-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الخلاص في العودة إلى قيم نوفمبر الأصيلة

الخلاص في العودة إلى قيم نوفمبر الأصيلة

الأمة التي لا ماضي لها، لا مستقبل لها، وأرى أنّ الأخطر من ذلك، أنّ الأمة التي تعيش على أمجاد ماضيها فقط من دون صناعة حاضرها بجدّية وحزم وصدق أمة تحتقر عمليا ماضيها وتقتل مستقبلها.
إنّ العودة بمناسبة ومن دون مناسبة إلى أمجاد الماضي الذي صنعته الأمة لتغطية انكسارات الحاضر، والفشل المزمن في إعادة الإنبعاث، هو نهجٌ مفلس يدعو إلى الحسرة بل إلى التقزز والغضب.
وعندما نفشل في تطبيق العدالة في توزيع الثروة فإن ذلك لا يبرِّر الاختفاء وراء شعار تمجيد الثورة.
وعندما نُقصِّر في التمكين لمطالب الناس في العيش الكريم سكنا، وتعليما، وعلاجا، وعملا، مع ما تحوزه البلاد من مقدرات هائلة، فإنّ ذلك لا يمكن تغطيته بتمجيد قِيَم التضامن والتكافل وتجييش العواطف بالبُعد الروحي المتأصِّل في نفوس أبناء الشعب.
وعندما نصطدم بواقع الفشل في تطبيق ما نتّخذه من قرارات بمناسبة حوادث أو كوارث طبيعية وغيرها، لأنّ مثل هذه القرارات كانت ردة فعل لامتصاص حدّة الأزمة وغضب الضحايا وتهدئة الأنفس، فإنّ ذلك لا يمكن تبريره باللجوء إلى عدم القدرة على الوقوف في وجه القضاء والقدر.
وعندما يكون معيار الجهة والفئة والقطاع والولاء هو القاعدة في إسناد المسؤوليات والقيام على إدارة الشأن العامّ وقضاء حوائج الناس في العيش الكريم والتنمية الشاملة، فلا عجب أن تكون الزبونية وشراء الذمم وانتشار الرذيلة بمختلف صورها هي الحصاد المرّ.
ولا يمكن حينئذ أن يُعالَج هذا الأمر بالتوجيه الأخلاقي العامّ على منابر المساجد ودور الزوايا ووسائل الإعلام والتذكير بضرورة العودة إلى خُلُق الصبر والتضحية وتعاليم الدين التي تحضر وتغيب حسب المناسبة والطلب.
وباختصار شديد وبشكل عامّ، فإنّ الرصيد المعنوي للأمة واستحضار أمجاد تاريخها الزاخر التليد يجب أن لا يكون صيدلية يُرجع إليها لتخفيف آلام عدم الكفاءة في الحكامة والتسيير، أو تكون ملجأ للتستر على الفشل وعدم القدرة على أداء الأمانة وصيانة الوديعة.
إنّ مظاهر كثيرة تصادف المواطن في حياته اليومية تكشف له كل يوم وبوضوح أنّ ما يعرفه من مجد تليد لماضي أسلافه وجهادهم بأمانة وكفاءة مبهرتين، ومبادئ مُثلى وقيم سامية عرفتها الأمة واقعا معيشا وتطبيقا صارما ومسؤولا لا يجد لها أثرا في كل المرافق التي يتردد عليها اليوم في بلاده.
إنّ هذا التضارب والتناقض الذي طال أمده حتى كاد أن يصبح هو الأصل في حياة الناس نذيرٌ بخراب العمران وذهاب الريح وزوال الأوطان لا قدّر الله.
من أجل ذلك أصبح لزاما على أبناء الأمة المخلصين إعادة القاطرة إلى مسارها الصحيح. وفي هذه الحالة بالذات تكون العودة إلى قيم نوفمبر وروحه وصرامته ضرورة مُلحّة.
نحن إذن فعلا بحاجة إلى نوفمبر جديد نتأسَّى بقِيمه في التضامن وجمع الكلمة وتحديد الهدف بدقَّة على المشترك، والإجماع على تحقيقه وتفعيل النظام الصارم القاطع الواجب الإتِّباع والمُلزِم للجميع لا فرق فيه بين المسؤول وغيره.
ومن الخطوات الأولى لبعث نوفمبر جديد حركة المجتمع الواسع بإنتاج أسلوب التوعية التي يقودها علماء وشرفاء ونزهاء هذه الأمة عوض أن يركبها عديمو ومجهولو النسب السياسي والذين تعرفهم وسائط التواصل الاجتماعي خاصة.

