-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الدبلوماسية الإنسانية: أداة سعودية بامتياز

الدبلوماسية الإنسانية: أداة سعودية بامتياز

يطلق مُسمى الدبلوماسية الإنسانية على تلك المنهجية التي تتبعها دولةٌ ما كجزء من سياستها الخارجية، والتي تقوم على حماية ودعم مصالح المستضعفين أو المنكوبين، وإتاحة الحد الأعلى الممكن من الخدمات الإنسانية لهم، وتوسيع الحيز الإنساني الذي تتحرك فيه مؤسسات العمل الإغاثي الدولية.

الدبلوماسية الإنسانية السعودية والجغرافيا

في الحقيقة، فإنني – ومن خلال تجربتي الطويلة في العمل الدبلوماسي – لمستُ اهتمام السياسة الخارجية للمملكة بأداة الدبلوماسية الإنسانية إلى حدودٍ بعيدةٍ، ولاحظْتُ أن الكثير من العقبات والعوائق لم تستطع كبح جماحها أو حصر نشاطها في نطاق جغرافي محدود، بل امتدت لتصل إلى بقاع قصية من الكرة الأرضية عابرةً في سبيل ذلك محيطات وقارات.

ولعل من أحدث التحركات السعودية العاجلة في سياق الدبلوماسية الإنسانية ما قامت به المملكة من جهود إنسانية استثنائية في نقل العالقين من المواطنين السعوديين وأبناء الجنسيات الأخرى في السودان الشقيق خلال الاضطرابات التي اندلعت مؤخراً، فيما لا تغيب أمثلة لا تزال حاضرة في الأذهان كالجسور الجوية الإغاثية إلى دول عديدة اجتاحتها الكوارث من زلازل وفيضانات وأوبئة وحروب.

مسارات الدبلوماسية السعودية الإنسانية

ومما لفت انتباهي أيضاً في هذا السياق، أن الدبلوماسية الإنسانية للمملكة اختطت لنفسها مساريْن متوازييْن، ففي الوقت الذي لم تقتصر فيه على تقديم الإغاثة الإنسانية في أوقات الكوارث والأزمات الطبيعية، أو في مناطق الحروب والصراعات، فهي أيضاً عملت ولا تزال تعمل على النهوض بالإنسان أينما كان، وهذا ما جعلها تشتمل على المبادرات التعليمية والصحية والثقافية، ومبادرات توفير فرص العمل التي من شأنها تعزيز الكرامة الإنسانية، في شتى المناطق، بغض النظر عن العرق أو الجنس أو الدين أو المذهب أو الهوية أو اللغة.

التحديات والحلول

مسيرة الدبلوماسية الإنسانية السعودية كانت شاقةً في ظل الصراعات الدولية والإقليمية والتباينات الحادة في الآراء والمواقف، وقد واجهت كثيراً من التحديات وأحياناً الافتراءات والاتهامات الباطلة، إلا أنها أبت المساومة على معاييرها الأخلاقية والقيمية، واستمرت في العطاء ونصرة المستضعفين ونجدة المنكوبين مهما كانت الظروف، ولعل أكثر ما ميز أداء هذه الدبلوماسية أنها لطالما تم دعمها من رأس الهرم في القيادة في المملكة والتي على مراجعتها وتحديثها باستمرار وضبط مسيرتها عبر مؤسسات شرعية وقانونية لضمان وصول الدعم إلى الفئات المستحقة فعلاً، والحيلولة دون استخدام قنوات العمل الإنساني لتمويل الإرهاب أو المساس بمصالح الدول الشقيقة والصديقة.

خاتمة: ملف الدبلوماسية الإنسانية كفرصة للتعاون الثنائي مع الجزائر

وفي الختام، أرى أن الحديث في هذا الموضوع فرصةٌ سانحةٌ أغتنمها لأؤكد أن ملف الدبلوماسية الإنسانية هو أحد الملفات المهمة التي يجب تفعيلها بين المملكة والجزائر الشقيقة، أخذاً في الاعتبار تشابه المنظومة القيمية والأخلاقية في سياستيّ البلدين وما حباهما الله به من إمكانيات ومقدرات اقتصادية، متطلعاً أن يحظى هذا الملفُ بدراسة وافية ومركزة يجري من خلالها تبادل الخبرات والتجارب، ووضع الأهداف والاستراتيجيات، والتعاون في توفير بيئة قانونية وإجرائية عصرية من أجل إنجاح مساعي الدبلوماسية الإنسانية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!