-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تسببت في نشوب حريق بجامعة سعيد حمدين

الشماريخ تلغي احتفالات التخرج الجامعي

كريمة خلاص
  • 1628
  • 0
الشماريخ تلغي احتفالات التخرج الجامعي

تشهد الجامعة الجزائرية في السنوات الأخيرة انحرافا خطيرا في مظاهر احتفالات التخرج وبعض السلوكيات التي حولتها إلى قاعة حفلات مفتوحة على الهواء الطلق، مما جعلها تحيد عن الرسالة الأساسية التي وجدت لأجلها، بما يمس بسمعة وقدسية الحرم الجامعي، ولعل الحادث الذي وقع أوّل أمس في كلية الحقوق بسعيد حمدين ما هو إلا مؤشر على حجم تمييع التخرج الجماعي الذي يتحمل مسؤوليته الطالب والإدارة على حد سواء.

الحريق الذي وقع في كلية الحقوق سعيد حمدين بالعاصمة إثر احتفال طالبة بتخرجها في الماستر استعملت فيه الألعاب النارية يجعلنا نتوقف مليا عند نوعية الاحتفالات العلمية التي أصبحت “عراسية” بامتياز في حضرة الشماريخ والألعاب النارية والمفرقعات والكعكات ذات الطبقات وحتى ديكورات بالورود وحفلات بالديسك جوكي، يتغاضى عنها القائمون على تسيير ومراقبة الجامعة، ولعل ذلك ما فتح الباب واسعا لـ”إبداعات وابتكارات” المتخرجين في المزايدة على بعضهم في مظاهر الفرح التي خرجت عن سياقها العلمي.

إلغاء جميع مناقشات وحفلات التخرج للماستر

مباشرة عقب الحريق الذي شب في كلية الحقوق بجامعة سعيد حمدين، أعلن عميد الكلية عن إلغاء جميع مناقشات وحفلات التخرج للماستر المبرمجة ابتداء من يوم الثلاثاء.

وكشف ذات المتحدث، عن إلغاء حفل التخرج المقرر تنظيمه من طرف الإدارة بمعية الطلبة والتنظيمات الطلابية، فيما تتجه إدارة كلية الحقوق نحو مساءلة المتسببين في الحادثة..

طلبات زواج وأعياد ميلاد و”ديسك جوكي” في الجامعات

ومن المنتظر إصدار تعليمة وزارية صارمة، تمنع احتفالات التخرج بالألعاب النارية والشماريخ، من أجل وضع حد للتسيب الحاصل وتقنين الأمور وضبطها بما يعيد للجامعة هيبتها ومكانتها…

طلبة ينشغلون بالتفاهات بدل التحضير العلمي

وفي السياق، أفادت الأستاذة الجامعية الدكتورة “إلهام. ب” أنّ مظاهر الاحتفال خرجت عن شكلها العلمي وأخذت أبعادا أخرى، كما أنّ من بين أسباب تمييع حفلات التخرج هو أن التخرج بالنسبة للطالب مضمون ولا يهمه الدرجة أو التقدير بقدر ما يهمه الحصول على الشهادة، وبدل أن يحضر الطالب نفسه للمناقشة والإجابة على أسئلة اللّجنة، تجده يهتم بتفاصيل الحفل والمأكولات والأغاني والديكور وغيرها من التفاهات الأخرى، وحتى زملائه من الطلبة الذين يفترض حضورهم للإطلاع على مجريات المناقشة والاستفادة من أخطاء زملائهم يفضلون البقاء خارجا والانشغال بالتحضيرات والإجراءات المبهرة التي ستنطلق فور الإعلان عن النتيجة والتي زادت عن حدها.

وتشهد الدكتورة بأن البعض في وقت سابق كان يقدم على تنظيم حفل راقص على إيقاع “الديجي” وهو الأمر تداركته بعض الإدارات بالمنع.

وأشارت المتحدثة بأن الاحتفال بالتخرج ممنوع داخل القاعات بموجب إجراءات الحماية الموصى بها في إطار الاحتراز من كوفيد19، غير أنّ البعض يبدو أنّه لم يلتزم بها، مع عودة استقرار الوضعية الوبائية واستغلال بعض الثغرات للقفز عليها.

