-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
القيادة العليا وضعتها ضمن الأولويات العسكرية والاقتصادية

الذكاء الصناعي والرقمنة.. بوابة الصناعة الحربية في الجزائر

نوارة باشوش
  • 8776
  • 0
الذكاء الصناعي والرقمنة.. بوابة الصناعة الحربية في الجزائر
ح.م

يخوض الجيش الوطني الشعبي سباقا ضد زمن التكنولوجيا الحربية، ليكون على أهبة الاستعداد، ضد كل من تسول نفسه زعزعة استقرار البلاد وأمن العباد، من خلال حرصه على تأمين كامل الوطن بإقليمه ومدنه وحدوده البحرية والجوية والبرية ومنشأته الاقتصادية الكبرى، عبر تسخير أنظمة وأسلحة وطائرات مصنعة بأنامل جزائرية 100 بالمائة.
إنها معركة التصنيع التي تخوضها المؤسسة العسكرية بالتوازي مع محاربة بقايا الإرهاب، خاصة عبر الحدود الجنوبية الشاسعة، والوقوف بالمرصاد للمهربين والمتآمرين على أمن الجزائريين.
التصنيع الحربي مؤشر قوي على أن الجيش دخل مرحلة متقدمة من العصرنة والاحترافية في الاعتماد على قدراته الذاتية، باعتبار أن الصناعات العسكرية الوطنية جزء لا يتجزأ من الإستراتيجية الوطنية الشاملة والمتكاملة للاقتصاد الوطني، بغية تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليص فاتورة الاستيراد وكبح نزيف العملة الصعبة نحو الخارج.
“ليت شهداء الثورة يرون ما وصل إليه الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير”.. هي عبارة أطلقها رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، عبد المجيد تبون، خلال طوافه على أجنحة وزارة الدفاع، أين عاين الصناعات الخفيفة والثقيلة التي عكست التنوع، ويمكن وصفها بأنها مفخرة جزائرية حقيقية، ما يترجم انخراط المؤسسة العسكرية الفعلي في التطور التكنولوجي والبحث العلمي.
“الشروق” وقفت على أجنحة الصناعات العسكرية، ضمن معرض الإنتاج الوطني، الأسبوع الماضي، حيث شهد الجناح العسكري توافدا كبيرا للزوار، القادمين من كل ولايات الوطن، وسجل حضوره عبر عدة مؤسسات متخصصة في مختلف فروع إنتاج صناعة النسيج والألبسة، والذخائر والأسلحة، والعتاد والمدرعات، والسفن، وأجهزة الإشارة والمراقبة والألياف البصرية وكاميرات المراقبة، فضلا عن المركبات والشاحنات وقطع الغيار وغيرها، كل ذلك بسواعد جزائرية تتحكم في مختلف التكنولوجيات والتقنيات الحديثة.

