الدراجات المائية تهدد سلامة المصطافين

أطلقت العديد من الفعاليات المدنية في المناطق الشاطئية في وهران، نداءات عاجلة إلى السلطات العمومية المختصة، لتفعيل دور الرقابة الشديدة على الشواطئ الرملية تحديداً، لوقف “الحركات البهلوانية الخطيرة” والقاتلة منها لأصحاب الآلات البحرية ذات المحرك الواحد، من قبيل الدراجات المائية “جيت سكي” والدواسات وكذا “البيدالو”، التي غزت بشكل عارم شواطئ عين الترك، بئر الجير وشاطئ كاب كاربون في أرزيو.
وبالرغم من قرار والي وهران الصادر في ماي 2023 بتشديد المراقبة على وسائل الملاحة الترفيهية ومنع دخول الدراجات المائية غير الحاملة لتراخيص، كونها باتت أهم وسائل الإبحار السري ونقل المحظورات من وإلى الجزائر، إضافة إلى إلزام الجميع بتشديد الرقابة على الجات سكي وتنظيم نشاطها بمراعاة حدود المساحة التي يحددها القانون، إلا أن المركبات المائية ذاتها، باتت تسيطر على مناطق واسعة من مواقع السباحة، بسبب ممارسات “التهور والمجازفة” التي تأتي من أصحابها الذين لا يتقيدون بقواعد وإرشادات السلامة، وتبدو عليهم علامات الاستهتار في القيادة، الأمر الذي ولد غضبا كبيرا في المدة الأخيرة من قبل العائلات التي رفعت صيحاتها لأجل تقييد ممارستها برخص مضبوطة بشروط مشددة جدا، وإخضاعها لرقابة صارمة، سعياً لردع مخالفات المتهورين بإمتياز.
وتأتي نداءات فاعلين مدنيين في وهران، موازاة مع تحقيق أمني فتحته مصالح أمن دائرة عين الترك في 12 جويلية من الشهر الجاري، بموجب تعليمة نيابية، لتحديد المسؤوليات وراء حادثة وفاة شاب مصطاف يقيم في حي “مديوني” في عاصمة الغرب الجزائري، للتأكد ما إذا كان تعرض إلى دهس تسببت فيه دراجة مائية في شاطئ “تروفيل” في عين الترك، أو أن وفاته كانت نتيجة أسباب أخرى، لكون أن النتائج الأولية للتشريح الطبي، بينت أن الشاب “م ع ” البالغ من العمر 27 عاما، تعرض إلى ضربة قوية على مستوى الرأس، أفقدته الوعي، ما تطلب نقله إلى مستشفى “مجبر تامي” في عين الترك، قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة بقسم الاستعجالات الطبية.
وخلفت الظاهرة بشكل عام، توجسا وخوفا في أوساط المصطافين، خاصة زوار ولاية وهران، من الإصابة على حين غرة بضربات هذه المراكب المائية وهم يسبحون.
وسجلت شواطئ وهران، العام الماضي، حادثة وفاة كهل يبلغ من العمر 65 عاما متأثرا بضربة عنيفة على مستوى الرأس وهو بداخل البحر في شاطئ “إدان” في عين الترك، وتم تحويل الفاعل إلى التحقيق القضائي بسبب ما وصف بـ “الحركة الخطيرة القاتلة”، التي تسببت في إزهاق روح شخص ذنبه الوحيد هو شد الرحال إلى البحر للاستجمام رفقة أفراد العائلة.
وتحصي الحركات البهلوانية الخطيرة التي يقوم بها ملاك “الدواسات المائية” عديد الوفيات على غرار حادث انقلاب “جات سكي” في شاطئ الكثبان في 2021، الذي أسفر عن إصابة ثلاثة أشخاص وحادثة وفاة شابة في سيدي فرج في صيف 2019 ووفاة أربعيني في شاطئ الخروبة في ولاية عنابة في صيف 2017 وكذا إصابة شاب بعاهة مستديمة في شاطئ الحمدانية بولاية تيبازة، على إثر ارتطامه بمروحية محرك قارب منتصف شهر جويلية 2022.

إزعاج متواصل .. إلى متى؟
هذه الحركات الإستعراضية، التي يقوم بها في الغالب أبناء أشخاص نافذين غير مبالين بالقيود والمساحات القانونية المفروضة، صارت تشكل مصدر إزعاج للمصطافين، إذ يفضل أصحابها التباهي بحركاتهم عند الشاطئ، وتلويت مياه الاستحمام بمخلفات الوقود، في الوقت الذي قرعت فيه الكثير من الجمعيات المحلية في وهران ومختلف المدن الساحلية في الوطن، جرس الإنذار حيال مخاطر الجات سكي، لافتة إلى أن ملاك هذه الدراجات لا يكترثون في إطلاق العنان لمحركاتهم داخل مساحات ضيقة على بعد أقل من 20 مترا داخل المياه القريبة من الشاطئ، والانطلاق بسرعة تفوق 100 كلم في الساعة، غير مهتمين بحياة من يسبحون .
ويفرض القانون المنظم لأنشطة الترفيه داخل البحر، على كل مالك لدراجة مائية ذات محرك، أن يكون مسؤولا مباشرا عما يرتكبه من مخالفات.
وفي حال عدم التعرف على هوية الشخص القائد تعتبر المخالفة كما لو أنها ارتكبت من قبل الشخص المقيد باسمه هذا النوع من وسائل التنزه.
كما يلزم القرار الولائي الذي يوقعه الولاة الخاص بتنظيم الأنشطة البحرية، تسجيل هذه الوسائل الترفيهية من قبل مالكيها لدى السلطة المختصة المكلفة بالملاحة البحرية، بالإضافة إلى التأمين الإجباري لكل شخص يتولى حراستها أو قيادتها لما يمكن أن يترتب من الأضرار البدنية أو المادية اللاحقة للغير، أو ما يعرف في القانون بالطرف الثالث في القضية وهو غير ممثل في عقد التأمين على الغير.