-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
"الشروق" ترافق طاقم مصلحة الاستعجالات بمستشفى وهران

الشجارات والحروق وإرهاب الطرقات.. أبرز الحوادث الرمضانية

سيد أحمد فلاحي
  • 160
  • 0
الشجارات والحروق وإرهاب الطرقات.. أبرز الحوادث الرمضانية
ح.م

يطلق عليهم الجيش الأبيض، لأنهم يتصدون للأزمات ويقفون في الخطوط الأولى كلما حلت المحن، فكرتنا كانت زيارتهم بإحدى مصالح الاستعجالات الطبية، للوقوف على يومياتهم الصعبة بين العمل الشاق والصوم، وكانت الوجهة مستشفى أول نوفمبر، هناك وجدنا فرقة نشيطة تعمل كأنها خلية نحل، مكونة من أطباء وممرضين، مهمتهم الرئيسية هي استقبال الحالات الطارئة، والتكفل بها قبل توجيهها إلى المصالح المختصة.
كانت الساعة تشير إلى الخامسة من مساء يوم رمضاني، الحركة والنشاط على أوجها هناك، وكأنه ليس رمضان، رغم أن موعد أذان المغرب بعد ساعتين فقط، لحظات وتصل سيارة الإسعاف وهي تحمل شيخا، سرعة قصوى من أجل حمله وتوجيهه إلى المصلحة، علما أن خلية الطوارئ أصبحت تشخص الحالة عند نقلها في سيارة الإسعاف من أجل تسهيل المهمة على الطاقم الطبي هناك، فكان سبب العلة، سكتة دماغية أو إفقارية كما يصطلح على تسميتها، بعد لحظات جاء عندنا أحد جنود الفرقة الطبية المناوبة وهو الدكتور علي يحياوي، الذي كان هو دليلنا في هذا العمل الميداني، أين فسر حالة الشيخ الذي حول إلى المستشفى قبل ساعتين عن موعد الإفطار، والذي يعاني من الضغط الدموي، ومع تأثير الصيام، دخل في مرحلة الخطر، ويعمل الطاقم جاهدا على إنقاذه يقول المتحدث.
تركنا هذه الحالة لننتقل إلى حالة أخرى، لا تقل خطورة عن سابقتها، متمثلة في استقبال بعض المرضى، أغلبهم من أصحاب الأمراض المزمنة السكري والضغط وغيرها، والذين يمنع عليهم الصيام، لكن إصرارهم على ذلك كلفهم غاليا وجعلهم يدخلون في مرحلة الخطر، والمساعي حثيثة من أجل تخليصهم من الأزمة، وهي رسالة واضحة لكل المرضى الذي يعانون من الأمراض المزمنة كي يستشيروا الأطباء المختصين، ولا يتمردوا على إرشادات السلامة، لأن الدين يشدد على عدم الارتماء في التهلكة.

وللمطبخ نصيبه من الحوادث
كما أضاف الدكتور علي يحياوي، أن هناك فئة أخرى، صارت تصل إلى المصلحة في حالات يرثى لها، سماهم المتحدث بضحايا النرفزة والشجارات، وهم أشخاص من مختلف الأعمار، يتعرضون لاعتداءات خطيرة، في خضم شجارات دامية، بالشوارع لأسباب واهية، بحكم الانفعال الزائد، وانفلات الأعصاب، فتكون النتيجة إصابات خطيرة، أين حضرنا حالة شاب، يبلغ من العمر 28 سنة، يقطن بحي الياسمين، كان ضحية اعتداء، بواسطة آلة حادة على مؤخرة الرأس، وتم نقله، على جناح السرعة، إلى المصلحة لإنقاذه خاصة أنه أضاع كميات من الدم.
وفي هذا الموضوع، أشار المتحدث إلى أن المصلحة صارت تستقبل من 8 إلى 10 حالات يوميا، لضحايا شجارات أو اعتداءات بهدف السرقة.. عينة أخرى تحدث عنها دليلنا، متعلقة بنسوة كن في جهاد داخل المطبخ من أجل تحضير وجبة الإفطار، غير أن القدر كتب عليهن الإصابة هناك، من خلال لعنة القدر الساخن، فتحدث الحروق ويتم نقلهن إلى مصلحة الاستعجالات لتلقي العلاج. وفي سياق الموضوع، هناك من 5 إلى 6 حالات تصل المستشفى يوميا منذ حلول شهر رمضان، لكن حالاتهن لا تستدعي القلق ولله الحمد.

“جنون” على الطرقات
بعد مرور ساعة من الزمن وتحديدا مع السادسة مساء، راح بعض أفراد الفرقة الطبية الاستعجالية، نحو البوابة الرئيسية للمصلحة، والهدف هو مكالمة مستعجلة تتحدث عن حادث مرور خطير وقع بأحد شوارع وهران، الكل مستعد لاستقبال الحالة الطارئة، وحين وصلت كان الأمر يتعلق بشيخ في العقد السابع، في حالة إغماء وآثار الدماء على جسده، علمنا من الطاقم الطبي المتنقل أنه راح ضحية حادث مرور، وهو يحاول اجتياز الطريق، لتصدمه سيارة كان صاحبها يسير بسرعة جنونية، بعد لحظات قليلة يخرج الدكتور من غرفة الإنعاش، وعلامات الحسرة مرسومة على وجهه قائلا: “الشيخ توفي.. ربي يرحمو”، وذلك بالنظر لشدة الارتطام، وهنا فتح قوسا ليشير إلى الخطر الكبير الذي صار يداهم مستعملي الطرقات، بسبب حوادث المرور، لاسيما اللحظات الأخيرة قبل أذان المغرب، حين يفقد الكثير أعصابهم، وينفعلون ويصرون على الوصول إلى المنزل قبل أذان المغرب، فتحدث الكارثة.
رغم كل المشاهد الصادمة التي شاهدناها، التي صارت من يوميات الطاقم الطبي، إلا أن المشهد الأكثر تأثيرا فينا كان لحظة أذان الإفطار، حين جمع جنود الجيش الأبيض علبهم التي تحتوي وجبات خفيفة مثل الحريرة والبوراك وحبات تفاح، ومع ذلك فقد واصلت المجموعة العمل، ومعاينة الحالات والوقوف على كل مريض، وهنا وبعد لحظات عن الأذان، تقدم ممرضان للطاولة وشرعا في تناول الوجبة، وما هي سوى أقل من 20 دقيقة حتى انسحبا ليعوضا زملائهما، بينما هؤلاء تقدموا لتناول وجبة الإفطار متأخرة بنصف ساعة عن الجميع، وحين سألنا قيل لنا إنها طريقة احترازية شبيهة بما يقوم به الجنود، حيث يمنع الانسحاب الكلي من الساحة، لتفادي أي طارئ، ودعنا الطاقم الطبي الشاب وفي مخيلتنا الكثير من المواقف الصعبة التي عشناها داخل المصلحة، وهنا بالذات، تيقنا أنه حقا الجيش الأبيض الذي سهر على صحة المرضى ولا يختلف معهم رمضان أو عيد أو أي مناسبة أخرى مادام العمل واحدا والإرادة نفسها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!