نظام ذكي للقضاء على الازدحام المروري
وبهذا الصدد، تعمل مؤسسة إنجاز أنظمة المراقبة بواسطة الفيديو “ERSV” التابعة لمديرية الصناعة العسكرية بوزارة الدفاع الوطني، على إيجاد حل نهائي للازدحام المروري الذي أرهق المواطنين عبر الطرقات، وتسبّب في الارتفاع القياسي لإرهاب الطرقات، من خلال استحداث نظام رقمي ذكي لإدارة وتسيير حركة المرور.
“الشروق” ولجت إلى عالم الجيش في الرقمنة والذكاء الصناعي، أين عاشت لحظات في الجناح المخصص لمؤسسة إنجاز أنظمة المراقبة بواسطة الفيديو، وهي مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي واقتصادي، أنشئت بمرسوم رئاسي سنة 2009 وتخضع لوصاية مديرية الصناعة بوزارة الدفاع الوطني، تنشط في مجال تأمين المنشآت العمومية والمناطق الحسّاسة والصناعية والفضاءات المفتوحة للجمهور.
وفي التفاصيل، كشف النقيب أعراب إسماعيل، ممثل مؤسسة إنجاز أنظمة المراقبة بواسطة الفيديو، أن مؤسستهم تعمل على دراسة وتصميم أجهزة المراقبة المدمجة لصالح مختلف الهيئات والمؤسسات الوطنية، حيث تقدّم لعملائها العديد من الحلول بكفاءات جزائرية، والمتمثلة في أنظمة المراقبة بواسطة الفيديو، أنظمة الكشف عن الأمتعة، مراقبة الدخول، أنظمة مكافحة التسلسل، وأنظمة التذاكر الإلكترونية.
كما تعمل المؤسسة، أيضا، يقول النقيب أعراب، على دراسة أماكن ووضع كاميرات المراقبة بالطرقات والشوارع وتزويد وحدات الشرطة والدرك الوطني بهذه التجهيزات المتطورة لمساعدتها في عملها اليومي ومحاربة الجريمة، كما توفر المؤسسة خدماتها عبر كامل التراب الوطني، حيث تقوم بتوفير أجهزة المراقبة وإنتاج أنظمة المراقبة وأنظمة الإنذار وكذا تركيبها، ثم ربطها بشبكات المعلوماتية المتواجدة في المقرات الأمنية ووحدات التحكم والمراقبة، ليتم تسييرها من طرف أعوان مختلف الأجهزة الأمنية.
وبلغة الأرقام، كشف النقيب أنه تم تأمين أزيد من 30 ملعب ومنشأة رياضية من خلال تزويدها بـ2000 كاميرا وأربعة منظومات إلكترونية، على غرار ملاعب “نيلسون منديلا”، “5 جويلية” والدويرة في العاصمة، “حسين آيت أحمد” بتيزي وزو، “مصطفى تشاكر” بالبليدة و”حملاوي” بقسنطينة، “19 ماي 56” بعنابة، “8 ماي” بسطيف إلى جانب ملاعب “مسعود زقار” بالعلمة، “ميلود هادف” بوهران، في انتظار تعميمها على جميع الملاعب والمنشآت الرياضية.
وبخصوص الولايات التي تم تزويدها بكاميرات المراقبة عبر الشوارع والطرقات، قال ذات الضابط الأمني تتعلق بـ11 ولاية، من خلال تأمينها بأزيد من 15 ألف كاميرا، على غرار العاصمة وقسنطينة ووهران، عنابة، غرداية، تيزي وزو، بجاية وورقلة، سطيف في انتظار تعميمها على جميع ولايات الوطن، في حين تم تزويد 23 مطارا ومحطتين بحريتين بنظام المراقبة بوساطة الفيديو، إلى جانب تزويد المطارات بأنظمة حرارية لمكافحة الهجرة غير الشرعية.
وبالمقابل، أوضح النقيب أعراب، أنه تم تأمين جامع الجزائر بزرع 800 كاميرا مثبتة وموزعة على أرجاء ومرافق الجامع، مقابل تأمين المنشآت الاقتصادية الكبرى المقدّرة بأزيد من 300 موقع على غرار “سوناطراك”، “سونلغاز” و”نفطال” بـ12000 كاميرا.
وتتجّه مؤسسة إنجاز أنظمة المراقبة بواسطة الفيديو ERSV، حسب الضابط الأمني، إلى استحداث النظام الذكي لتسيير حركة المرور، من خلال التحكم الأوتوماتيكي في إشارات المرور وبرمجة الأولوية لمرور المواكب الرسمية، مما سيقلّل من الازدحام المروري خاصة في المدن الكبرى وكذا تقليص حوادث المرور.

“أوراس 700″… طائرات بدون طيار والويل لمن يخترق حدودنا
باعتبار أن الحدود الجزائرية الممتدة على طول 6500 كلم مفتوحة على العديد من دول الجوار، فقد عمدت القيادة العليا للجيش على تأمين الحدود الترابية بالعنصر المادي والبشري، لخوض حربها الشرسة ضد شبكات الجريمة المنظمة ومطاردة مافيا المخدرات والمهلوسات وجماعات التهريب، موازاة مع فرض اليقظة في مراقبة الإقليم الوطني ضد الهجرة غير الشرعية والتنقيب خارج القانون عن المعادن بأقصى الجنوب، مع تطويق فلول الإرهابيين الذين يحاولون التسلل إلى التراب الوطني.
وهنا يأتي دور مؤسسة تطوير وإنتاج أنظمة التكنولوجيات المتقدمة بالناحية العسكرية الأولى في بوسعادة، إذ وقفت “الشروق” في الجناح المخصص لهذه الصرح، أين تلقينا شروحات مفصلة حول المهمة الأساسية لهذه المؤسسة.
وفي هذا السياق، أشار النقيب الطاهر رحماني أنه تنفيذا لتوجيهات القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي، شاركت المؤسسة في المعرض، بغرض المساهمة في إنشاء قاعدة صناعية متينة ومستدامة، موضحا أن المؤسسة مختصة في تطوير طائرات بدون طيار صغيرة وكبيرة الحجم، ورباعية المروحيات من نوع “أوراس 700” الموجهة للمراقبة، الاستطلاع وتحديد الموقع الجغرافي وتتبع الأهداف المتحركة والثابتة ليلا ونهارا.
ومن خصائصها يقول النقيب رحماني أن هذه الطائرات يمكن أن تحدد الهدف على علو 500 متر، كما أن مدة تحليقها تصل إلى 30 دقيقة وتتمتع بخاصية تحديد إحداثيات واتباع الأهداف المتحركة.

