الرأي

الحساب بأثر رجعي!

جمال لعلامي
  • 727
  • 3
ح.م

من بين أهم الملفات والأولويات، التي يجب على الرئيس الفائز في الانتخابات الرئاسية، مواصلتها والاتكاء عليها وعدم إلغائها أو التراجع عنها، هي مكافحة الفساد والمفسدين، وإذا أسقط أيّا كان هذه المسألة من برنامجه وخطة عمله مستقبلا، فإن الكارثة والعياذ بالله ستكون حتما مقضيا!

محاربة الفساد والفاسدين والمفسدين و”الباندية” والسرّاق وناهبي أموال الشعب والدولة، كان ومازال وسيبقى إلى ما لا نهاية، مطلبا شعبيا، ظهر بقوة واستمرار خلال الحراك السلمي، وهذا ليس بدعة ولا استثناء، فقد تضّرر المواطنون ومعهم الخزينة العمومية والمصالح العليا للدولة، من آفة النهب والسلب، التي أفرغت الخزائن وضربت الاقتصاد الوطني، وعبثت بالمشاريع والصفقات، والأخطر من ذلك، أنها قنّنت للفساد وجعلت منه وظيفة!

المصيبة أن الفساد عشّش هنا وهناك، وجنّد للأسف الوزير والوالي والمدير والمير، وجعل من عديد المسؤولين في مختلف القطاعات والتخصصات، رهينة الرشوة و”التشيبا” والعمولة، وأضحت الصفقات المشبوهة والتدليس والغشّ والتزوير والمحاباة، أقصر طريق لتسمين رجل أعمال على المقاس، وخنق رجال الأعمال الحقيقيين، وبالتالي خلق مجال أوسع للابتزاز والمقايضة خارج القانون والأخلاق والضمير!

لا يمكن للجزائريين أن يتسامحوا مع ظاهرة الفساد، أو يرضوا بالسكوت عنها، أو العودة إليها، بعد ما لاحت في الأفق تباشير نهايتها، بالتحقيق مع المتهمين والزجّ بهم إلى السجون في انتظار محاكمتهم، لكن من بين أماني الخيّرين والمخلصين، أن يتمّ استعادة الأموال المنهوبة، حتى يتم توظيفها مجددا في البناء والتشييد وصناعة البسمة والأمل!

مخطئ هو من السياسيين والمترشحين لمنصب رئيس الجمهورية، أو الراغب في منصب وزير ضمن الحكومة القادمة، أو نائب في برلمان الجزائر الجديدة ومجالسها المحلية المنتخبة، أن يعتقد بأن تجاهل أو نسيان شعار “كليتو البلاد يا السرّاقين”، الذي دوّى في المسيرات المليونية الأولى، واستمرّ طوال 7 أشهر كاملة على ألسن مواطنين يدعمون محاربة الفساد ويباركون مساعي قطع دابره وتقليم أظافر عرّابيه والمستفيدين منه!

لسان حال المواطنين الراغبين في التغيير المنهجي، يردّد بلا تردّد، بأن محاربة الفساد لا ينبغي بأيّ حال من الأحوال ولا أيّ مبرّر أن تسقط بالتقادم، بل على الحساب والعقاب أن يكون بأثر رجعي، حتى يأخذ كلّ ذي حقّ حقه، ولا تضيع الحقوق وتعود إلى أصحابها، وصحابها هنا هو الشعب من خلال الخزينة العمومية التي حوّلها مشروع “أفسدة” المجتمع إلى “ملك بايلك” مستباح من طرف مفسدين لا يحللون ولا يحرّمون ويرضعون من كلّ الضروع!

مقالات ذات صلة