الرأي

السّلطة و”سراب المونديال”

رشيد ولد بوسيافة
  • 2571
  • 12

ليس عيبا أن تولي السلطة قدرا من الاهتمام للخضر ومناصريهم، فتغدق عليهم المنح والمزايا، وتخصّص ميزانية مناسبة لتحقيق نتيجة مُرضية في نهائيات كأس العالم، لكن العيب كل العيب في أن تحاول هذه السلطة الفاشلة تحقيق شيء من المكاسب من وراء “الجلد المنفوخ”، فتقرّر منح تسهيلات هي الأولى في التّاريخ لصالح المناصرين لتشجيعهم للذهاب ومناصرة الفريق الوطني.

هي تسهيلات لم يحظ بها آلاف المرضى الذين يذهبون للعلاج بإمكاناتهم الخاصّة بعد أن فشلت المنظومة الصّحية في الجزائر في التكفل بالأمراض البدائية فما بالك الأمراض المستعصية والنادرة، كما غاب هذا الكرم الزائد مع آلاف الحجاج الذين يقصدون بيت الله الحرام في رحلة العمر وبينهم المرضى وكبار السّن دون أن يكون هناك اهتمام من السلطة يوازي اهتمامها بالمتوجّهين إلى البرازيل من الأنصار الذين تصلنا صور بعضهم تباعا، وهم “يُمرمدون” الرّاية الوطنية في صور تذكارية مع العاهرات!!!

نعم… لم نر مثل هذا الاهتمام ببعض الجزائريين الذين يمثلون بلادهم في المسابقات العلمية ويعطون صورة راقية عن الإنسان الجزائري بفضل اختراعاتهم التي لا تجد من يهتم بها إلا عندما يعرضونها في الخارج، ولنا في المخترع محمد دومير مثال حي عن ذلك.

لماذا لا يحدث هذا السّخاء والكرم الذي تعاملت به السلطة مع الخضر ومناصريهم مع الطّلبة الذين يرغبون في مزاولة دراستهم بالخارج، وحتى بطلبة الجنوب الذين يعانون في التنقل نحو جامعاتهم ويتلقون منحة “حقيرة” لا تغطي تكاليف يوم واحد… أليس هؤلاء أحق بالامتيازات والمنح والتكفل من قبل الدولة؟!!

إلى متى ستظل السلطة تغطي عوراتها باللهث وراء سراب المونديال، وهي تعلم أنها لم تفعل شيئا لخدمة الرياضة بدليل أن أغلب لاعبي المنتخب الوطني ينشطون في البطولة الأوروبية؟

ثم متى تتوقف السّلطة عن الاستثمار في الأقدام بدل الأدمغة والعقول، ومتى تدرك أن كرة القدم هي مجرد لعبة للتسلية، وليست أداة لبناء الوطن والإنسان، بل متى تتوقف عن استعمال كرة القدم كوسيلة لإلهاء شريحة كبيرة في المجتمع الجزائري؟

على الجميع أن يفهم الرسالة التي أراد المحتجون على تنظيم كأس العالم في البرازيل، وهي أن الحق في الحياة الكريمة للسكان أهم من التتويج في المونديال، بل وأهم من استضافة نهائيات كأس العالم رغم ما في ذلك من منافع اقتصادية…

مقالات ذات صلة