رياضة

الدرس الألماني‮ ‬للكرة الجزائرية

ياسين معلومي
  • 5926
  • 0

ربما لا‮ ‬يصدق الرياضيون في‮ ‬الجزائر أن المنتخب الوطني‮ ‬الألماني‮ ‬لكرة القدم ومنذ‮ ‬1962‮ ‬أشرف عليه تسعة مدربين فقط،‮ ‬فمثلا المدرب الحالي‮ ‬لوف‮ ‬يوجد على رأس العارضة الفنية منذ‮ ‬2006،‮ ‬وله الحرية في‮ ‬اتخاذ القرارات التي‮ ‬يراها مناسبة لمنتخبه،‮ ‬والكل في‮ ‬ألمانيا وراء منتخبهم وأنديتهم،‮ ‬فعندما ترى بايرن ميونيخ الألماني‮ ‬يحتضن لاعبيه السابقين ويمنح لهم فرصة البروز في‮ ‬الميدان بالإشراف على الفئات الشبانية،‮ ‬والاستفادة من تجربتهم وخبرتهم،‮ ‬فلاعبون سابقون مثل بكانباور وهيونس ورومينيغي‮ ‬هم من‮ ‬يمثلون النادي‮ ‬الألماني‮ ‬وآراؤهم تؤخذ بعين الاعتبار‮.. ‬سياسة تنتهجها أغلب الفرق والمنتخبات الأوربية للبقاء في‮ ‬القمة،‮ ‬والفوز والتتويج بمختلف المسابقات القارية والدولية لأنهم ببساطة‮ ‬يعترفون بقدرات أبنائهم التي‮ ‬توصلهم دائما إلى القمة،‮ ‬ولا‮ ‬يتنكرون لهم لأنهم صنعوا أمجاد وأفراح وتاريخ فرقهم وبلدهم‮.‬

أردت الحديث عن المنشافت الألماني‮ ‬لأنه النموذج الناجح في‮ ‬الكرة العالمية،‮ ‬وربما‮ ‬يستفيد منه المسؤولون عن الكرة عندنا،‮ ‬بداية من المنتخبات الوطنية إلى أصغر فريق في‮ ‬الجزائر،‮ ‬فالأرقام التي‮ ‬بحوزتي‮ ‬قد لا‮ ‬يتقبلها العقل ويجهلها الكثير،‮ ‬فإذا كان الألمان مثلا قد دربهم تسعة مدربين منذ‮ ‬1962،‮ ‬فالجزائر أشرف عليها‮ ‬58‮ ‬مدربا منذ الاستقلال،‮ ‬وبعضهم درب‮ “‬الخضر‮” ‬في‮ ‬خمس مناسبات على‮ ‬غرار سعدان وزوبا،‮ ‬والبعض الآخر ثلاث مرات أو مرتين،‮ ‬وهناك حتى من‮  ‬أشرف على مباراة واحدة فقط‮.‬

اللااستقرار الذي‮ ‬ساد الكرة الجزائرية جعلنا مثلا منذ سنة‮ ‬2000،‮ ‬نضطر إلى الاستنجاد بأكثر من‮ ‬10‮ ‬مدربين على‮ ‬غرار ماجر وزوبا وليكنس وسعدان وواساج وفرقاني‮ ‬وإيغيل وبن شيخة وخاليلوزيتش والمدرب الحالي‮ ‬كريستيان‮ ‬غوركوف‮.‬

عندما نسمع المحللين والنقاد وحتى أصحاب القرار في‮ ‬الجزائر‮ ‬يتحدثون عن ضرورة إقالة المدرب الوطني‮ ‬كريستيان‮ ‬غوركوف،‮ ‬وتعويضه بناخب آخر أحسن منه قد‮ ‬يكون خاليلوزيتش أو رونار أو كابيلو أو أي‮ ‬مدرب‮ ‬يمكنه تقديم الإضافة إلى منتخبنا الوطني،‮ ‬أجد نفسي‮ ‬مجبرا على تسمية هؤلاء بأعداء النجاح،‮ ‬لأن هذا الفرنسي‮ ‬الذي‮ ‬يدرب منتخبنا‮ “‬عيبه‮” ‬الوحيد هو أنه لم‮ ‬يتقبل ما‮ ‬يملى عليه ولاحظ تغير الأشخاص بين عشية وضحاها‮.. ‬ماذا سيحدث لو أن اتحاديتنا تركته‮ ‬يعمل لسنوات أخرى ومنحته الحماية الخلفية وساعدته وساندته،‮ ‬ربما سنحصد ألقابا ونكون جيلا من اللاعبين؟ ألم‮ ‬يمدحوه بشدة قبل مجيئه؟ وقيل عنه إنه الأحسن،‮ ‬وهو الذي‮ ‬يليق لأغلب هؤلاء اللاعبين المكونين في‮ ‬فرنسا لأنه ببساطة هو الذي‮ ‬يكون المدربين الذين تدرب عندهم لاعبو‮ “‬الخضر‮”.‬

هناك كثير ممن لا‮ ‬يريدون الخير لفريقنا الوطني،‮ ‬ويعملون على تحطيم هذا المنتخب،‮ ‬الذي‮ ‬حقيقة وإن لم‮ ‬يظهر بوجه مشرف في‮ ‬المباراتين الأخيرتين أمام‮ ‬غينيا والسنغال،‮ ‬إلا أن عوامل التأهل لكأسي‮ ‬إفريقيا والعالم متوفرة،‮ ‬ولم‮ ‬يبق سوى ضبط بعض الأمور مع اللاعبين لتحقيق أهداف بإمكاننا الوصول إليها دون مشاكل ولا ضجة إعلامية‮ “‬مقصودة‮”.. ‬لا أظن أن الألمان أقالوا‮ ‬يوما مدربا لأن منتخبهم لم‮ ‬يلعب جيدا أو خسر مناسبة كروية كبيرة،‮ ‬لأنهم دائما‮ ‬يبحثون عن أسباب الخسارة أو الانهزام ويعالجونها للوصول إلى القمة‮. ‬أنا متأكد أنه حتى ولو نجلب أحسن مدرب في‮ ‬العالم فلن‮ ‬يغير شيئا لأن المحيط الكروي‮ ‬متعفن،‮ ‬وما‮ ‬يحدث في‮ ‬ملاعبنا من عنف ورشوة ومنشطات لا أحد استطاع إيجاد حلول له،‮ ‬لأن‮ “‬غوركوف‮” ‬هو السبب وسيغادر منصبه قريبا وسنجد حلولا لكل مشاكلنا الكروية‮.. ‬والله المستعان‮.‬

مقالات ذات صلة