والتي أصبحت في وقتنا الحاضر تحصيل حاصل، لا فائدة منها رغم أنها أصل هدفها تعرف الخطيبين على بعضهما البعض، وفق أطر شرعية محددة تحفظ كرامة الرجل وتصون عفة المرأة، وتمنحهما القدرة على اتخاذ القرار الملائمة للمواصلة أو التوقف دون التعدي على محارم الله، لكننا اليوم صرنا لا نخطب إلا إن تأكدنا أن الطرفين على توافق، لأن المجتمع يعيب على من يخطب ويفسخ خطوبته، لكنه لا يلوم من دخل في علاقة بحجة الإرتباط ثم توقف.

وبالعودة إلى قصتنا، التي بدأنا بها، فيمكن للفتاة أن تقبل الدخول في علاقة مع الشاب وتمنحه الضوء الأخضر لدخول حياتها، لكنها تخاطر بأن تواجه ذكر يبحث عن المتعة كما يمكنها أن ترفض وقد تكون قد ضيعت على نفسها رجلا شهما يبحث عن زوجة صالحة، وحتى الرجل صار يخشى في ظل بحثه عن حليلته الفحلة أن يخطئ العنوان فيكون نصيبه أنثى قلبها كحبة الرمان المتوهجة.

تعدد العلاقات طيب المذاق، هذا رأي كل من خاض فيه وتعرف على خباياه، كما أن زمننا هذا صار فيه الوصول إلى المتعة يسيرا لايحتاج إلى مقدمات أو ثروات، لكن الأكيد أن تذوق عديد الأذواق ورؤية عديد الألوان ستجعل العقل والفؤاد حائرا لا يعلم ما الذي يريد وماذا يختار، فإن كان وقت الجد لم يعد الانسان قادرا على تحديد خياراته أو إتخاذ قراره.

إن ما يجعل الصبر والأمل يدخل لصدورنا وعد الله بأن الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال، والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء، والطيبات من النساء للطيبين من الرجال، والطيبون من الرجال للطيبات من النساء، لكن لا أحد يأمن الإبتلاء، نسأل الله الثبات.

الحباقة: دمج لكلمتين “الحب والصداقة”

مقالات ذات صلة