طائرات بأنامل جزائرية
ومن جهته، كشف المقدم علي بلقاسم، ممثل مؤسسة صناعة الطائرات التابعة لقيادة القوات الجوية، بالناحية العسكرية الثانية “طفراوي”، عن المستوى الرفيع الذي وصلت إليه المؤسسة، تحت الإشراف المباشر للقيادة العليا للجيش الوطني الشعبي.
وفصّل المقدم بلقاسم عن المهام الأساسية للمؤسسة وقال في تصريح لـ”الشروق” “هذه المؤسسة تتكفل بعدة أنشطة، بينها صناعة ومراجعة الطائرات من نوع “فرناس 142″، ذات مقعدين، موجهة للتدريب القاعدي لفئة الطلبة الضباط الملاحين بصفوف الجيش الوطني الشعبي، إلى جانب الطائرات من نوع “سفير-43″ ذات 4 مقاعد، موجهة لفئة الطيارين تخصص النقل الجوي، لاحتوائها على معدات تلائم متطلبات التكوين التخصصي.”
ومن بين المهام التي تقع على عاتق المؤسسة، ذكر الضابط الأمني أنها تتمتع بحصرية المراجعة العامة للمحركات والمقلعات العنفية الخاصة بالحوامات، من أجل المساهمة في ضمان الجاهزية العملياتية العالية للوحدات الجوية عبر التراب الوطني.
وأردف ممثل قيادة القوات الجوية أنه “تنفيذا لتوجيهات القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي، وعلى رأسها الفريق أول السعيد شنقريحة، رئيس الأركان، أن مشاركة المؤسسة في معرض الإنتاج الجزائري تندرج ضمن هدف جوهري يتمثل في المساهمة بإنشاء قاعدة صناعية متينة ومستدامة، وتعريف الجمهور بنشاط المؤسسات في المجال الاقتصادي والصناعي، لأنه يساهم في إثراء وتنويع الإنتاج الوطني.
وبخصوص هياكل الطائرة، أوضح المقدم بلقاسم أنها صناعة جزائرية 100 بالمائة، ونسبة الإدماج تصل إلى سقف 85 بالمائة، وأن العمل حاليا يتم على تصنيع 75 طائرة، على غرار “فرناس 142” وطائرة “سفير 43″، معلنا عن نية المؤسسة في التوجه نحو تصدير منتوجها إلى الخارج.
كما تطرق الضابط الأمني إلى المهام الأخرى للمؤسسة، قائلا: “هناك مهام أخرى نقوم بها وهي المراجعة العامة والإصلاح لمحركات الهليكوبتر”، كما تتوفر المؤسسة على وحدة المعالجة الكيميائية والحرارية، وتضع تحت تصرف السوق الجزائرية المعالجة السطحية والحرارية، وفوق ذلك توفر صناعة القطع وتقسية المطاط والتلحيم والنحاسة والطلاء والمراقبة، وهذا في كل المجالات.
وتابع المتحدث أن المؤسسة نجحت في توفير قطع الغيار للسوق المحلية، فبالإضافة إلى تصنيع قطع غيار الطائرات، تطرح بعض قطع الغيار الأخرى في سوق المناولة، وفي الوقت الحالي، “عندنا عدة شراكات مع مؤسسات، على غرار الوكالة الجزائرية للاعتماد وكذا الخطوط الجوية الجزائرية إلى جانب الوكالة الفضائية وشركتي سونلغاز وسونطراك”.
وفي سياق متصل، ونحن نتجول بين أجنحة الرواق المخصص لوزارة الدفاع الوطني، لفت انتباهنا العدد الكبير من المواطنين الذين التفوا حول منتجات عرضتها مؤسسة تجديد وصيانة الأسلحة والمنظومات الإلكترونية الكائن مقرها في بوفاريك بالناحية العسكرية الأولى.
وفي عين المكان، كشف ممثل هذه المؤسسة العريقة، التابعة للمديرية العسكرية للعتاد، أنها تعمل على وضع خدماتها ومنتجاتها في متناول المستهلك المحلي، كما تتولى مهمة تجديد وصيانة الأسلحة بمختلف عياراتها، موازاة مع صيانة وتصليح بنادق الصيد والبنادق المضخية لمختلف المؤسسات الخاصة للصيادين، ومؤسسات الحماية والدفاع التي تمتلك هذا النوع من الأسلحة..

الصناعات العسكرية.. دفع عجلة الاقتصاد وتقليص فواتير الاستيراد
إلى جانب وقوفنا على آخر إبداعات مؤسسات الجيش، فقد ظهر لنا ميدانيا تنوع الاستثمارات العسكرية التي احتواها الجناح المخصص لمديرية الصناعات العسكرية بقصر المعارض بالجزائر العاصمة، في مختلف المجالات، بين توفير حاجيات الجيش في صناعة النسيج والألبسة والأسلحة الخفيفة والذخيرة التقليدية، وبين صناعة العربات القتالية والسيارات المستعملة لأغراض عدة، ومنها حمل الأفراد العسكريين والمدنيين، مرورا بصناعة العتاد والمدرعات وأجهزة الإشارة والمراقبة، وصولا إلى المركبات والشاحنات من علامة عالمية، وكذا ما تقوم به مؤسسة البناء والتصليح البحري من عمل جبار في صناعة السفن الحربية وتجهيزها وصيانتها داخل الجزائر، كما تقوم بصيانة سفن الصيد التي كان أصحابها يجدون صعوبة بالغة في جرها إلى دول الجوار لتصليحها.
لقد تعددت المنتجات لكن الهدف واحد، وهو توفير احتياجات القطاع العسكري والمدني على حد سواء، وتمتين الاقتصاد الوطني، بصناعة محلية وفق معايير عالمية، تقتصد ملايير الدولارات من فاتورة الاستيراد وتجنيب الدولة تكاليف باهظة في نقلها وتشحينها ثم توزيعها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!