-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الرئيس عبد المجيد تبون شدّد على مراجعة بنود الاتفاقية

الشراكة الأوروبية… 52 لُغمًا!

إيمان كيموش
  • 4571
  • 0
الشراكة الأوروبية… 52 لُغمًا!
أرشيف

يُجمع خبراء وعارفو الاقتصاد أن اتفاق الشراكة بين الجزائر والإتحاد الأوروبي كان بمثابة وثيقة للتنازلات التجارية والاقتصادية دون مقابل لصالح الأوروبيين طيلة سنوات، نتيجة استفادة المنتجات الأوروبية من إعفاءات جمركية عادلت 30 مليار دولار، ودخول منتجات فاقت قيمتها 200 مليار دولار للسوق الجزائرية منذ دخول الاتفاقية حيز التطبيق، مقابل عراقيل وحواجز بالجملة يصطدم بها المنتج الجزائري قبل دخوله السوق الأوروبية، ما عدا المحروقات.

200 مليار دولار واردات من أوروبا بـ 30 مليار دولار فوائد

ودعا الخبراء إلى ضرورة التركيز في مراجعة بنود الاتفاقية التي أمر بها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أمس الأول، في اجتماع مجلس الوزراء إلى إعادة صياغة 52 مادة مرتبطة بحرية تنقل البضائع وتصدير واستيراد الخدمات من إجمالي 110 مادة، وملحقين خاصين باستيراد المنتجات الزراعية والصناعية من ضمن 6 ملاحق وبروتوكولين خاصين بالمنتجات الفلاحية من إجمالي 7 بروتوكولات.

غياب الاستثمار ونقل الخبرة والتكنولوجيا
ويقول الرئيس الولائي السابق لغرفة التجارة والصناعة عبد الرحمن هادف، أن تقييم اتفاقية الشراكة مع الإتحاد الأوروبي كشف حجم الخسائر الكبرى التي تكبدتها الجزائر خلال السنوات الماضية والتي استوردت 200 مليار دولار سلعا أوروبية دخلت السوق الجزائرية، مقابل مبالغ تكاد تكون غير ملحوظة للصادرات الجزائرية خارج المحروقات، مضيفا: “الاتفاقية لم تكن عادلة من حيث التبادلات، ورغم أنها شملت مجالات أمنية وسياسية وثقافية واقتصادية، إلا أن أرقام الجمارك ومصالح التجارة تكشف أنها لم تحقق الأهداف التي سطرتها”.
ويضيف الخبير الاقتصادي هادف في تصريح لـ”الشروق” أن الجانب الأوروبي لم يف بتعهداته، الخاصة بتنويع الاقتصاد ورفع الاستثمارات واستيراد المنتجات الجزائرية، حيث ينظر الأوروبيون للاتفاق كإطار للتبادلات التجارية فقط وليس كشراكة حقيقية مع الجزائريين، فكانت استثمارات الاتحاد الأوروبي في الجزائر جد ضئيلة ولم ترق إلى المستوى المطلوب، كما لم يتم تحديد قائمة المنتجات الجزائرية القابلة للتصدير إلى أوروبا، حيث سارت الأمور لصالح الاتحاد الأوروبي وليس لفائدة الطرف الجزائري.
وتفرض اتفاقية الشراكة حسب عبد الرحمن هادف تبادلات تجارية متوازنة بين الطرفين مع إلغاء الرسوم الجمركية وإلزامية نقل الطرف الأوروبي للاستثمارات والتكوين والخبرة والتكنولوجيا، وهو ما يجعل المفاوضات الجديدة التي يُنتظر أن تباشرها السلطات الجزائرية اليوم بأمر من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون ملزمة بالتعريج إلى جملة من النقاط، تشمل ضرورة استفادة الجزائر من استثمارات حقيقية ونقل التكنولوجيا، لاسيما في قطاعات الصناعة الغذائية والصيدلانية والطاقات المتجددة، خاصة وأن الجزائر تسير نحو مسار تحول اقتصادي جديد.
ومن بين شروط نجاح مراجعة هذه الاتفاقية، يقول الخبير، إلزامية تنصيب لجنة من الجانب الجزائري مكونة من كفاءات تضم خبراء وتقنيين وقانونيين، ملمين بالملف ويحملون أهدافا واضحة.

