-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الدكتوراه.. شجرة لا تغطّي الغابة!

الدكتوراه.. شجرة لا تغطّي الغابة!

الأصداء الواردة من مختلف جامعات الوطن، وبشهادة المشرفين على كافة مراحل تنظيم مسابقات الدكتوراه، تؤكد أن العملية جرت عمومًا في أجواء عالية من النزاهة، بدليل أنّ الطلبة المتوَّجين بدخول الطور الثالث من التعليم العالي من الفئة النّجيبة المثابرة بحسب تزكية أساتذتهم، وهو ما لاحظناه من خلال التهاني على مواقع التواصل الاجتماعي.

وحتّى ما حصل من أخطاء في الأجوبة النموذجيّة لمسابقة كلية الطب بوهران، فقد سارعت الوزارة إلى فتح تحقيق عاجل في القضيّة.

إنّ هذا التقدم في ضمان شفافيّة امتحان مصيري لآلاف الطلبة في مستوى الدكتوراه مكسبٌ بيداغوجي وإداري يجب تثمينه والبناء عليه في استشراف مستقبل الجامعة الجزائريّة، لأنّ الموضوعية تقتضي أن نقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت، بعيدا عن ثقافة جلد الذات وتسويد الواقع لتعميق حالة الإحباط.

وينبغي التأكيد على أنّ ما تحقق في هذا الموسم من نجاح مشهود، إنما كان ضمن النتائج الإيجابية لمجمل التحوُّلات الحاصلة في البلاد منذ حَراك 22 فبراير المبارك، فقد صار الاقتراب من دوائر الفساد بكل أشكاله مخاطرة كبيرة، تضع مرتكبها على عتبات السجون في ظل بسط آليات الرقابة والمحاسبة.

كما أنه تتويجٌ للإرادة الصادقة في تأمين المسابقة العلمية الوطنية من التلاعب والغشّ والمحاباة، ثم بفعل حُسن اختيار الفِرق المؤطرة لها، وهو ما يُثبت مرة أخرى أنّ في النخبة الجزائرية الكثير من الأمناء الأكفاء، وإحداثهم للتغيير المنشود ممكنٌ إذا ما وُسِّد الأمرُ إليهم، وأنّ ما عانيناه سابقًا لم يكن سوى ثمرة مُرّة لغرس طالح.

لذا فقد بات لزامًا الآن تعميم النزاهة في كافَّة المجالات، وعلى رأسها العملية الانتخابية، خاصة ونحن على أبواب استحقاق برلماني هامّ، باعتباره أول محطة لاختبار “الجزائر الجديدة” أمام الشعب والرأي العام الدولي.

ولن يكون المطلوب سياسيّا مستحيلا ولا معقدا، فهو لا يتطلب سوى تطبيق نفس الوصفة الجامعيّة الأولى، أي تجسيد الإرادة العليا في الاحتكام إلى القرار السيّد للناخبين، وتكليف الأمناء بالإشراف على تنظيم الاستحقاق، حينها سيأتي الصندوق يقينًا معبِّرًا عن الخيار الحرّ للشعب.

وليكن معلومًا أن الإخفاق، لا قدّر الله، في ضمان نزاهة الانتخابات سينسف كل النجاحات القطاعية الجزئية، لأنّ مُخرجاتها الحسنة لا يمكنها الاستقرار في بيئة فاشلة، فهي طاردةٌ بطبيعتها لنماذج النجاح ولا تقبل التعايش مع الكفاءات النظيفة.

من جهة أخرى، إذا كنّا مع تثمين مكسب النزاهة العلمية الذي تحقق في مسابقات 2021 للدكتوراه، فإنّ ذلك لا يجعلنا أبدا نغفل عن استشراف الإنتاج المعرفيّ للتكوين العالي في بلادنا، إذ أنّ المنجزات لا تترجمها الأعدادُ المجرَّدة والإحصاءات الرقمية، بل العبرة في صناعة القيمة المضافة.

لقد عايشنا قبل أشهر ترقية المئات من دكاترة الجامعات إلى رتبة أساتذة تعليم عالي (بروفيسور)، ولا شكّ أن ذلك مكسبٌ آخر أيضا يتدعّم به القطاع، لكنّ الأهم هو أن ينعكس على مردود البحث العلمي في الجزائر، ولا تتوقف آثاره عند تحسين الوضع المادي بزيادة رواتب الأساتذة الجامعيين، لأنّ البعض، وفق انتقادات زملائهم، يجعلون من الترقية العلمية عملية إدارية لتسوية حالة وظيفيّة، عوض أن تكون محطة جديدة لفتح آفاق معرفية متقدمة على طريق البحث المعمق والدقيق.

