-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الردع المباشر.. خيار جزائري

الردع المباشر.. خيار جزائري

الردع المباشر خيار جزائري متاح، دخل مرحلة التنفيذ، بحزمة إجراءات عاجلة اتخذها مجلس الأمن القومي، ردا على سلوكيات المملكة المغربية، بفتح أجوئها مجالا لتهديدات خارجية غير مباشرة أطلقها وزير “إسرائيلي”، تهدد وحدة البلاد وقواعد أمنها القومي.

تهديدات مغربية غير محسوبة النتائج، تجاوزت كل الأعراف الدبلوماسية في تنظيم العلاقات الدولية، لاسيما ضوابط علاقات دول الجوار، وصلت إلى حد دعم حركة انفصالية، تسعى إلى تقسيم الوطن الجزائري الواحد على أساس عرقي، والاستقواء بـ”الكيان الإسرائيلي” الذي يضع الجزائر هدفا في حروبه الإقليمية.

بعيدا عن المحاور الإقليمية المتصارعة تقف الجزائر، وهي تأخذ ميزان العدل حدا فاصلا في موقف سيادي لا يقبل الجدل تجاه قضايا العالم المصيرية، وتلتزم بنهج علاقات متعادلة بين الشرق والغرب لا تتعارض مع مبادئ ثابتة، لا تتدخل في شؤون أحد، ولا تسمح لأحد بالتدخل في شؤونها، ولا تتورط في حروب إقليمية خاسرة، وترفض الانخراط في سياسة المحاور، موقف قوة يسعى البعض عبثا إلى زعزعته،  بإطلاق تهديدات غير مباشرة، تستهدف وحدة الأمن القومي، ومحاولة استدراجها في أزمات جانبية.

الأحداث الراهنة لا تنفصل عن بعضها، وهي تتوالى بسياق مترابط، حرائق انكشف الغطاء عن فاعلها المشحون بعداء خارجي، ومحاولة يائسة يطلقها وزير “إسرائيلي” في قلب العاصمة المغربية الرباط يضع الجزائر شريكا داعما لإيران في الصراعات التي تخوضها بمنطقة الشرق الأوسط بغية التمهيد لاستهدافها بأفعال عدوانية، وهي التي تلتزم بتطبيق سياستها الرافضة لمنطق الانخراط في محاور الصراعات الإقليمية، وتنأى بعيدا عن مخاطرها ومساوئها.

الحدث الداخلي لم يكن معزولا عما يجري في محيط إقليمي مضطرب، تتحرك فيه أدوات خفية، وخلايا نائمة تنتظر دورها هنا وهناك، فخارطة المصالح، وتوسيع نفوذ القوة لا تعرف حدودا داخلية، وهي تمتد أفقيا في كل الاتجاهات، غير آبهة بحصانة الأمن القومي لأي كان.

التوغل “الإسرائيلي” في إفريقيا عبر البوابة المغربية، يصطدم بالعقبة الجزائرية، القادرة على إغلاق كل المنافذ، وتعطيل التحرك نحو تنفيذ مخططات دخيلة عابرة للحدود، وتسعى “تل أبيب” عبثا إلى إزاحة هذه العقبة باختراق فاشل عبر أدوات مصنعة، تتحرك آليا بإرادتها.

هبوط وزير الخارجية “الإسرائيلي” في الرباط لم يكن صدفة، توقيت مقصود، ومخطط له، ترافق مع تحديات داخلية مفاجئة احتوت مخاطرها الجزائر، حين جسد المواطن الجزائري الأصيل روح الحكمة الإنسانية وهو يطفئ نار فتنة مفتعلة، ويضع وحدة الوطن فوق كل اعتبار عاطفي، ويأخذ الجميع إلى مرجع وطني أوحد، لا ينحرف عن مساره أحد يعلو بقيمة الانتماء لأرض حملته جيلا بعد جيل، وعززت وجوده، وحملته أمانة إحيائها والدفاع عن وحدتها.

تلاشى عنوان الفتنة وكشفت عن مفتعلها، بينما كان العالم يترقب امتداد حرائقها، متوقعا تطورات حدث إقليمي أمني جديد، تتناقله الفضائيات مشاهد لوقائع مثيرة، في توقيت دقيق تداخلت فيه الوقائع هنا وهناك، واشتدت حدة صراعات المحاور الإقليمية المتناقضة، ومنظومات سياسية تقصى، وحاضنات إقليمية في أقصى حالات الإنذار والترقب خوفا على مستقبل أذرعها المتحكمة بمفاصل مناطق نفوذها، والقوى الكبرى تتموقع في دور متابع لترى ما سيفرضه الأمر الواقع، قبل إدارة التوافق معه.

استبقت الجزائر كل التوقعات، وتحكمت بكل التفاصيل، في إعلان إستراتيجية الردع لكبح جماح مخططات معادية، قبل أن تصل إلى مراحل التنفيذ، استراتيجية لا تتعارض مع مبادئ العلاقات الدولية، قوتها تكمن في قدرات عسكرية تتقدمها دبلوماسية سياسية، تضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته في وضع حد لأي تهديدات خارجية مهما كان شكلها، تعد في نظر القانون الدولي إعلان حرب يوقف الردع العسكري- الدبلوماسي حركة عجلتها التدميرية.

تلك هي أبعاد سياسة الردع الجزائري المباشر في حدود الجوار لمن لا يفهم أبعادها، دفاع عن أمن قومي موحد، لا يفسح المجال لردع موسع تفرض فيه القوى الكبرى وجودها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!