ولفتت الدكتورة الهام الانتباه إلى أن بدعة مظاهر الاحتفال المسجلة بقوة في الليسانس والماستر لا نجدها في احتفالات تخرج الدكتوراه التي تؤكد على النضج العلمي الذي بلغه الطالب ووعيه بما يمثله في المجتمع وكونه مثقفا حاملا لرسالة علم.

عروض زواج وحفلات أعياد ميلاد.. في الحرم الجامعي

الاحتفالات في الحرم الجامعي لا تقتصر على فترة التخرج فقط سواء في “الليسانس” أو “الماستر”، بل إنها باتت معممة ومتكررة طوال العام الدراسي من أكثرها حفلات أعياد الميلاد التي يجتمع فيها الطلبة على كعك يتشاركون في دفع ثمنه إلى جانب بعض الهدايا البسيطة والرمزية احتفاء بأحدهم في أجواء يعلوها ترديد الأغنية الشهيرة “سنة حلوة” وجلسات تصوير تذكارية.

وما يزيد من ميوعة حفلات التخرج هو عروض الزواج التي تعقب غالبا نقاش اللجنة والاحتفال مع الأصدقاء، حيث يعلن في حضرتهم على الطريقة التركية أين يجلس الرجل راكعا أمام من يريدها زوجة للإعلان عن رغبته في ترسيم العلاقة التي تكون قد جمعت الشخصين، ومباشرة عقب اعلان الفتاة القبول تتعالى التصفيرات والزغاريد والتصفيقات..

قوراية.. التراخي يؤدي إلى التمادي

اعترف البروفيسور أحمد قوراية الأستاذ الجامعي والمختص في علم النفس العيادي بأن الجامعة خرجت عن الميدان العلمي المعرفي الذي كانت تتسم به في السابق وتحولت من منبر العلم والمعرفة إلى منبر احتفالات  وبهرجة حفلات أعياد ميلاد، وهو ما أرجعه إلى  تراخي القيادات العلمية الجامعية ووزارة التعليم العالي التي أظهرت نوعا من التراخي في التسيير جعل هؤلاء يتمادون في احتفالاتهم التي تسيء للجامعة وحولت قاعات المناقشة إلى مفرغات بسبب مخلفات الحلويات والمشروبات التي لا ترفع من قبل البعض.

وقال قوراية “الاحتفال يترك أوساخا وبقايا حلويات ويؤثر على السلوك الجامعي التربوي وأحيانا كسرت طاولات ونشبت خلافات بين الطلبة وهذا يسيء للصرح العلمي والمعرفي”.

ودعا قوراية إلى ضرورة الفصل بين الاحتفال داخل الجامعة وخارجها فصلا حاكما وحكيما وأن تبقى الجامعة مسرح علم ومعرفة محاربة من يحرق جامعته ويتعدى عليها ويسيء إلى سمعتها”، وأردف المتحدث أن هذه السلوكات غير مقبولة ويجب محاربتها والتصدي لها، داعيا وزير التعليم العالي للتدخل بما يضع حدا لها ويجنب حرق الجامعات التي يجب أن تبقى منارة علم.

وقال أيضا “نحن نعيش في تحول اجتماعي كبير تغيرت فيه المفاهيم فالجيل الحالي عندما يفرح يقوم بكل شيء بلا حدود وقد تغيّب تلك النشوة عقله، ما يلحق الضرر بالآخرين وبسمعة الجامعة”.

وقسّم المختص نفسيات المتخرجين إلى أنواع منهم المسؤولون الذين يفرحون في أطر علمية بحتة.. ومنهم العنيفون المستهترون عديمو المسؤولية الذين لا يقدرون القيمة الاخلاقية والاجتماعية للجامعة ولا وزن ومكانة الطالب والأستاذ وهناك أيضا النفسية المرضية التي تطلق العنان لعدوانيتها في أول نجاح أو انتصار وتتلذذ عندما تسيء وتشعر بالافتخار.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!