-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الحرية أساس العقيدة الإسلامية

الحرية أساس العقيدة الإسلامية

أعود في عمود هذا اليوم إلى الزعيم فرحات عباس (1899 – 1985) وما جاء في كتابه الأخير الذي سماه “غدا سيطلع النهار”.إن هذا الكتاب هو عصارة فكر هذا الزعيم وخلاصة تجاربه، وإن من مميزات هذا السياسي أنه لم يكن معاديا للعلم كأكثر سياسيينا الذين دخلوا السياسة معتبرينها “لعبة”، وإن خففوا من وقع كلمة “لعبة” بكلمة “قواعد” فقالوا “قواعد اللعبة”، ولهذا لن نكون ظالمين لأكثر “سياسيّينا” إذا سميناهم “لاعبو السياسة”، وها هي نتيجة “لعبهم” تبدو مجسدة في هذا الإفلاس الذي أغرقوا فيه هذا البلد الذي هو أكبر من عقولهم، وأجمل من وجوههم.

سألت يوما الشيخ العباس عن رأيه في فرحات عباس فاختصر رأيه فيه في قوله: يتميز فرحات عباس بالصراحة في طرح آرائه، وله شجاعة أدبية تجعله يعترف بخطإه إذا أخطأ.. وضرب لي مثلا على صراحته فقال: قلت له ذات يوم:”زوّق كلامك لكي تنال أكبر عدد من الأصوات، فحدجني بنظرة تحمل معنى الاستنكار وقال ما معناه: أنا لا أغرّ الشعب، ولا أمنيه بوعود أعرف أن تحقيقها في هذه الفترة هو أقرب إلى المستحيل”.

كان رد الشيخ العباس -كما حدثني هو-: أنا لا أطلب منك أن تكذب على الناس، ولكني أرى أن تكون معهم كالطبيب مع مريضه، حيث يجب أن يخدره لكي يجري له عملية لإنقاذ حياته…

لقد فرضت فرنسا الباغية على الجزائريين الذين قُدّر لهم أن يتلقوا نصيبا من العلم في مدارسها؛ فرضت عليهم جهلا شنيعا بحقائق الإسلام الرائعة، وباللغة العربية الجميلة، وبتاريخ الجزائر المجيد، فكانوا في كثير مما قالوه ضحايا هذا التجهيل، ومن هؤلاء فرحات عباس، ولذا فقد أعجبت بوصوله إلى كثير من حقائق الإسلام التي شوّهها صنفان من الفرنسيين هما طائفة الرهبان وطائفة المستشرقين.. ولاشك في أن وصوله إلى هذه الحقائق يعود إلى اتصاله بالإمامين الكبيرين ابن باديس والإبراهيمي، وأنه ليس من المصرّين على الجهل، المردّدين جملة “مانحتاجوش اللّي يعطينا دروس في الإسلام”، وهم أجهل خلق اللّه.

ومن حقائق الإسلام التي اهتدى إليها فرحات عباس هي أن “الحرية هي أساس العقيدة الإسلامية… وهي أغلى ما يملكه الإنسان” (ص97).

لقد جعل الإمام محمد الطاهر ابن عاشور الحرية إحدى كليات الإسلام، وأكد الإمام ابن باديس أن “حق كل إنسان في الحرية كحقه في الحياة، ومقدار ماعنده من حياة هو مقدار ماعنده من حرية”، وهو ماذهب إليه الإمامان إبراهيم أبو اليقظان والإبراهيمي، حيث يقول أولهما: “إن الحرية الحقة هي أن يكون للأمة الحق في حكم نفسها بنفسها، بما يقتضيه الشرع والقانون”، ويقول ثانيهما: “نقول إن الإسلام هو دين التحرير العام، فنرسل هذا الوصف إرسالا بلا تحفظ ولا استثناء”.

 

لقد استرجع الجزائريون حريتهم غِلابا، وأرغموا أنف عدوهم، ولكن الذين قدّر لهم أن يحكموا الجزائريين أرادوا أن يستعبدوهم، فلما أنكر عليهم الإمام الإبراهيمي والزعيم فرحات أسمعوهما كلاما دلّ على معدنهم، وأذاقوهما مرارة ظلم “ذوي القربى”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • هيثم

    فايق ياسر أنت.

  • Abdellah

    suite

    ان شباب مستعبد لا يمكنه ان يبدع فالعقيده الصحيحه تلهم الابداع و التطور، ان شباب اسعبدته آلهته الجديده فخربت حياته و جعلته يعيش في اوهام الحضاره المزيفه و هو يتفنن في انواع الموضه المضحكه التي تاتيه من الصين بعلامه غربيه و في تسريحه شعره الغريبه الفريده لا يمكنه ان يرتق الى مصاف الامم العظيمه التي ما كان لها ان تصنع مجدا الا لما تحرر ت عقولها و لا يمكن ان يحرر الشاب المسلم الا اذا اخلص عبوديته لله

  • Abdellah

    السلام عليكم
    ان من كانت نفسه حبيسه شهواته قل ايمانه و من تحرر منها زاد ايمانه، هناك اليوم من يعبد الممثلات و المغنيات و الرقصات و هناك من يعبد كره القدم فتراهم هؤلاء المحبين لا يجيدون حديثا الا ان يكون حول آلهتهم التي يحبونها الى درجه الغثيان، فهل من حريه من سبيل لمثل هته العبوديه اللعينه التي وضع لها بشكل واسع الاعلام و دوائر مشبوهه بذور في عقولنا نحن الشباب

  • بدون اسم

    بارك الله فيك يا أستاذ وأطال الله في عمرك

  • مصطفى

    "الحرية هي أساس العقيدة الإسلامية" !!!!
    بل هي مقيدة بالتنزيل.
    كفانا من محاولة ارضاء الدهماء و رعاع الناس الذين لا يفقهون شيئا في دينهم و يظنون الديمقراطية و الحرية غير المنظبطة مثلا عليا.

  • hichem

    نعم الراي رايك يا استاذنا الفاضل