-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
المؤرخ الفلسطيني والمستشار السياسي بمركز الراصد للدراسات أسامة الأشقر لـ"الشروق":

الشعب الفلسطيني يتعرّض لأضخم عمليات الإبادة لكنه متمسّك بالمقاومة

الشعب الفلسطيني يتعرّض لأضخم عمليات الإبادة لكنه متمسّك بالمقاومة
ح.م

يدين المؤرخ الفلسطيني والمستشار بمركز راصد للدراسات الدكتور أسامة الأشقر، مواقف الدول المطبعة مع الكيان الصهيوني، وإعلانها تضامنها مع الاحتلال، ويقول إن هذه الدول اختارت “الانسحاب الكامل من الانتماء العربي والإسلامي”. ويشرح الدكتور أسامة الأشقر في هذا الحوار مع الشروق، الأسباب التي مكَنت للمقاومة من تحقيق هذا النصر الباهر بعد إطلاق عملية “بركان الأقصى” قبل أسبوع، ويفسر حالة تضامن الغرب مع دول الاحتلال. ويقف الأشقر بالتحليل لمواقف بعض النحل والطوائف في العالم الإسلامي التي تعادي المقاومة الإسلامية.

مع هذه الجرائم المروعة من الكيان الصهيوني ضد العزل في غزة وغيرها، لا تزال بعض الأنظمة العربية تطبع مع الكيان، بل تعبر عن تضامنها الكبير معه؟
التطبيع لدى هذه الأنظمة العربية هو تعبيرٌ عن رؤية وهذه الرؤية عبارة عن خيار سياسي لهذه الدول، أرادت أن تعبر به هذه الدول، وهذا التطبيع تعبير عن هزيمة نفسية وفقط لهذه الكيانات بل انسحاب كامل من الانتماء العربي والانتماء الإسلامي، وإرادة للانخراط في منظومة جديدة تريد من خلال تطبيعها مع الكيان الصهيوني أن تكون جزءا من حضارة هذا الكيان وخلفياته وامتداداته، لكن الحقيقة أن هذه الكيانات في حقيقة الأمر هي كيانات معادية لكل ما هو عربي وإسلامي، وبالضرورة لكل ما هو فلسطيني.
وأخشى أن يتحول هذا التطبيع بسبب إصرار هذه الأنظمة عليه، إلى خطر حقيقي على كل تاريخنا وثقافتنا وحتى على شعوبنا التي ما تزال قضية فلسطين حاضرة عندها.

البعض يعتبر أن التحرك إن على مستوى وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي والهبَّات الجماعية، بدون معنى، وأن المعركة معركة سلاح لا غير، ما صحة هذه المقاربة؟
الذي يقول إن السلاح هو المُعبّر الوحيد عن هذه المعركة لا شك أنه مخطئ خطأ فظيعا، هذا الإعداد الطويل الذي وصلنا به، وهذه المعركة الهائلة التي قامت بها المقاومة هو نتيجة إعداد ونفسي وروحي وإعلامي وسياسي وشعبي واقتصادي، ولولا تضافر كل الجهود لما استطاعت هذه المقاومة أن تدخل إلى الميدان بسلاحها.
وحتى هذه اللحظات التي تنخرط فيها في المقاومة بسلاحها فهي أحوج ما تكون إلى الإسناد الإعلامي والسياسي، ليس مقبولا ولا معقولا أن نجد أنظمة أو كيانات عربية أو إسلامية لا تدعم ولا تقف إلى جانب المقاومة، في هذه اللحظة الكلمة الآن مطلوبة كموقف سياسي، الموقف الإعلامي مطلوب، وأي تحفيز وكل دعوة الآن ضرورية ومهمة للوقوف إلى جانب هذه المقاومة في هذه المعركة، وهذا واجب وضرورة من الضروريات.
وإبداء الموقف أيا كان سياسيا أو إعلاميا أو ماديا، قد يكون في بعض المَواطن والبلدان أوجب من المشاركة بالسلاح، أهل فلسطين يقومون بواجبهم وهم في طليعة هذه المقاومة، وهم أقرب للقتال ولكن كل إنسان وجمعية ونظام وحزب هي مسؤولة بقدر هذا الذي يحمل السلاح وواجبه كبير جدا، وعليه أن يعرف أن ما يقوم به قد يوازي ما يفعله هذا المقاوم في الميدان.

