الرأي

الذاكرة تهم كل الجزائريين يا سلال

رشيد ولد بوسيافة
  • 4681
  • 29

شعرت بغصة في الحلق وأنا أسمع تصريح الوزير الأول عبد المالك سلال يقول فيه إن الموضوع التاريخي في العلاقة بين الجزائر وفرنسا يترك للمؤرخين، وأن ما يهم الآن هو العلاقات الثنائية مستقبلا وما ستجنيه الجزائر من المشاريع والاتفاقيات المبرمة مع فرنسا…

ولا أدري ما هي المعطيات التي بنى عليه الوزير الأول هذا التصريح الخطير الذي يقفز على كل المطالب الجزائرية بالاعتراف والتعويض عن الحقبة الاستعمارية؟ ومَن هؤلاء الذين أشاروا عليه بمثل هذا التصريح الذي يتنازل طواعية عن حق الجزائريين كلهم؟

لا يمكن إقناع جزائري واحد بأن ملف الذاكرة لا يهمه، وأن الأمر يهم المؤرخين فقط، لأن الجراح لم تندمل ولن تندمل أبدا، وما الاعتراف والتعويض إلا محاولة للتخفيف من آلامها، ولا يمكن لأحد حتى وإن كان وزيرا أول، أن يعطي الحق لنفسه في أن يتحدث باسم الجزائريين ويتنازل عن حقهم التاريخي.

كما شعرت بغصة أكبر وأنا أتابع التحضيرات والأجواء ـ التاريخية ـ لزيارة هولاند إلى الجزائر التي يبدو أنها توقفت عن الحركة استعدادا لزيارة رئيس دولة مسؤولة بشكل مباشر عن تخلفها سياسا وثقافيا واقتصاديا.

لقد أعلنت حالة الاستنفار وأغلقت الطرق وتزينت الشوارع بالعلم الفرنسي وجند الآلاف من العمال لتنظيف الشوارع، كما استجلبت حافلات معبأة بتلاميذ المدارس والكشافة لاستقبال هولاند في مشهد لا يمكن رؤيته إلا عندما يتعلق الأمر بزيارات رئيس الجمهورية للولايات.

لِمَ كل هذه الحفاوة في الاستقبال لدرجة استدعاء سفراء دول العالم للاصطفاف في مطار هواري بومدين لحظة وصول هولاند؟ ولِمَ تتوقف حياة الجزائريين كلها من أجل زيارة أفرغت من محتواها قبل أن تبدأ بتصريحات غريبة وغير مفهمة من وزير خارجيتنا الذي قال إن الجزائر الرسمية لا تطلب الاعتذار، وتصريحات رئيس حكومتنا الذي قال إن الملف التاريخي يترك للمؤرخين!!!

ستبقى العلاقة مع الفرنسيين ملغمة بتراكمات الماضي، ولا يمكن أن تطوى الصفحة كما ينادي به البعض، لأن فرنسا لازالت تتنكر لكل جرائمها في حق الجزائريين بدءا من الاحتلال وطرد السكان من أملاكهم وأراضيهم وتهجيرهم إلى الخارج إلى المجازر الجماعية سنة 1945 إلى التجارب النووية التي حولت أبناء رڤان إلى فئران تجارب لازالوا إلى اليوم يعانون الأمراض والتشوهات.

مقالات ذات صلة