-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
"الشروق" تحضر عملية إزالة العشوائيات بالمدينة الجديدة بقسنطينة

الدّولة تستعيد السّيطرة على الأرصفة ومداخل العمارات!

روبورتاج: عصام بن منية
  • 5793
  • 1
الدّولة تستعيد السّيطرة على الأرصفة ومداخل العمارات!
ح.م

باشرت ولاية قسنطينة على غرار بقية الولايات، عمليات تهيئة شاملة، في بعض جوانبها استعدادا لمنافسة كأس أمم إفريقيا للمحليين، التي ستحتضن قسنطينة جزءا منها في منتصف شهر جانفي من السنة القادمة 2023، وفي جانب أهم، وهو إعادة هيبة الدولة وتوقيف الفوضى التي طالت المدن الجديدة ومنها علي منجل إحدى أكبر المدن الجديدة في الجزائر، بجامعتين وقرابة مليون نسمة.
“الشروق” حضرت جانبا من عمليات الهدم أو إعادة الأمور إلى طبيعتها من خلال حملة منظمة لأجل إزالة أكشاك ودكاكين وتوسعات عشوائية شملت الطوابق السفلية للعمارات خاصة بالنسبة للسكنات الاجتماعية.
كل المسؤولين عن بلدية الخروب التي تتبعها إداريا المدينة الجديدة علي منجلي ومؤسسة تهيئة المدينة الجديدة علي منجلي، الذين تحدثنا إليهم أكدوا بأن أوامر فوقية، طلبت منهم تهيئة كل الوحدات الجوارية في مدينة علي منجلي، من دون استثناء، وليس الوحدتين الجواريتين الأولى والثانية فقط.

حاضنة لتربية الكلاب المفترسة والمتاجرة فيها
كان منظر السياج المحيط بالساحات المقابلة للطابق الأرضي في الوحدة الجوارية الأولى، أشبه بالأمر الواقع، حتى تواجد القطط والدجاج تعوّد عليه المواطنين، أما عن غرس مختلف الحشائش المستهلكة من “بقدونس ودبشة وثوم وبصل” في غياب الورد، فذاك ما لاحظناه في هذه التوسعات الغريبة، لكن الجرأة هي أن أحد الشباب بعد أن ربى كلبا مفترسا من نوع “رود فيلر”، وأقام له ما يشبه “البيت أو المزجر”، استهوته بعد ذلك ومنذ سنوات ما قبل جائحة كورونا، هواية تربية الكلاب المفترسة التي تكاثرت وصار يتاجر فيها، وتحوّلت إلى مهنته الأولى، في ساحة تابعة للدولة وقرب نوافذ وأبواب سكان استسلموا لسلطته.
مواطن من العمارة المعنية، بهذا التوسع العشوائي غير القانوني والخطير، قال بأنه بعد تسلم هذه السكنات في صيف 2004، كانت الإدارة غائبة، ولأن كل شقة مكونة من ثلاث غرف فقط، وهي صغيرة المساحة وفي غياب السلطة أو الردع، صارت بعض النسوة تخرجن إلى الساحات المحيطة بالطابق الأرضي وتنشرن الألبسة المغسولة إلى أشعة الشمس أو الكسكسي أو الفريك أو الصوف، ومع مرور الوقت قام الشباب بتسييج المكان، ومنهم من زعم غرس الورود والعشب الطبيعي، قبل أن يقنعوا أنفسهم بأن المكان ملك لهم، والغريب كما قال هذا المواطن، أن بعض السكان، عندما يعرضون مسكنهم للبيع يدرجون تلك المساحة العشوائية التي استولوا عليها، فيرفعون ثمن مسكنهم، ويحضر الشاري الجديد وهو مقتنع بأنه اشترى مسكنا اجتماعيا في الأصل من ثلاث غرف، ومساحة أشبه بالمستودع.

