الرأي

 الحراك الشعبي في خطاب “قناة الميادين”

ح.م

أخذت قناة الميادين المنحى الآخر في رصد حدث الحراك الشعبي الجزائري المتواصل دون انقطاع، وتماشت مع خط افتتاحي اختارته نهجا لها، لا يشكل مفاجأة للرأي العام الجزائري أو الرأي العام العربي.

ترى قناة الميادين التابعة لحزب الله الموالي لإيران، ترى في الحراك الشعبي عبر خطابها الإعلامي الوارد في نشراتها الإخبارية، أو برامجها الحوارية السياسية، خطرا يحدق بالأمن الوطني الجزائري، إزاء احتمالات ما تعتقده في بلوغ انفلاتا أمنيا يخرج عن نطاق السيطرة، قد يعيد مشهد عشرية الإرهاب.

تستعين القناة بعدد من السياسيين المتوافقين مع نهج إقليمي ديني، يرى في الجزائر قاعدة للتوافق في شمال إفريقيا، يعد فقدانها خسارة كبرى، فيما تراه توازنات دينية وإقليمية.

ولا تكتف بالسياسيين فقط، ف”قناة الميادين” التي يديرها الإعلامي غسان بن جدو، لها شبكة من العلاقات مع رجال دين من مختلف الطوائف الإسلامية، يتبوؤون مراكز دينية في عدد من المدن العربية، لهم خطابهم المؤثر في شرائح اجتماعية محددة.

ورجال الدين هؤلاء يوجهون خطابهم للشعب الجزائري، في شكل نصائح ومواعظ، عبر قناة الميادين، محذرين إياه من مخاطر ما تراه “دعوات للفوضى” مستشهدين بنصوص دينية أو أحداث تاريخية دينية.

وتضع قناة الميادين خطابها الإعلامي عير مداخلات رجال دين، تحت عنوان: “نصيحة للجزائر والجزائريين”، و”إنا لكم ناصحين”، وتسألهم أول ما تسألهم عن “نصائحهم للجزائريين وهم يعبئون الشارع، دون هداية !!”.

ضيوف القناة التي تتخذ من لبنان مقرا لها، لا يؤمنون بمصداقية الحراك الشعبي الذي يراه الجزائريون انتفاضة شعبية لبناء جمهورية الغد، فيأتي حديثهم مناسقا في هذا الاتجاه الذي لا يخفي خلفيات سياسية مكشوفة، لها عمقها وتأثيرها في منطقة الشرق الأوسط.

الدعوات تتكرر في هذا الفضاء الإعلامي إلى ترك الأمر لأولياء الأمر، والنظر إلى ما جرى في سوريا واليمن، حيث فلتت الأمور من زمام أصحاب القرار، ودخل البلدان في حرب أهلية.

وتختار “الميادين” متحدثيها من أوساط ترى أن لهم تأثيرا على شرائح المجتمع الجزائري، فمقدم البرامج الجزائري الأصل يحيى أبو زكريا، يقدم ضيوفه بمقدمة تتجسد في “نصح الأمة بالابتعاد عن الضلالة والفتنة” فيوجه حديث ضيوفه كما يريد عبر هذا التقديم المقصود.

لقد أعطى يحيى أبو زكريا مساحة إعلامية واسعة لإمام مسجد في القدس صلاح الدين ابن إبراهيم، وقدمته بأنه مفكر إسلامي، يمتلك مفاتيح النصيحة للشعب الجزائري.

وبدأ صلاح الدين بن إبراهيم نصائحه في برنامج تلفزيوني رسمت الميادين هدفه بقول يستشهد بالرسول “ص”: لا ترجعوا بعد نبي الله كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض”، ويذكر الجزائريين بأن ” أفقركم الآن هو أغنى من رسول الله في حياته”، معتبرا أن ما يجري هو “جر الناس والتغرير بهم، وعلى الجزائريين أن لا يطيعوا أمر المسرفين، وأن يناصحوا من ولاه الله عليهم “.

وعلى هذا المنحى في نهج افتتاحي، يتجه الإعلامي سامي كليب نحو إيجاد نوع من التوازن الذي يحقق من خلاله هدف تسفيه الحراك وهو يختار شخصيات لم تكن بعيدة عن المنظومة السياسية، أو إعلاميين عرب عرفوا بدورهم في تقديم الشهادة الدعائية لأي نظام مقابل مكافأة مالية، أمثال الإعلامي ماجد نعمة، الذي يعرفه الجمهور الجزائري عبر إطلالاته السابقة في التلفزيون الجزائري الرسمي.

سياسة “قناة الميادين” تسترسل في خطابها الإعلامي، وكأنها اللسان الناطق باسم القوى التي تخشى من قدرة الحراك الشعبي الجزائري في تغيير خارطة الشرق الأوسط وإسقاط أدواته التقليدية، وغلق مساحات تحركها.

مقالات ذات صلة