الجزائر
تمرير مشاريع القوانين الناظمة للانتخابات

السلطة تبعث بإشارات التطمين إلى المعارضة

محمد مسلم
  • 2733
  • 8
ح.م

على غير العادة، لم يكن وزير الداخلية والجماعات المحلية، صلاح الدين دحمون، هو المكلف بعرض مشروعي القانونين العضويين المتعلقين بالانتخابات وبالسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، بل أسند الأمر إلى وزير العدل، بلقاسم زغماتي.

واعتادت وزارة الداخلية أن تكون هي المعني الأول بمثل هذه القوانين، وكان الوزير الأول الحالي، نور الدين بدوي، هو من عرض القانون العضوي 16 /10 المتعلق بالانتخابات قبل نحو ثلاث سنوات، غير أن هذه المرة، الأمر لم يكن كذلك.

المسألة لا تحتاج إلى الكثير من التفكير لفهم ما جرى، فالأمر يتعلق بإبعاد وزارة الداخلية كجهاز وإدارة من العملية الانتخابية، مع احتفاظها بالأمور المتعلقة بالجوانب اللوجيستية فقط، وهي من أهم المسائل التي كانت مطروحة على طاولة المشاورات بين لجنة الحوار والوساطة، والشركاء الذين وافقوا على الجلوس معها في إطار جلسات الحوار.

وتحولت وزارة الداخلية في نظر الكثير من الشركاء السياسيين المعارضين، إلى جهاز لتزوير الانتخابات، كما أن الكثير من الانتقادات التي طالت الوزير الأول الحالي، سببها مروره على وزارة الداخلية، وقبلها كوال في أكثر من ولاية، ما يعني أن الرجل، برأي منتقديه، ضالع في ممارسات التزوير التي طالت العملية الانتخابية على مدار سنين طويلة.

ومن هذا المنطلق، جاء تكليف زغماتي بعرض مشروعي القانونين العضويين المتعلقين بالانتخابات وبالسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، محاولة من قبل السلطة لطمأنة الشركاء السياسيين بشأن حسن نواياها، ومن ثم خلق انطباع بأن الاستحقاق الرئاسي المقبل، سوف لن يكون كسابقيه، إن على المستوى القانوني أو من حيث الإطار البشري (…).

وإن كان هذا المعطى مفيدا على صعيد مساعي زرع الثقة المفقودة بين السلطة والمعارضة، إلا أن الكثير من الوجوه التي أشرفت على العملية الانتخابية في الاستحقاقات السابقة، لا تزال في مناصب حساسة، والإشارة هنا إلى الولاة ورؤساء الدوائر، وفق ما يقول الكثير من المتوجسين من أن يستنسخ النظام القائم نفس الأساليب والممارسات خلال الاستحقاق المقبل.

لكن، في الجهة المقابلة، تدفع السلطة لرد مثل هذه التوجسات، بمشروعي القانونين السالف ذكرهما، واللذين ينتظر أن يصادق عليهما النواب اليوم، وهما يعتبران ثورة في مجال التشريع المتعلق بالعملية الانتخابية، ويمكن القول إن ما طالبت به الطبقة السياسية قبل نحو ثماني سنوات تجسد اليوم، حتى في ظل برلمان مطعون في شرعيته.

وتشير التسريبات التي تم رصدها إلى أن مشروعي القانونين الموجودين قيد الدراسة، سيمرران كما جاءا من لجنة الحوار والوساطة، وسوف لن يطالهما أي تعديل، ما يجعل المشروعين وكأنهما أمريتان، والأمرية كما هو معلوم قابلة للنقاش وغير قابلة للتعديل.

منع النواب من تعديل مشروعي القانونين اللذين شرع في دراستهما أمس، سوف يحرم البرلمان الحالي من شرف المساهمة في سن هذين القانونين، مثلما حرمت الحكومة الحالية من شرف إعداد المشروعين أيضا، لكونهما من صميم عمل لجنة الحوار والوساطة.

مقالات ذات صلة