دولة، الحق فيها سابق على المصلحة، والعدل سابق على القوة. دولة يكون القوي فيها ضعيفا حتى يُؤخذ الحق منه، ويكون الضعيف فيها قويا حتى يُؤخذ الحق له.
دولة لا يستقيم أمرها في كل مناحي الحياة إلا بصناعة قرارها في مؤسسة قائمة على تقليب كل مسألة على مختلف الآراء والاستقرار في النهاية على صناعة قرار جماعي مُلزِم للحاكم والمحكوم على حد سواء، كل في مجال اختصاصه.

وأسلوب التعليم الهادف إلى إنتاج الإنسان العارف بكُنهِ الحياة، المُستخرِجِ والمتحكم في أدوات تعميرها وتعميم خيراتها، وأسلوب جديد يعتمد التلقين والتكليف معا حتى يترسّخ عند الجيل المنشود مبدأ أنّ ما يؤمن به من فكرة هدف يجب أن يترجم إلى واقع معيش.
والعمل على أن يكون كل ذلك قاعدة تغيير حضاري شامل يتحرر فيه أبناء الأمة من التبعية للمصلحة الفردية الضيقة أو الجهوية المقيتة. كما يتحرّرون فيها من أمواج التبعية الفكرية بدعوى التمدن والحداثة والانفتاح، ويحاربون كل مظاهر التطرف والتزمت والتضييق وإتِّباع الإمَّعة من أشباه الساسة الذين يدّعون زورا الدعوة إلى الحرية وهم في الواقع يغرسون بذور الكراهية والحقد وتصفية الحسابات متستّرين بالتباكي على مصالح الشعب الذي لا يعيش أكثرهم معه ومثله.
لقد أصبح لزاما عودة الأمة إلى مرجعية علمائها الأعلام ومجاهديها الأفذاذ لإعادة بناء دولة تكون الحرية سبب وجودها، بها يعيش الناس وفي كنفها تنظَّم مؤسساتها وتُضبط قواعدُ المسؤولية فيها.
دولة، الحق فيها سابق على المصلحة، والعدل سابق على القوة. دولة يكون القوي فيها ضعيفا حتى يُؤخذ الحق منه، ويكون الضعيف فيها قويا حتى يُؤخذ الحق له.
دولة لا يستقيم أمرها في كل مناحي الحياة إلا بصناعة قرارها في مؤسسة قائمة على تقليب كل مسألة على مختلف الآراء والاستقرار في النهاية على صناعة قرار جماعي مُلزِم للحاكم والمحكوم على حد سواء، كل في مجال اختصاصه.
دولة المسؤولية فيها أمانة، والقضاء فيها دارٌ لردِّ المظالم. يصون أمنَها أشاوسُ أبنائها ويحفظ مجدَها علماءٌ لا يخافون في الحق لومة لائم.
دولة، تكون فيها خدمة مصالح المواطنين وسام شرف لا مناسبة كسب وثراء واستعلاء واعتداء.
دولة نوفمبر المتجدِّد الذي لا مكان فيها إلّا للصدق والجدّية وتحقيق مصالح الشعب والبلاد في السيادة والريادة والحرية والتنمية.
دولة، تجازي المحسن بوسام الوفاء والتكريم وتقطع يد الخائن بيدٍ لا ترتعش كما فعل مجاهدو نوفمبر.
تلك هي دولة نوفمبر المنشودة والتي طال أمدُ بنائها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!