-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الدبلوماسية الشعبية في مواجهة إعصار الفتن الالكترونية!

الدبلوماسية الشعبية في مواجهة إعصار الفتن الالكترونية!

أطل علينا العقدُ الأخير وتكاثرت خلاله منصات للتواصل الاجتماعي، والتي ما لبثت أن أصبحت مرتعاً للغث والسمين من الأفكار والمبادئ والطروحات، وقد أدى ذلك مع الأسف الشديد إلى تراجع العديد من القيم الإنسانية عموماً والعربية والإسلامية خصوصاً.

وعلى الرغم من أن هذه المساحة لا تكفي للتفصيل في تلك القيم المهددة بالتراجع والاندثار، إلا أنني ارتأيتُ ضرورة التطرق إلى بعضها وخاصة تلك التي تمس الجانب الدبلوماسي، وما تخلفه من آثار سلبية وخطيرة على العلاقات الثنائية بين الدول وبالذات على مستوى الشعوب.

في الآونة الأخيرة، بدأت تظهر على منصات التواصل الاجتماعي حساباتٌ غريبة تكرس وقتها وجهدها ومحتواها من أجل التهجم على سياسات دول أخرى، وتوجيه النقد الجارح غير البناء لحكوماتها وبشكل لا يهدف إلا إلى تشويه السمعة وإخفاء الحسن وإشاعة روح السلبية والتشاؤم والنفور.

ولعل من أغرب ما في هذه الظاهرة المقيتة أن أصحاب تلك الحسابات عادةً يتسترون خلف قناع حب الوطن والحماس له، وفي نفس الوقت يسنون ألسنتهم على دول شقيقة وصديقة ويتدخلون في شئونها الداخلية يبغون الفتنة وبث الفرقة والوقيعة بين الشعوب، ثم لا يلبث بعض الأشخاص المتحمسين من الطرف المقابل أن يقابلوا هذا الخطاب التحريضي بخطاب أشد نبرة وأكثر حدةً، ونصبح في المحصلة أمام بيئة خصبة للمزيد من التشرذم والتعصب وانتشار الكراهية.

في الحقيقة، ثمّة مفارقة عجيبة في هذه الظاهرة، وذلك أن انتشار مثل هذه الفتن الالكترونية يأتي في نفس الزمن الذي أصبحت فيه الكثير من الدول تولي اهتماماً كبيراً بما يسمى بـ”الدبلوماسية الشعبية” وذلك باعتبارها رافداً ثرياً للعمل الدبلوماسي، وطريقة ناجحة لإصلاح الصورة النمطية، ووسيلة ذكية من وسائل الوصول المباشر إلى الجماهير! أمام هذه المفارقة، يمكننا القول إن الدبلوماسية الراهنة باتت أمام تحدٍ خطير ينسف الكثير من الجهود والتكاليف التي تبذلها الدول في سبيل تعزيز علاقاتها مع بعضها البعض.

إن هذا التحدي الجديد يجب أن ينال حقه من الاهتمام من قبل جميع شرائح المسئولين في حكومات الدول بما فيهم العاملون منهم بالسلك الدبلوماسي، فهؤلاء تحديداً يقع عليهم واجب احتواء مثل هذه الفتن ومحاصرتها والتعاون مع نظرائهم من الدول الصديقة والشقيقة من أجل إبطال مفعولها وإظهار فسادها.

من جهة أخرى، على جميع الدول أن تعمل بشكل جاد على بناء منظومة متكاملة من الوعي والتعاون المشترك في سبيل مواجهة هذا النوع من الفتن وتعزيز القيم الأصيلة لدى مرتادي منصات التواصل الاجتماعي، والتي من أهمها الاعتزاز بالأخوة والأصدقاء، والكف عن الجهر بالسوء من القول، وضرورة قبول الآخر واحترامه، وأن حرية التعبير على منصات التواصل الاجتماعي لا تعني إطلاقاً حرية شتم الدول والأشخاص وتجريحهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • بو عبد الله

    ما شاء الله كلام في القمة