ورشات ميكانيك وحدادة في “أرض الدولة”
إنسحاب الإدارة نهائيا عن متابعة ما يحدث في هذه العمارات لمدة قاربت العشرين سنة، جعلت رقم العشوائيات ينتقل من العشرات إلى المئات والآلاف ويزداد تعقيدا، فكل من يتسلم شقته وهو قادم من سكنات قصديرية أو هشّة أو من زحام في بيته العائلي القديم، يسعى للتوسع وإجراء تغييرات بالكامل على مسكنه، كأن يلغي الشرفة والحمام، وما صار يميز عمليات توزيع السكنات الاجتماعية الجديدة، هو سعي المستفيد للحصول على شقة بالطابق الأرضي حتى “يستعمر” المساحة الخارجية المحيطة بالشقة، ويبدأ في تنفيذ “مخططاته التوسعية”، فمنهم من أنجز مخزنا لوضع عجلات السيارات أو مقاعد أو قطع غيار سيارات، كما شاهدنا في الوحدة الجوارية التاسعة، أمّا بعض الشباب فمع مرور الوقت تجرئوا على ممارسة التجارة وحرف مختلفة من الميكانيك، حيث يتم إدخال سيارة زبون إلى المستودع العشوائي ويتم تصليحها من دون وجود سجل تجاري، ولا خضوع لقانون الضرائب، كما قام آخرون في وحدات جوارية أخرى بأعمال حرفية متنوعة مثل الحدادة والنجارة وسط فوضى عارمة وإزعاج للسكان.
أمّا عن الأكشاك المشيدة فقد تم عدّ 234 كشكا بحسب مصدر رسمي، والغريب أنّ بعضها منجز بطريقة فنية رائعة ومنها المستوردة من الخارج، وهو ما جعلها بعيدة عن الردع، ظنا بأنها قانونية، وتباع فيها جميع اللوازم من ماكياج وأكلات خفيفة وأخرى تقليدية كما فعل أحدهم الذي ضم إلى كشكه ثلاث فتيات متمكنات في طهي الرغيف والحلويات التقليدية المختلفة، دون علمهن بأنهن يعملن خارج القانون.

حوانيت 26 مترا مربعا تحولت إلى 50 مترا مربعا!
يخيل لكل من يدخل المدينة الجديدة علي منجلي بولاية قسنطينة، بأنّ الأمور قد خرجت عن السيطرة، لأن التجاوزات ليست من قبل الشباب والمراهقين فقط، بل طالت حتى العمارات المسماة بالراقية التي حوّل فيها بعض السكان سقوف لحفظ المارة من أشعة الشمس والمطر، إلى بيوت قد تسقط على الناس، كما قام العشرات من تجار حي 392 مسكن، بالاستيلاء على الرصيف المقابل لمحلاتهم، وبنوه وحصّنوه بأبواب حديدية شديدة ومزركشة، فتحوّل المحل التجاري الذي لا تزيد مساحته عن 26 متر مربع المُشهر بالمحافظة العقارية، إلى مساحة تجارية تزيد مساحتها عن 50 متر مربع وهذا منذ قرابة عشر سنوات، وشمل تقريبا كل المتاجر الموجودة في المنطقة، في ما يشبه الأمر الواقع.
خرجنا من المدينة الجديدة علي منجلي، وبين أيدينا إحصائيات سابقة من شرطة العمران، التي كانت تحصي في بدايات عملها في المنطقة عشرات التجاوزات لتنتقل إلى المئات، دون أدنى تحرّك من السلطات المتعاقبة، والنتيجة أنّ الأرصفة والمساحات الخضراء تم ابتلاعها بالكامل، والغريب أن بعض المساحات الخضراء تحوّلت إلى أرصفة إسمنتية تركن عليها سيّارات السكان، وبعض الأرصفة تحوّلت إلى مساحات خضراء تزرع فيها الطماطم والسلطة وغيرها من الخضراوات.
السؤال الذي طرحته “الشروق اليومي” على عدد من مندوبي البلديات والمنتخبين في قسنطينة وعلي منجلي والخروب، كانت له إجابة واحدة، وهي أنّ زمن الفوضى قد ولّى والعملية الحالية ليست آنية، وستصبح المدينة الجديدة قطعة من الجزائر الجديدة، من دون تجاوزات ولا فوضى ولا عشوائيات ولا قمامة، وستمنح الراحة لقاطنيها الذين قارب تعدادهم المليون نسمة، ومثيل لهم من الزائرين من طلبة جامعيين وزبائن المساحات التجارية الكثيرة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • باش جراح

    نرجوا من السلطات ان تلتفت الي نفس المشكل خاصه في حي باش جراح حيث تم التعدي علي المساحات المشتركه بطرق غير شرعيه واستعمالها من طرف اصحاب المحلات خاصه المقاهي لاغراض تجاريه فوضويه وهدا بتواطؤ وتحت اعين مسؤولين البلديه...