-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الدَّعم والعَدم

الدَّعم والعَدم

ليس جديدا على الجزائريين أن تحترق أسواق المواد الاستهلاكية كلَّما أطلّ هلال الأشهر الهجرية، إيذانا بموعد ديني كبير، فلا أحد فوجئ باشتعال أسعار الخرفان التي نافست أسعار السيارات والعملة الصعبة، من ناحية نسبة الارتفاع التي تتزايد على شكل متتالية هندسية، لكن عندما تعلم بأن أسعار الأعلاف والشعير المدعم لم تزد دينارا واحدا، وتُسلَّم لأصحابها بالكمية التي يريدون، في أيام الغيث والجفاف، باعتراف القائمين على عالم الفلاحة الجزائرية، نتساءل عن اجتهاد الوزارة في الدفاع عن الموّال أو التاجر بمنحه السلعة المستورَدة بثمن مدعّم، من دون حرصها على المواطن الزبون الذي لا يتذوق من الدعم شيئا؟

هناك مواد أساسية تقوم الدولة بدعمها، إذ تقدمها لبعض التجار بثمن رمزي، والهدف من الدعم، هو أن تصل هذه المواد وما يُصنع بها بأسعار متدنية بقدر الدعم المقدَّم من الدولة، ولكن إذا لم يتحقق الهدف من الدعم، فلا داعي لحرق هذه الأموال التي صنعت أثرياء ومليارديرات، شربوا من غيث الدعم، ما لم تشربه المراعي في بداية شهر جوان الحالي، في تناقض سافر، نقرأ فيه بالأرقام ما تقدمه الدولة لهؤلاء، ونرعب من الأرقام التي يُصدم بها هؤلاء المواطنون، من فقراء وميسوري الحال.

توجّه مواطنٌ من مدينة كبيرة إلى مديرية التجارة ليشتكي غلاء المرطّبات، في أحد المحلات التي يزعم صاحبها بأن ما يقدمه من مرطبات، لا تضاهيه أي حلوى، إذ لا يجد هذا البائع أي حرج ولا خوف من أي كان، عندما يبيع القطعة الواحدة الصغيرة الحجم بخمس مئة دينار، لكنَّه فوجئ بردٍّ من مديرية التجارة التي نصحته بأن لا يأكل المرطبات، ليكفي نفسَه ويكفيها هي أيضا شرّ قتال هؤلاء التجار، وهي تعلم والناس يعلمون بأن قطعة الحلوى مصنوعة من سكر وفرينة وحليب وخميرة مدعمة، ومع ذلك لا أحد يسأل تاجر المرطبات عن أسعاره كما يسألون بائع الحليب والسميد وما أكثرهم من الذين هم حاليا في غياهب السجون، كما لا أحد يسأل بائعي الخرفان عن سبب إشعال النيران، في أسعار الماشية وجعلها في غير متناول الناس، بل ومنفرة لهم.

في كل اجتماع للحكومة يتم التأكيد على أن الطابع الاجتماعي لأداء مختلف القطاعات لا تراجع عنه، وكل وزارة في الجزائر تضخّ في كل ميزانية عامّة ملايير الدولارات التي تذهب في دعم السكن والتعليم والجامعة والصحة والمواد الاستهلاكية والفلاحة والتجارة، ولكن هذا الجهد يتبخر أمام سماسرةٍ تسللوا مثل الفيروسات في الرئة الجزائرية وفشلت كل محاولات استئصالها، وبنوا لأنفسهم إمبراطورية كلما ظننا بأنها قد تلقَّت ضربة قاصمة، عادت بأكثر قوة، كما هو الحال حاليا في أسواق الماشية التي قصفت كل زائر بأسعار لا منطق فيها ولا تجارة العرض والطلب ولا يحزنون.. ولا هم يضحُّون.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!