-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
خمور مهربة وكوكايين رغم عزوف معظم الجزائريون عن الاحتفال

الدرك يضرب معاقل الإجرام تزامنا مع “الريفيون”

نوارة باشوش
  • 2420
  • 0
الدرك يضرب معاقل الإجرام تزامنا مع “الريفيون”
الشروق

بين التزامات سيادية وتحدّيات عالية، أظهر عناصر الدرك الوطني احترافية عالية في التعامل مع كل التحدّيات التي يمكن أن تهدّد البلاد والعباد، وتمكّنوا من فرض الأمن والأمان عبر أرجاء الوطن، بمناسبة الاحتفالات برأس سنة 2024 التي لم تكن كسابقتها، فالجزائريون هذه المرة اختاروا إلغاء الاحتفال وإحياء السهرات تضامنا مع غزة وحزنا على ما يربو عن 21 ألف شهيد ارتقت أراوحهم بقنابل وصواريخ صهيونية منذ ثلاثة أشهر.
“الشروق” رافقت مصالح الدرك الوطني، في مداهمات فجائية، استباقية عبر العديد من أحياء العاصمة، تحسبا لاحتفالات “ريفيون 2024″، إذ تجنّد أصحاب البزة الخضراء طيلة 3 أيام التي تسبق نهاية السنة لتأمين المواطنين وممتلكاتهم عبر جميع ولايات ومناطق الجزائر العميقة، فيما يخوض رجال السلاح في أقصى الحدود الجزائرية مع دول الجوار، حربا ضد المهربين والإرهابيين وإحباط كل عمليات ترويج المخدرات والأقراص المهلوسة القادمة من المغرب، كما تجدهم يذودون عن حدودنا ويحمون المنشآت النفطية والآبار البترولية، من أي محاولة إجرامية تستهدف الاقتصاد الوطني، والمساس بأمن الجزائر واستقرارها، ليكون الدرك الوطني عينا ساهرة لا تنام، ودرعا واقيا من أي محاولة للنيل من الجزائر.

قوة ضاربة للمجرمين


هي حقيقة لمسناها ونحن نرافق رجال الدرك الوطني للجزائر العاصمة إلى ساعة متأخرة من اليوم الذي يسبق رأس السنة الميلادية 2024.. تجهزنا لمهمة العمل كما تعودنا دائما.. عقارب الساعة كانت تشير إلى الرابعة مساءً عندما وصلنا إلى مقر سرية أمن الطرقات للحراش، وفي عين المكان، وقفنا على التعزيزات الأمنية التي تم تسخيرها من طرف المجموعة الإقليمية لدرك الجزائر بمختلف التشكيلات والوحدات والفرق العاملة في الميدان، والتي شدّدت من الإجراءات الأمنية على خلفية احتفالات نهاية السنة التي تزامنت مع نهاية عطلة الأسبوع والعطلة الشتوية، وهذا بقيادة كل من المقدم عبد القادر بيزيو، رئيس مصلحة الاتصال بقيادة الدرك الوطني، والنقيب رشيدة عايب، رئيسة خلية الاتصال بالمجموعة الإقليمية لدرك الجزائر، إلى جانب قائد الكتيبة الإقليمية لدرك بئر مراد رايس، الرائد مخفي بن حيدة الذين رافقونا في الميدان.
الكل.. عليكم بالانضباط والصرامة.. فلا مجال للتقاعس.. عليكم بتوخي الحيطة والحذر واحترام حقوق المواطنين وخصوصياتهم أثناء عملية مداهمة أوكار الجريمة عبر مختلف أحياء العاصمة… هي عبارات أو بالأحرى تعليمات قدّمها قائد الكتيبة الإقليمية لبئر مراد رايس، الرائد مخفي قبل أن ننطلق إلى أول نقطة تتموقع على مرمى حجر من ملعب “نيلسون منديلا” بالمدخل الشرقي الرئيسي للعاصمة، وعندما تسأل عن حاجز الدرك “زميرلي” بالحراش، فإنك لا تسمع إلا كلمة يا “واعرين”، نظرا لكونه معروفا بالصرامة الأمنية في تطبيق قانون المرور، وفي عين المكان، حضرنا جزءا من عملية تسيير حركة المرور بامتياز، إلى جانب تفتيش المركبات المشبوهة باستغلال الفرق السينوتقنية.

أوكار الجريمة.. وما خفي أعظم!


