-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
برسائل الرئيس تبون العابرة ومحاكمة سانشيز في البرلمان

الحكومة الإسبانية تحت رحمة أخطائها وغضب الجزائر

محمد مسلم
  • 12911
  • 1
الحكومة الإسبانية تحت رحمة أخطائها وغضب الجزائر

لم يخل خطاب الرئيس عبد المجيد تبون، خلال زيارة الدولة التي قادته إلى إيطاليا، من الرسائل البليغة الموجهة رأسا إلى إسبانيا، التي تعيش حكومتها برئاسة بيدرو سانشيز، وضعا لا تحسد عليه، منذ تبنيها قرار دعم مشروع الحكم الذاتي الذي اقترحه نظام المخزن المغربي بشأن التعاطي مع الصحراء الغربية.

الرئيس تبون وفي الندوة الصحفية التي نشطها الخميس مع نظيره الإيطالي، سيرجيو ماتاريلا، قال إن “إيطاليا ستكون الموزّع للغاز الجزائري في أوروبا”. تصريح يبدو عاديا طالما أن روما تعتبر شريكا تقليديا للجزائر في مجال الطاقة وفي غيرها من القطاعات الأخرى، غير أن الأمر أبعد من ذلك تماما.

وتعتبر إيطاليا الزبون الأول للجزائر في مجال الغاز، كما يعتبر أنبوب الغاز “ترانس ماد” المعروف بـ(أنريكو ماتيي) الرابط بين التراب الجزائري والإيطالي عبر تونس، الأول من نوعه في التاريخ، ورغم أن للجزائر أنبوبين للغاز يربطهما بإسبانيا، وهما “ميدغاز” والأنبوب المغاربي الأوروبي المتوقف بقرار من الجزائر، منذ بداية نوفمبر المنصرم، إلا أن الشراكة مع مدريد لم ترتق إلى مستوى الشراكة بين الجزائر وروما.

خطاب الرئيس تبون وإن كان يعبر عن المستوى الذي بلغته الثقة بين الجزائر وإيطاليا، إلا أنه كان بصدد توجيه رسالة إلى رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، الذي خان العهد وباع موقف بلاده بـ”ثمن بخس” لنظام لا يستحق هذا الامتياز، وهو نظام المخزن الذي لا يراعي للصداقة والأعراف “إلا ولا ذمة”.

وإلى وقت قريب، كانت إسبانيا قاب قوسين أو أدنى من أن تتحول إلى موزع حصري للغاز الجزائري نحو الدول الأوروبية، ولأجل ذلك، أقامت بنى تحتية ضخمة في مجال تخزين الغاز وتحويله، وصرفت عليها ملايير اليوروهات، كانت تعتزم توظيفها في تخزين الغاز الجزائري المستورد عبر الأنابيب، غير أنه وفي لحظة من الجنون السياسي، ارتكب بيدرو سانشيز، حماقة باستعداء الجزائر بشكل مجاني، عندما تخلى عن موقف بلاده التاريخي من قضية الصحراء الغربية، وهو يدرك حساسية هذا الملف بالنسبة لشريك كالجزائر.

ومن سوء حظ الطرف الإسباني أن قراره الخطأ جاء في الوقت الخطأ، أي في الظرف الذي يشهد فه العالم أزمة طاقة خانقة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، والتي رفعت أسعارها إلى مستويات قياسية لم تسجل منذ نحو عقد من الزمن، وهو ما زاد من حجم الضغوط الداخلية على رئيس حكومة مدريد، الذي حملت حكومته المسؤولية وحدها في الأزمة الدبلوماسية مع الجزائر، وكذا تداعياتها على الداخل الإسباني، بعد قرار السلطات الجزائرية مراجعة أسعار الغاز المصدر نحو إسبانيا دون غيرها من الدول المستوردة للغاز الجزائري.

رسالة الرئيس تبون العابرة من روما إلى مدريد، جاءت أيضا في اليوم الذي كان فيه البرلمان الإسباني، يناقش تغيير حكومة سانشيز موقفها من القضية الصحراوية، الأمر الذي زاد من حدة الضغوط على الحزب الاشتراكي الحاكم، الذي بات مهددا أكثر من أي وقت مضى، بسقوط حكومته الائتلافية، قبل نحو سنة من موعد الانتخابات التشريعية المقبلة، التي يتوقع أن تكون قاضمة له، وفق المتابعين.

وفي اليوم ذاته، وبعد مناقشات حادة، دعا البرلمان الإسباني للمرة الثالثة في ظرف نحو أسبوعين، رئيس الحكومة بيدرو سانشيز، إلى تصحيح موقف بلاده من القضية الصحراوية، وطالبه بضرورة العودة إلى دعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وهو الموقف التاريخي لمدريد باعتبارها القوة الاستعمارية المديرة للمناطق الصحراوية المحتلة، فيما لا يستبعد أن يتفاقم حجم الضغط على حكومة سانشيز في حال لم تتجاوب مع مطالب البرلمان المتكررة، بهذا الخصوص.

واللافت في هذه القضية، هو أن حزب بوديموس اليساري الذي يعتبر جزءا من الائتلاف الحكومي، واصل الاستمرار في وقوفه إلى جانب مختلف مكونات المشهد السياسي الرافض لموقف سانشيز من القضية الصحراوية، ما جعل هذا الأخير معزولا في الداخل وسط انتشار شكوك بشأن تحوله إلى رهينة بأيدي نظام المخزن المغربي الذي تمكن من الوصول إلى أسرار في هاتفه الذي كان محل تجسس عبر برنامج “بيغاسوس” الصهيوني، أما خارجيا فيبقى مرفوضا من قبل شريك بحجم الجزائر، الأمر الذي جعله مهددا بسقوط حكومته، في ظل تعدد الفضائح التي رافقت تطبيع علاقات بلاده مع نظام المخزن المغربي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • Salim

    كل من يثق في المخزن المغربي الخائن مصيره الخسران