إنّ الانتقال من سياسة الكمّ والأحجام الشكلية إلى مقاربة الكيْف والنوعيّة الفعالة، أضحى حتميّة لتحقيق النجاعة والجودة في التعليم بكافة أطواره، وهو ما يُوجب الخروج من التسيير الاجتماعي للقطاع نحو الاستثمار المركز في الموارد البشرية المؤهَّلة.

لقد فتح الوزير عبد الباقي بن زيان، منذ تقلده شؤون القطاع، عدّة ورشات إصلاح في مختلف الميادين التعليمية والبحثية والاجتماعية، والمأمول هو أن تصل تلك الجهود، بتعميق المشاورات مع الشركاء والمختصّين، إلى خارطة طريق تفضي إلى برنامج عمل طموح، يضع الجامعة الجزائرية على المدى المتوسّط في مصاف مؤسسات التعليم العالي الدولية المرموقة.

إنّ مستوى التكوين والتحصيل المعرفي والإنتاج العلمي في وضع اختلال واضح قياسًا بما تُنفقه الدولة من المال العام على قطاع التعليم العالي، وما تسجّله من ارتياد لملايين الطلاب، ناهيك عن حيازتها لهياكل كبيرة وموارد تكوينية هائلة، وهو ما يفرض الاستعجال في الاستدراك لتكون النتائج الفعليّة متطابقة مع الجهود المبذولة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • كمال الدين

    في جامعة بسكرة البلوتوث مداير حالة بالاضافة لدخول المرشحين بعد الوقت المحدد بقرابة نصف ساعة ، اما الاساتذة في الامانات يجولون ويصولون بدون حسيب ولا رقيب، حسبنا الله

  • هاني

    من الناحية النظرية كلامك صحيح ...لكن الواقع مختلف لأن هناك خطأ كبير ارتكبته الوزارة بوضع مصير الالاف من الطلبة في يد عدد قليل من الاشخاص او شخص واحد وهو رئيس شعبة التكوين الذي يمكنه إن أراد جلب إصدقائه لتشكيل لجان الامتحان بطريقة قانونية. ولا يمكن أبدا لمدير الجامعة أن يتحكم في العملية بطريقة مثالية.

  • عبد العلي

    والله غيل ضحكتنا ايا نصحكوا قاع

  • استفسار،

    لماذا تريدون المزيد من الدكاترة فيما يوجد الالاف يبحثون عن و ظيفة.

  • محمد١٣

    مع كل الاحترام و التقدير لاساتذتنا الاجلاء الا ان الضبابية في التنظيم و التسيير و الاغفال و التصحيح و سرعة البرق في في لان النتاءج لتحصيل حاصل في بعض الفروع لا تزال سمة غالبة في بعض التخصصات بل و الامر من ذلك اعتماد افكار سطحية كاجابة نموذجية لا يعلمها الا طارح السؤال في مخيلته دون ادنى اعتبار للفقه و اراء زملاءه، سالتني الوالدة اطال الله عمرها يا بني اذا كانت قصاصة الورق المقوى تعني لك فبالنسبة لي دماغك اوفى فوالله اني رايت معاملة الغرب لك و بصرت اجحاف الاخرين، فالادمغة لا توزن بشهادات الولغء و المحاباة و امبراطورية رءيس القسم بقدر ما هي كفاح و تضحية من اجل الفكرة و لكم في العظماء عبرة..

  • محمد العربي

    و ماذا عن اسئلة هذه المسابقه المأخوذه من الانترنت و ذلك بجامعة الوادي و هو ما تحدّثت عنه الصحافه ....... ام ان هذا من النزاهة كذلك

  • رمزي رمزي

    انشاء الله الاحسن قادم. كنت ضمن الطاقم المشرف على مسابقة الدكتوراه بمختلف الشعب والتخصصات. والمسؤول عن اللجان السرية وانا بعيد عن التخصصات المفتوحة.واشهادا للحق فالمدير كان حريصا اشد الحرص على نزاهة وشفافية المسابقة وظل يراقب عن كثب ولم يفارقنا خوفا عن حدوث اي اخطاء او شبوهات. والحمد لله فالنتائج تعبر عن نفسها فهي كانت للاجدر وبشهادة الاساتذة والطلبة. الف مبروك للناجحين