وماذا عن المثبِّطين الذين يعتقدون ببقاء الوضع على حاله؟
هي معركة فاصلة تاريخية والذين يثبِّطون، ويقومون بعملية الإرجاف لا شك أنهم من الطائفة المنافقة المعادية، ويجب أن نتعامل معها على أنها كيانات شريرة وأنها كيانات إسرائيلية وضعت نفسها ضد الأمة.
لا يمكن الآن أن نسمح لأي كلمة أن تُخرجنا عن سياقنا، وتجعلنا لا نقف مع مقاومتنا في هذه اللحظة التاريخية، ولا يمكن أن نسمح لأي ناعق أو متحدث أن يتحدث بغير دعم أو إسناد للمقاومة والوقوف مع الشعب الفلسطيني في هذه الملحمة التاريخية التي يخوضها نيابة عن الشعوب والأمة الإسلامية والأنظمة الحرة التي تقود هذه الشعوب.

هل السيرورة التاريخية والشرعية تؤكد بما لا يدع الشك انتصار صاحب الحق، وكيف يتم ذلك؟
كل التجارب التاريخية تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن صاحب الحق والذي يتحدى من أجل أن يصل إلى هدفه وينتزع حقه انتزاعا.
الشعب الفلسطيني لا يقدِّم استطاعته فقط في مواجهة هذا العدو، وإنما يقدِّم فائق قوته واستطاعته من أجل هذه المواجهة، ومادام الشعب الفلسطيني قد قرر أن يضع التسويات جانبا وأن يمضي في معركته ضد هذا الاحتلال فله أن ينتصر.
انظروا إلى كل تجارب الشعوب؛ لا يوجد شعبٌ أراد أن ينتصر إلا ومنَّ الله سبحانه وتعالى عليه بالنصر، الشعب الجزائري وبعد ملحمة طويلة حقق انتصاره واستقلاله، شعوبنا العربية التي كانت تحت نير الاستعمار كلها حققت استقلالها، كل الشعوب التي تُصرُّ على إرادتها وحريتها ستنالها لا محالة، منطق الحق والتاريخ والشرع ومنطق الإنسان حينما يقرر أنه سينتصر مهما بلغت التضحيات.

التطوّرات أظهرت حالة تلاحم وتضامن بين الغرب المسيحي والكيان الصهيوني اليهودي، هل المسألة حالة عقدية أم ارتباط سياسي؟
التلاحمُ بين الغرب المسيحي والكيان الصهيوني هو تلاحم أنظمة خلقت هذا الكيان المسخ الموجود في فلسطين وزرعته في قلب الأمة العربية والإسلامية، وتضامنه هو حالة طبيعية. الغرب هو الذي أوجد هذه البذرة الخبيثة وكوَّنها، وهو الذي يمدها بكل أسباب البقاء، الكيان الغاصب هو في منطقة صغيرة جدا تسكنه طائفة صغيرة جدا من البشر والمحيط من حولها مسلم ومسيحي، محيطه حرّ، محيط به الملايين من البشر، فمن أين أتت أسباب القوة لهذا الكيان المغتصب لولا هذا الدعم الغربي المسيحي الهائل وهو ليس مسيحيا بالدرجة الأولى؟ لأن المسيحيين من أكثر الفئات تضررا داخل فلسطين من الصهاينة، بل إن أكثر من 20 بالمئة من المسيحيين هُجِّروا من فلسطين بسبب هذا الكيان ومستوطنيه الذين يؤذونهم صباحا ومساء وتصادَر كل ممتلكاتهم، هذا الغرب الذي يتذرع بالمسيحية هو علماني لا علاقة له بالمسيحية، هو في حالة تحالف كامل مع هذا الكيان الصهيوني ويرى مصالحه مع هذا الكيان.
وقوف الغرب إلى جانب الكيان هو حالة تحالف طبيعي ذو بعد استراتيجي، لكن هذا الغرب سيخسر لأن هذا الكيان لا يستطيع أن يصمد بعدما شعر بأنه سيتفكك بفعل هذه المقاومة الحرة وفعل التضامن الكبير التي ستقدمه أمتنا العربية.

