-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الخنجر الذي فضح المستور!

الخنجر الذي فضح المستور!

الحادثة التي شهدتها إحدى المؤسسات التربوية بباتنة، وكادت تنهي حياة الأستاذة ريحانة بن شية، تُعدّ إنذارا للسّلطات المعنية من أجل التّحرك لإعادة الأوضاع في المدرسة إلى الطّريق الصّحيح، لأنّ الوضع بلغ درجة من الخطورة لا يمكن السّكوت معها، ولا يتطلب الأمر منّا جهدا كبيرا لحصر حدود ظاهرة العنف وأسبابها ومدى انتشارها في الوسط المدرسي.

لا نتحدث هنا عن العنف اللفظي المنتشر بشكل كبير حتى في أوساط الأساتذة والمؤطرين، ولكن نتحدث عن العنف الجسدي الذي غالبا ما يُترجم في شكل اعتداءات على أفراد الأسرة التربوية، وفي بعض الأحيان تصدر هذه الاعتداءات من أشخاص غرباء عن المؤسسات التربوية وأحيانا أخرى يتورط فيها تلاميذ بتواطؤ واضح من أوليائهم.

إنّ المطلوب الآن هو إقرار تدابير لحماية أفراد الأسرة التربوية، مثل ما حدث في قطاعات أخرى على غرار قطاع الصحة، وهذا من أجل وقف التّجاوزات التي تُرتكب بشكل شبه يومي بحقّ الأساتذة والمعلمين من قبل بعض الأولياء الذين لا يتردّدون في الدفاع – بعنف – في حال تعرّضوا لعقوبات مختلفة، وغالبا ما يجد المسؤولون على المؤسسات التربوية صعوبات في فرض النّظام الدّاخلي على التّلاميذ، خاصّة ما يتعلق بالهندام المتمثل في اللّباس وطريقة قصّ الشّعر، فيعترض بعض الأولياء معتقدين أن هذه الأمور حرية شخصية ولا يحق للمدرسة فرض نمط معين للباس أو تسريحات الشعر!

إنّ الانفلات الأخلاقي والتّربوي الذي يشهده المجتمع خلال السنوات الأخيرة طال المدرسة، وفقد الأستاذ والمعلّم تلك القيمة المعنوية التي كان يحظى بها في المجتمع خلال عقود سابقة، وقد ساهم الوضعُ المادي المتردّي للمعلم والأستاذ في تعميم الظاهرة، إلى درجة أصبح التوجُّه إلى مجال التعليم خيارا سيئا في نظر المجتمع، لأن من يفعل ذلك قد حكم على نفسه بأن يعيش فقيرا طالما أن المقابل الذي سيلقاه لا يكفي لتوفير أدنى متطلبات الحياة.

إنّ التّوجه الحالي إلى تحسين الظّروف المعيشية لأفراد الأسرة التّربوية هو بداية لتصحيح هذا الوضع، لكن ينبغي أن تتواصل العملية ليكون وضع العامل في حقل التّعليم أفضل بكثير من العاملين في مجالات أخرى أقل أهمية من مجال التعليم الذي يُعنى بصناعة الإنسان، ولنا في تجارب الدول المتقدمة المثال.

إذا حدث هذا التّحول، فإنّ قطاع التّعليم سيستقطب في المستقبل الكفاءات والنّوابغ، وستتغير صورة الأستاذ والمعلم في نظر المجتمع، حينها تستعيد المدرسة دورها الحضاري، وتختفي المظاهر السلبية الناجمة عن اختلال صورة المعلم القدوة الذي يؤثر في المجتمع ولا يتأثر به. أما إذا استمرت الحال على ما هي عليه فلا يمكن أن ننتظر شيئا من المدرسة ولا من الجامعة.

وهنا تكفي الإشارة إلى أن عاملا بسيطا حصل على الوظيفة بالمحسوبية في مجمّع نفطي تابع للدولة يستفيد من راتب شهري يضاهي راتب البروفيسور في الجامعة الذي يُعدُّ عالما في مجال تخصّصه!… بهذه الطريقة لن تكون لنا جامعة محترمة ولا بحثٌ علمي فعّال، وتغييرُ هذا الواقع يتطلب جهدا طويلا وقرارات جريئة، لكن النتائج ستكون مضمونة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!