وجهتنا الثانية كانت حي المالحة وبعدها أولاد فايت، حيث حضرنا عملية مداهمة لنقاط ساخنة مصنفة، حسب خريطة مصالح الدرك الوطني لبئر مراد رايس، ضمن الأحياء المعروفة بأوكار الجريمة، إذ تمكّن عناصر الدرك من تفتيش العديد من الأشخاص المشبوهين، إلا أن الغريب في الأمر هو العثور على أقراص مهلوسة من نوع “بريغابلين 300 ملغ” مخبأة بإحكام في عمود كهربائي بأحد أحياء المالحة، إلا أن الشباب الذين كانوا على مقربة من المكان وبعد أن تم تفتيشهم، أنكروا جميعا أنها ملك لهم.
الساعة كانت تشير إلى العاشرة ليلا، صقيع البرد بلغ ذروته القصوى عندما وصلنا أحياء اسطاوالي و”بالم بيتش” وصولا إلى ميناء سيدي فرج.. إجراءات على أعلى مستوى، تعتمد قيادة الدرك الوطني في تنفيذها على أرض الواقع، على رجال مدعمين بأحدث التقنيات العصرية لمجابهة كل من يحاول المساس بأمن المواطنين وينزع فرحتهم باستقبال السنة الجديدة، تحت تسمية الـ”BSI” أي فرق الأمن والتحري، أو ما يعرف لدى الجزائريين بـ”الصاعقة” أو “النينجا”، وهم كومندوس مختص في مكافحة الإجرام المنظم والخطير، يعملون جنبا إلى جنب مع مختلف الفصائل الأخرى، فهو عمل جماعي متكامل يصبو إلى تحقيق معادلة أمنية وفق مخططات محكمة، تتغير بتغير تحركات المجرمين.

“هيركل ونابليون”.. حصار لـ”الزطلة” و”الكوكايين”


كانت آخر نقطة لنا هي الحاجز الأمني لسيدي فرج، وهناك يبرز دور الكلاب المدربة التابعة للفرق السينوتقنية، على غرار “هيركل، سناش ديدا ونابليون” وغيرها والتي تعتبر جزءا لا يتجزأ من جهود الدرك في مكافحة المخدرات بكل أنواعها حتى الصلبة منها على شاكلة “الكوكايين”، إذ تعتمد على حاسة الشم الفائقة التي تتمتع بها هذه الحيوانات، مما يجعلها قادرة على اكتشاف وجود المواد الممنوعة بشكل فعّال.
وفي عين المكان، شرح الدركي المسؤول عن الكلب “هيركل” لـ”الشروق”، أنه في ليلة رأس السنة، يعزز الدرك هذا النهج لضمان أمان الفعاليات العامة ومنع أي محاولة لتهريب المواد المخدرة، إذ تقوم الكلاب المدرّبة بالمشاركة في دوريات استباقية وتتنقل في المناطق المزدحمة وتستخدم حواسها الحادة لتحديد أي نشاط مشبوه.
وقال المتحدث، إن “هذه الإستراتيجية تعتبر جزءا من الجهود الشاملة للدرك الوطني للحفاظ على النظام العام وضمان سلامة المواطنين، إذ يعكس استخدام الكلاب للكشف عن المخدرات، التزاما بالتكنولوجيا المتقدمة والتدريب المهني لتحقيق أقصى قدر من الكفاءة في التصدي للجريمة”.