هذه البنود محل المراجعة
ويعتبر الخبير الاقتصادي كمال سي محمد أن النقاط التي يجب أن تراجع في اتفاقية الشراكة مع الإتحاد الأوروبي هي تلك المتعلقة بحرية تنقل البضائع من المادة 6 إلى المادة 29 أي 24 مادة، وأيضا المواد المرتبطة بمراجعة الخدمات من المواد 30 إلى 37 أي 8 مواد وتلك المرتبطة بالتعاون الاقتصادي بين المادتين 47 و66 أي 20 مادة بإجمالي 52 مادة أو بندا تضاف إليها الملاحق المرتبطة بقائمة المنتجات الزراعية المحولة وقائمة المنتجات الصناعية الجزائرية ذات منشأ صناعي جزائري.
ويدعو كمال سي محمد إلى مراجعة البروتوكول رقم واحد للاتفاقية الخاص باستيراد مجموعة المنتجات الزراعية التي منشأها الجزائر والبروتوكول رقم 5 الخاص بالمبادلات التجارية الزراعية المحولة بين الجزائر والإتحاد الأوروبي.
ويرى كمال سي محمد أن قرار مراجعة الشراكة جاء في وقته وخطوة صائبة، بالنظر إلى الخسائر الكبرى التي تكبدتها الجزائر خلال السنوات الماضية.

تجنيد السفراء والقناصلة
من جهته، يؤكد الخبير الاقتصادي إسحاق خرشي، أن أهم النقاط التي يجب مراجعتها في ملف الشراكة بين الجزائر والإتحاد الأوروبي هي نقطة المبادلات التجارية المستفيدة من التفكيك الجمركي وإلغاء الرسوم، حيث خسرت الجزائر نتيجة الإعفاءات الجمركية منذ بدء اتفاق الشراكة 30 مليار دولار دون أن تحقق الأهداف المنشودة عبر الاتفاقية.
ويقول خرشي أن قرار المراجعة اليوم سيصطدم بمقاومة الأوروبيين لرغبة التعديل التي أبداها الطرف الجزائري، وهو ما يفرض تعامل المسؤولين الجزائريين بمرونة وسلاسة، وفي نفس الوقت بصرامة لجني مكاسب من هذه الاتفاقية وتحويلها إلى اتفاق رابح ـ رابح مثلما أمر به رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، عبر الرمي بثقل هذه المفاوضات إلى وزير الخارجية وتفعيل الدبلوماسية الاقتصادية وإقحام السفراء والقناصلة في الملف، “ولِم لا تنصيب وزير منتدب مكلف بالدبلوماسية الاقتصادية يقود مفاوضات تعديل الشراكة الجزائرية الأوروبية رفقة وزير التجارة”، يضيف المتحدث.

صعوبات تعترض مراجعة الاتفاق
وفي السياق، يرى الخبير الاقتصادي أحمد الحيدوسي في تصريح لـ”الشروق” أن مراجعة بنود الشراكة مع الإتحاد الأوروبي قد تصطدم بجملة من العراقيل، ولن تكون سهلة، حتى وإن كنا ضحية التبادلات التجارية غير العادلة، نتيجة رفض الطرف الأوروبي الخضوع التام لطلبات الطرف الجزائري، فهذا الأخير يتهم دائما المنتجات الجزائرية بأنها لا ترقى لمستوى الجودة والنوعية التي تطلبها السوق الأوروبية.
وبالرغم من ذلك، يرى المتحدث أن الوقت مناسب اليوم لمراجعة هذه الشراكة، فظروف الاتفاق في الماضي تزامنت في بداية الألفينيات مع مرحلة خروج الجزائر من فترة الإرهاب باقتصاد منهار ومديونية خارجية مرتفعة، وهو ما قد يكون اضطرها للقبول ببعض التنازلات، أما الوضع اليوم يختلف، ويفرض هامش مناورة أحسن للطرف الجزائري.
ولتحقيق مراجعة ترقى إلى تطلعات الجزائريين يقول الخبير الحيدوسي يجب إقرار إصلاحات شاملة على مستوى الاستثمار وتنمية القدرات التنافسية للمؤسسات، وإيجاد مواد تصدر خارج المحروقات، ففي الماضي الإتحاد الأوروبي لم يضغط على الجزائريين للاستيراد، ولكن حاجة السوق الجزائرية لتلك المواد في فترة تميزت بالبحبوحة المالية أوصلتنا إلى تلك النتائج.
وطالب الخبير نفسه برفع الحواجز العديدة التي تعترض تصدير منتجاتنا الفلاحية، واستقطاب استثمارات وتحقيق التحول التكنولوجي والرقمي، حتى تتحول الجزائر إلى قوة ضاغطة في هذا الملف.
هذا وأمر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في اجتماع مجلس الوزراء، المنعقد أمس الأول بمراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، بُندا بُندا، وفق نظرة سيادية ومقاربة رابح ـ رابح، مع مراعاة مصلحة المنتج الوطني، لخلق نسيج صناعي ومناصب شغل، ويعتبر قرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، قرارا تاريخيا جاء في ظرف جد حساس لتصحيح ما تم الاتفاق عليه سنة 2002 بفالنسيا الإسبانية مع الإتحاد الأوروبي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!