الرأي

“الشكارة” لشراء الذم!

جمال لعلامي
  • 698
  • 3

من هذا الذي ولدته أمّه، بإمكانه أن يقنع الناس، بأن الذين تصارعوا وتحاربوا على “طابوري” السيناتور، هدفهم خدمة البلاد والعباد، والمشاركة في تشريع القوانين بما يخدم المصلحة العامة، وأن غايتهم، أو غاية أغلبيتهم الساحقة، حتى لا نضع الجميع في “شاشية واحدة”، هو خدمة مصالحهم الشخصية والآنية، ومصالح عائلاتهم وأقاربهم وحاشيتهم!
بعيدا عن الرابح والخاسر السبت في انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة، فإن المنتخبين في المجالس “المخلية”، البلدية منها والولائية، ممّن ربحوا العيب لبعضهم البعض، ولجأوا عموما وفي أحسن الأحوال وأسوئها، إلى خيار “الشكارة” لشراء أو حتى بيع لقب أو منصب السيناتور، الذي لم يعد يختلف كثيرا عن وظيفة “التراكتور” الذي ينطبق عليه المثل الشعبي الشهير القائل: “ألـّي حرثوا دكـّوا”!
مصيبة المصائب، أن لا الأحزاب ولا الإدارة ولا مجلس الأمة، نفسه، لجأوا إلى إحصاء نتائج السادة “الشيوخ” قبل الحديث عن التجديد النصفي، وكان الأولى بالجميع أن يملأوا كشوف نقاط السيناتورات، قبل أن يترشح الجُدد، ويحدث ما يحدث، ويغادر المغادرون، ويدخل الفائزون، من دون تقييم ولا وضع النقاط على الحروف ولا هم يحزنون!
السيناتورات مثلهم مثل النواب في المجلس الشعبي الوطني، ومثلهم مثل المنتخبين في “المحالس” البلدية والولائية، بعضهم يبحث عن أجرة الـ35 مليونا، وما يرافقها من امتيازات ومنحة بدل الكراء، وقرض شراء سيارة جديدة، وبعضهم الآخر لا يهمه كل هذا، بقدر ما يسيل لعابه على الحصانة لحماية استثماراته وتجارته من النبش وسؤال “من أين لك هذا؟”، ونوع آخر من “المزلوطين” يريد أن يستفيد من معاش مريح بعد تقاعده!
إذن، كلّ الأنواع المتهارشة في “الهوشة” المرعوشة بين الأحزاب “المفروشة” في انتخابات “السينا” وبرّلمان والمجالس المخلية، لا يفكرون إلاّ في أنفسهم وأبنائهم ومشاريعهم وتأمين مسارهم بالقانون الذي توفره لهم الحصانة، ولذلك، حدث ما يحدث، و”سال الدم” بين المترشحين في أكثر من منافسة، ولن تنتهي مثل هذه الحروب، إلاّ إذا أعيد النظر في شروط الترشح، قلبا وقالبا، وشكلا ومضمونا، وجسما وروحا!
من المفروض أن تجتهد الطبقة السياسية، لتكون الهيئة التشريعية، بغرفتيها العليا والسفلى، نموذجا جميلا للمواطنين والمسؤولين، أمّا وأن الأحزاب بكبيرها وصغيرها، يبرع في تهميش الكفاءات والإطارات وحاملي الشهادات، ويميل إلى أصحاب “الشكارة” ولمن يدفع أكثر، فهذا لن ينفع الهيئات المنتخبة اليوم وغدا، ولن يُساهم قيد أنملة في تغيير الوضع، وإقناع “الأغلبية الصامتة” بالعودة إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليها.. أفلا تعود الأحزاب إلى رشدها، وتُخرج الإدارة سيف الحجّاج؟

مقالات ذات صلة