جماعات تذم المقاومة وتردد أنها إخوانية لا يجب نصرتها ولم تمتثل لرأي الحاكم في بداية عملياتها العسكرية، ما الرأي الشرعي في المسألة؟
بعض الفلسفات التي تقدمها بعض المؤسسات التي تنتمي لقطاعات دينية أسستها منظومات السلطة والحكم في بعض المناطق وقدمت لها الدعم وأصبحت جزءا من منظومتها الأمنية والاستخباراتية في عدد من البلدان، تتولى عمليات الإرجاف والتحريض وبث الإشاعة والتشكيك في هذه المقاومة، ومن دعواها أن المقاومة تمثل قطاعات سياسية قد تكون إخوانية أو تابعة لإيران، أو هنا وهنالك نقول لها بشكل واضح إن هذه المقاومة مقاومة شعب، ولو ذهبت إلى كل أفراد الشعب الفلسطيني لن تجدوا أحدا يقول لا لهذه المقاومة، ولن تجد أي واحد في كاميرا من الكاميرات أمام أي شاشة من الشاشات المعادية يدعي ويقول إنه ضد المقاومة.
كل شعبنا على حالة واحدة من التضامن وعلى حالة واحدة من التأييد الكامل والانخراط، ولولا هذا التأييد الذي تحوَّل إلى حاضنة شعبية هائلة كبيرة لما استطاعت هذه المقاومة أن تسجل هذا الحضور الهائل، وأن تجد هذا التضامن الكبير من شعبها.
الشعب الفلسطيني يتعرض لأضخم عمليات إبادة، قصف وتهجير وتدمير، وعمليات ممنهجة لصده عن المقاومة لكنه يرفض ذلك، وهو يستمع لقادة المقاومة ويلتزم بها التزاما كاملا.
هذا الشعب لا ينتمي إلى جهة واحدة، ولكنه يحمل راية واحدة، وتديُّنُ شعبنا تدينٌ أصيل، وعندما اختار الانحياز لفئة أو تلك فإنما انحاز للفئة الأقوى في تنفيذ مقاومته لتحرره واستقلاله، ولو وجد شعبنا قوة أخرى تقاتل بإرادة حرة من أجل الاستقلال لانتمى إليها.
كل من يحمل راية المقاومة ويحرص فيها دون أن يخلط فيها من الدنيا وحساباتها فسيجد المواطنين معه داعمين وسائرين خلفه.
في فلسطين عندنا سلطة وهذه السلطة لها حكم ذاتي منحت لها الاحتلال والإرادة الدولية، لكنها عمليا ليست لها سلطة شرعية وإنما هي صورة أمر واقع، أشبه بسلطة بلدية لها امتيازات أمنية فقط، نحن لا نتحدث عن حاكم شرعي في ظل محتل يتحكم في كل شيء، هذه السلطة نعرف أنها بلا سيادة، وبالتالي لا يدخل في اعتبارها أنها ذات وضع شرعي كما يحدث في بلد آخر، ولا ينبغي الاستدلال بها في كيفية التعامل مع المقاومة الفلسطينية، وعدم وجود تأييد من السلطة الفلسطينية لها لأن الشعب الفلسطيني في مرحلة تحرر وطني وليس بناء كيان أو سلطة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!