3 آلاف قرص مهلوس ومواد محظورة


أسفرت عمليات المداهمات التي شنتها وحدات الدرك الوطني عبر إقليم عاصمة البلاد، شملت عدة نقاط، عن حجز أزيد من 3000 قرص مهلوس ومواد محظورة، مع توقيف 9 أشخاص.
وفي التفاصيل، كشف قائد الكتيبة الإقليمية للدرك الوطني ببئر مراد رايس، الرائد مخفي بن حيدة، أن هذه المداهمات التي تمت عشية الاحتفال برأس السنة الميلادية الجديدة، شملت إقليم الاختصاص ومسّت أوكار الجريمة والنقاط السوداء، إذ أسفرت عن توقيف 9 أشخاص وحجز أزيد من 3000 قرص مهلوس وأسلحة بيضاء بمختلف الأنواع وعدة مواد محظورة.
وأضاف أنه سيتم تقديم الموقوفين أمام الجهات القضائية المختصة إقليميا فور الانتهاء من التحقيق.
من جهته، أوضح رئيس مصلحة الاتصال بقيادة الدرك الوطني، المقدم عبد القادر بزيو، أن هذه العمليات تندرج في إطار “مخطط أمني، وقائي، وطني خاص بمناسبة حلول السنة الميلادية الجديدة 2024، يقوم على تجنيد كل وحدات الدرك الوطني من أمن الطرقات، وحدات إقليمية وفرق الأمن والتدخل، بغية تأمين نهاية السنة الميلادية وتأمين الأشخاص والممتلكات وطرق المواصلات، لاسيما وأنها تتزامن مع العطلة الشتوية ونهاية الأسبوع وما يتبع ذلك من حركة مرورية كثيفة”.
ويأتي هذا المخطط، حسب المقدم بيزيو، تزامنا مع حركة التنقلات الكثيفة للأشخاص والمركبات والإقبال المعتبر للمواطنين والسواح الأجانب على المناطق السياحية والمؤسسات الفندقية عبر كامل التراب الوطني وخاصة بالجنوب الكبير، كما يندرج في إطار التشكيل الموضوع والإجراءات المتخذة من طرف قيادة الدرك والتي تضمن على وجه الخصوص تواجدا ميدانيا للحفاظ على الأمن العمومي وأمن الطرقات.
ويشمل المخطط، يقول رئيس مصالحة الاتصال بقيادة الدرك، عمليات تفتيش عبر الطرقات وكذا مداهمات من طرف وحدات الدرك أو وحدات مشتركة مع المصالح الأمنية للأماكن المشبوهة التي يمكن أن تشكّل تجمعات للمنحرفين، مؤكدا أن كل وحدات الدرك الوطني “مجنّدة لتوفير الأمن والسكينة للمواطنين”.
وأوضح الضابط الأمني، أن مصالح الدرك سهرت على تأمين جميع أماكن التجمع والتسلية والمناطق السياحية والفنادق ومحطات القطار والحافلات تحت مراقبة مستمرة، كما ضمن التشكيل الموضوع من جهة أخرى، سيولة حركة المرور ومراقبة محاور الطرقات خاصة بمداخل التجمعات السكنية وضواحيها، وهذا عن طريق عمليات وقائية ترتكز على تحسيس مستعملي الطريق فيما خص إلزامية التقيّد بقواعد السياقة السليمة.
وبالمقابل، وبقرار من قيادات الدرك والأمن الوطني والجمارك، وتنفيذا لتعليمات فوقية، تم إعادة ترسيم ما يعرف بمخطط “ألفا” الخاص بالتنسيق العملياتي والاستخباراتي بين أجهزة الدرك والشرطة، من خلال تنظيم مداهمات فجائية للبؤر السوداء المعروفة بالإجرام بهدف توفير الأمن والمحافظة على النظام العام وحماية الأشخاص، كما وقّعت اتفاقيات بين قيادة الدرك والمديرية العامة للسكك الحديدية لحماية وأمن المسافرين والحركة التجارية عبر كل السكك الحديدية.
كما أن إعادة ترسيم العمل المشترك بين جهازي الدرك والشرطة والجمارك يهدف إلى بناء علاقة تنسيق قوية بين الجهازين شبيهة بالطريقة الأمنية الجامعة لمختلف الأجهزة الأمنية أو ما يعرف بـ”الأمن القومي”، مما يسمح بإحباط كل المحاولات التي تشكّل تهديدا للجزائر، سواء تعلق الأمر بالإجرام التقليدي أو السبيراني بالاعتماد على خطة أمنية مشتركة مبنية على العمل الاستخباراتي والاستعلام الأمني.
وفي هذا السياق وحسب ما كشف عنه المقدم، عبد القادر بيزيو، فقد تم تنظيم سواء على مستوى الجزائر العاصمة أو جميع ولايات الوطن، مداهمات مشتركة بين مختلف وحدات وتشكيلات الدرك والشرطة للساحات العمومية والمنتزهات والغابات وبؤر الإجرام، والتي أسفرت عن توقيف العديد من المجرمين والمبحوث عنهم من طرف العدالة، مع حجز أسلحة ومواد محظورة ومخدرات وأقراص مهلوسة، مع تحويل المشتبه فيهم على الجهات القضائية.

جزائريون يعزفون عن الاحتفالات
خلال دردشتنا مع عدد من المواطنين والعائلات التي التقينا بها ونحن نقوم بمهمتنا رفقة رجال الدرك الوطني، سجلنا عزوفا كبيرا لدى الجزائريين عن الاحتفال برأس السنة الجديدة، بالرغم من أن هذه المناسبة اعتاد فيها سكان المعمورة على تبادل التهاني فيما بينهم، لكنهم أجمعوا أنه في ظل المحرقة المتواصلة في قطاع غزة بسبب العدوان الصهيوني الغاشم، سيكون من الصعب تخيل قدرة التنكر التي يجب على المجتمع الدولي أن يتحلى بها ليواجه نفسه في مرآة الضمير الإنساني، وردّدوا بصوت واحد: “هل سنستقبل السنة الجديدة 2024، بوجهها القديم الذي خطت ملامحه حرب الإبادة الجماعية في غزة؟ وهل توجد إمكانية الاحتكام إلى القوانين الدولية لإنقاذ المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ وتنتهي مأساة هؤلاء، حتى نرتاح ونطمأن وبعدها نحتفل؟”.
وبعيدا عن الصرامة والانضباط، وجه خفي سجلناه لدى أصحاب البذلة الخضراء، تجسّد في ملامحهم البعيدة عن اعتبارات تطبيق القانون الصارم، فهم أيضا متعاطفون مع الشعب الفلسطيني، كيف لا وهم جزء لا يتجزأ من الجيش الشعبي الوطني الذي أكدت قيادته في عدة مرات “أن القضية الفلسطينية تعتبر إحدى القضايا المركزية للجزائر، قيادة وشعبا وأن الموقف الرسمي الثابت للجزائر حيال المعاناة المستمرة للشعب الفلسطيني والجرائم الممنهجة والانتهاكات الإجرامية المتكررة للاحتلال الصهيوني، يؤكد الشعب الجزائري دائما وأبدا دعمه للقضية الفلسطينية في مسيرات كل مدننا، ليثبت أنها ستظل قضية الجزائر، وأن موقف بلادنا سيبقى ثابتا حتى افتكاك الشعب الفلسطيني لحقوقه المسلوبة”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!