الرأي

الرابحون والخاسرون في قمة برلين

ح.م

هذا ما كنا ننتظره من قمة برلين لمعالجة الأزمة الليبية؟

طرفا الحرب الأهلية حفتر – السراج لم يحضراها رغم وجودهما في برلين، واقتصر دورهما في الإطلاع على ما تم التوصل إليه !!
ليبيا غائبة في محفل يعنى بمستقبل أمنها وسيادتها، فمفاتيح الأزمة لا تمسكها أطراف أدت إلى انقسامها في حاضنتين !!

دعوة تلو دعوة تتلى في بيان قمة برلين، خلت من آليات التنفيذ الحقيقي لتطبيقها على مستوى الأرض، لا يختلف أحد عليها حين يتعلق الأمر بوقف إطلاق النار، ومنع وصول السلاح إلى المتحاربين، بغية بلوغ الأمن المطلوب الذي يفتح الباب على خيار المعالجة السياسية لملف معقد .

اتفاق قمة برلين حول ليبيا، أمر لا بد منه، بين الدول المعنية بالنزاع الأهلي طويل الأمد على ضرورة احترام قرار حظر الأسلحة، القرار الأممي الذي يتعرض لانتهاكات متعددة، تجعل وقفا دائما لإطلاق النار أبعد من مديات التطبيق.

كما لقاء موسكو برعاية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي الطيب رجب أردوغان، اتفقت “جميع الأطراف المعنية على مضاعفة الجهود من أجل وقف دائم للعمليات القتالية وخفض التصعيد ووقف دائم لإطلاق النار”، لكن المتحاربين لم يتفقوا على ما اتفق عليه القادة الكبار .

آليات تنفيذ الاتفاق غائبة، والتعهد الشرفي الممضى عليه في وثيقة برلين التي أعدتها أنغيلا ميركل لا يكفي لغلق منافذ تسريب السلاح المدمر للأطراف الليبية المتقاتلة منذ عام 2011 عام اغتيال العقيد معمر القذافي وسقوط نظامه.

تعهد المشاركون في قمة في برلين، على عدم تقديم أي دعم عسكري إضافي للأطراف المتحاربة في الوقت الذي يسري فيه وقف إطلاق النار، لكنهم متحررون من أية قيود إلزامية في إطار الخطة الشاملة التي أعلنت عنها المستشارة أنغيلا ميركل، وقالت: “إننا جميعا متفقون على ضرورة احترام حظر الأسلحة وعلى ضرورة السيطرة عليه بقوة أكبر من الماضي”.

تمخض اتفاق برلين عن تشكيل آلية عسكرية تضم خمسة ممثلين عن الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر ورئيس حكومة الوفاق الوطني فائق السراج، لمراقبة وقف إطلاق النار في البلاد، في الوقت الذي يواصل فيه المشاركون في المؤتمر عقد اجتماعات أخرى لضمان استمرار العملية “حتى يتمتع الليبيون بالحق في حياة سلمية”.

هيئة الأمم المتحدة التي انعقدت قمة برلين تحت غطائها، أقرت بلسان أمينها العام أنطونيو غوتيريش، “أن القمة شددت بأنه لا يوجد حل عسكري للصراع في ليبيا”، أما الحل السياسي فمازال بعيدا عن الأنظار.

ما الفرق بين لقاء موسكو الذي دعا له الرئيس فلاديمير بوتين وقمة برلين التي دعت إليها المستشار انغيلا ماركيل؟

جدول أعمالهما التقيا على مبدأ وقف إطلاق النار، وخرجا بذات الدعوة، ولم يتوصلا لإعادة تأسيس العملية السياسية التي تسعى إليها الأمم المتحدة.

أوروبا في عالمها الغربي، ترفض تهميشها في قرار يتخذ في الكرملين، وهي ترى تركيا وروسيا يتحكمان بمنافذها السياسية والاقتصادية.

ثلاثة محاور حددتها واشنطن لحل الأزمة الليبية: وقف دائم لإطلاق النار، وإخراج القوات الأجنبي، والخضوع لمنطق المفاوضات السياسية، محاور تلتقي افتراضا مع سعي أوروبا نحو إلغاء الاتفاقيتين الليبية – التركية الأمنية والاقتصادية، لغلق طريق وصول أنقرة إلى شرق المتوسط .

أهداف أوروبا لم تتحقق في قمة برلين، فواشنطن بحاجة للعب الورقة التركية في مواجهة النفوذ الروسي في ليبيا التي لن ترى الاستقرار على المدى القريب في ظل سيادة مفقودة.

مقالات ذات صلة